شدّ الوجه.. مواجهة بين العمر وخبراء التجميل

 

التقدم في العمر وظهور آثار الشيخوخة، مثل التجاعيد والخطوط في الوجه، بعض هواجس تدق ناقوس الخطر لدى المرأة، معلناً بداية العد العكسي لساعتها البيولوجية، ومؤذناً بفقدانها نضارتها وحيويتها وجمالها.. غير أن أطباء وخبراء التجميل حاولوا دحر العدو، أي «التجاعيد» ـ ومازالوا ـ بغية إبعاد شبح الترهل عن وجه المرأة وجسدها، والرجل كذلك. وكانت الجراحة الحل الأول لشد الوجه، عملية جراحية فنية، إلا أن الكثيرين استطاعوا ابتكار تقنيات وعلاجات بعيدة عن استعمال التخدير والمقصات والقطب، فاعتمدوا  على حقن الوجه بـ «السيليكون» و«البوتوكس»، في حين اعتمد آخرون على مواد طبيعية وفيتامينات والتقشير وغيرها..

 

عمليات وتقنيات

تُعنى عمليات شد الوجه بتصحيح ارتخاء الجلد والعضلات الضعيفة، والتخلص من الدهن الزائد في الوجه ومنطقة العنق، وقد اعتمد أطباء التجميل تقنية الجراحة بغية شده، وإخفاء التجاعيد وآثار الشيخوخة في مناطق مخفية مثل خلف الأذن والرقبة، لمدة طويلة تصل إلى خمسة أعوام، مستعملين المخدر الموضعي لإجراء العملية التجميلية، غير أن بعض الآثار الجانبية كانت تشكل مشكلة واضحة للعين، خصوصاً التورم، والضعف في أحد فروع العصب الوجهي لفترة زمنية غير محددة، والتهابات الجلد، والندوب. وبعيداً عن العمليات، نشطت الإجراءات البديلة كحقن «البوتوكس» في القسم العلوي من الوجه، والشحوم والكولاجين و«الرستالين» لتخفيف التجاعيد، والهاريولونيك أو تقشير البشرة بالليزر..

 

وتعد «البوتوكس»، المكونة من «بوتيولينيوم» و«توكسينز ألف»، من أكثر المواد خطراً على الإنسان، لاحتوائها على سم «زعاف» المستخرج من مرارة التمساح، والذي يوقف حركة الأعصاب المحيطة بالعضلات، بغية شلها وإيقاف حركتها، غير أنه حل مؤقت للتجاعيد، لأنه يوقف نشاطها لفترة ولا يملؤها، فضلاً عن أنه يعيق حركات التعبير في الوجه، ما يسبب شعوراً بعدم الراحة. أما «الرستالين»، فهي مادة مكونة من الحمض الهيلوروني، الشبيه بالمادة التي تنتجها البشرة، بغية المحافظة على رطوبتها ونضارتها، وتحقن هذا المادة داخل الجلد لشد البشرة والتقليل من الترهل، كما يمكن استخدامها في معالجة التجاعيد وملئها وإعادة تشكيل الشفاه وتكبيرها، وإخفاء الخطوط الرفيعة حول العينين والجبهة والفم.

 

ومع مرور الوقت، ابتكر علماء الطب وعالم التجميل تقنيات وابتكارات عدة، في محاولة لمحاربة الشيخوخة، مثل الشد بالخيوط الذهبية والتقشير ونقل الدهون وغيرها من الطرق التي تعطي نتائج متفاوتة، وتعد عملية شد الوجه بالخيوط الذهبية، غير الجراحية، من أنجح التقنيات، بفعل التداخل بين الخلايا والخيوط المصنوعة من ذهب 24 قيراطاً مع حامض «الجلوكول»، والتي تزرع من خلال فروة الرأس، لتصل إلى الأنسجة المتجعدة وتشدها، بغية الحصول على أفضل نتيجة ممكنة، تدوم ما بين خمسة و10 أعوام، خصوصاً أنها لا تترك أي آثار جانبية، مع ظهور للنتيجة الإيجابية بعد أربعة أسابيع.

 

في حين تشكل عملية نقل الدهون أسهل الحلول وأكثرها أماناً، لأنها تعتمد على نقل الدهون من الأرداف أو البطن، بعد تنقيتها من الشوائب، خصوصاً في حالات ضمور الوجنتين وظهور أكياس تحت العينين، فضلاً عن أنها تدوم ما بين عامين وثلاثة أعوام.

 

تُجار التجميل

ولا يخفي رئيس شعبة جراحات التجميل في جمعية الإمارات الطبية علي النميري امتعاضه من الأطباء المخادعين، التجار، الذين يأتون إلى العالم العربي ودبي بغية تسويق منتجاتهم ومستحضراتهم غير المعروفة، قائلاً «يعتبرنا الغربيون سوقاً للاختبار، بحيث يجرون تجاربهم على العرب، وكأنهم حيوانات مخبرية»، مطالباً الناس بالامتناع عن شراء أدويتهم غير معروفة المصدر والتأثير. ويدافع النميري عن وجهة نظره، قائلاً «يتوجب أن تخضع هذه المواد لفحص من قبل الجهات المختصة في الإمارات قبل طرحها في الأسواق»، فضلاً عن رعايتها ودعمها بدعوة رسمية موجهة من جمعية الإمارات الطبية ووزارة الصحة، وإلا تعتبر تسويقاً لبضائع ومستحضرات غير ناجحة في الغرب.

 

ومن الناحية الطبية، يؤكد النميري، أول طبيب جراحة تجميلية في الإمارات، أن معالجة التجاعيد وإمكانية إخفائها تنجح، لكن ضمن حدود معينة، مشدداً على أهمية معرفة الأسباب المؤدية لها، من خلال فحوص مخبرية متخصصة، موضحاً أن الأسباب تختلف من شخص إلى آخر، نافياً نجاح العلاجات التي تعتمد في كل الحالات لجميع أنواع البشرة. ويوضح النميري أن أهم مسببات التجاعيد هي تقدم السن الذي يتسبب بالقصور النوعي والكمي لمادة الكولاجين، الموجودة في طبقات البشرة العميقة «الأدمة»، وتَلَف شبكة الألياف «الايلاستين» التي تمنح الجلد المرونة، ما يؤدي إلى قلة التروية وجفاف البشرة.

 

وعلى الرغم من وجود أسباب وراثية كضعف مضادات الأكسدة وكسل كريات «الكانسة» البيضاء، يشير النميري إلى أن قلة تغذية البشرة بالسوائل والمرطبات والفيتامينات مثل الأحماض الأمينية وفيتامينات « أ » و«ب» و«ج» والكالسيوم والزنك والمغنسيوم تضر بالبشرة، كذلك انخفاض عدد الخلايا الحية المكونة للطبقة القاعدية، والتي تحل مكانها تلك الميتة، والسموم الخارجية التي تقتحم الطبقات الداخلية، والتعرض لأشعة الشمس المضرة التي تؤذي بشرة الوجه والجسم على حد سواء، مفسراً ذلك بوجود الشيخوخة الضوئية المتأتية عن تلف الخلايا المتقرنة والصبغية، فضلاً عن التدخين والاستعمال الخاطئ لمستحضرات التجميل والقصور الهرموني بعد سن اليأس.

 

وبغية معالجة مشكلة التجاعيد، ينصح النميري النساء بتناول نظام غذائي صحي وسليم، والكثير من السوائل، وترطيب البشرة، لتحفيز كريات المياه في الجلد، كمعالجة أولية ومبدئية، وفي حالات التروية الدموية الضعيفة، الناتجة عن التدخين ومادة النيكوتين التي تمنع وصول الأوكسجين إلى الأوعية الدموية، حيث تظهر التجاعيد الأفقية عند الفم، والعمودية بالقرب من العينين، فضلاً عن الخطوط الجبهوية، لافتاً إلى أن الخطوة الأهم تكمن في الإقلاع عن التدخين. ولأن التجاعيد ليست مشكلة أحادية أي «سبب» فقط، يشدد النميري على وجوب الحماية، والقيام بفحوص دورية، وتفادي الأسباب.

 

في سياق آخر، يرفض النميري استعمال مادة «السيليكون» لخطورتها، وتأثيرها السلبي في حياة الإنسان مثل إحداث ضمور في طبقة الأدمة، موضحاً بأن تقنيات شد الوجه تنوعت وتعددت، فضلاً عن أن الكثير منها يعطي نتائج إيجابية.

 

وبعد الإصابة بمرض التجاعيد، يشير النميري إلى نوعين من العلاج، الأول جسماني، يؤخذ عن طريق الفم، والثاني موضعي، كالكريمات أو الحقن والتقنيات الجديدة، أو أخذ النوعين معاً.

 

ومن بين الأدوية الجسمانية، يقول النميري إن المشكلات عادة ما تشخص قبل العلاج النوعي، حيث يعطى المريض حاجته من الدواء، مثل حبوب الزنك والماغنسيوم، التي توسع الأوعية الدموية، الناتجة عن ضيق الشرايين الدموية. في المقابل تفنن خبراء واختصاصيو التجميل في ابتكار التقنيات الموضعية، المقسمة إلى علاجات سطحية وأخرى عميقة.

 

بالنسبة إلى العلاجات السطحية جداً، يشير الطبيب التجميلي إلى كريمات تدهن على البشرة وتحسن نضارتها، كالأحماض، أو التقشير الكيميائي المكون من ثالث كلورات الخل، الفينول، حامض اللبن والفواكه وأكسيد الغلايكوليك، والأسبرين الحامض، حيث تُزال البشرة المتقرنة، غير أن نتائجها لا تدوم أكثر من أربعة أشهر. في المقابل، يؤكد النميري نجاح عمليات حقن داخل البشرة بمواد طبيعية، على طريقة mesotherapy، التي تدخل إلى العمق، وتتفاعل مع الخلايا الداخلية. وعن هذه العلاجات، يقول النميري إن بعضها يطبق مرة واحدة فقط، وبعضها الآخر يتطلب التجديد المستمر، مضيفاً أن خليط «الميزوثيرابي» مع عصارة السيروم الذاتي، التي تجرى مرة واحدة، تقوم على خلط مواد طبيعية مع سيروم المواد الأصلية التي تستخرج من الجلد، ويقول «نحفز عمل الكولاجين كيميائياً ثم نخلطه بالفيتامينات، ونحقنه في الوجه والرقبة»، ليدوم نحو 10 أعوام.

 

يشد ويبني

«وداعاً للشيخوخة، وليس لتقدم السن»، هو الشعار الذي رفعه طبيب التجميل الفرنسي موريس دراي، خلال مؤتمره الصحافي الذي عقده في دبي، بغية إطلاق تقنية جديدة لشد الوجه خلال 10 دقائق، من دون أي تدخل جراحي، ليكون ابتكاراً بعيداً عن الأساليب التقليدية المعتمدة كالسيليكون والمواد المضرة بالبشرة والصحة، لإيمانه بأن جمال المرأة يكمن في تألقها الطبيعي، قائلاً إنه فنان قبل أن يكون طبيباً تجميلياً، حيث صرح عن قدرته على جعل الجنس اللطيف ـ والخشن أيضا ـ جميلات ومشرقات على الدوام، لكنه أوضح أنه لا يستطيع تحويل امرأة في الـ80 من عمرها إلى فتاة في الـ20 مستشهداً بقول فرنسي مفاده «نعطي الحياة للعمر، وليس العمر للحياة»، ويقول إنه لا ينصح بشد الوجه قبل عمر الـ.30   وقد ابتكر دراي علاجاً مكوناً من فيتامينات ومواد طبيعية منشطة ومضادة للأكسدة مثل الفوسفات ثلاثية الكالسيوم في محلول من حمض الهيالورونيك، وقال «قدمت علاجاً فريداً من نوعه يشد الوجه، ويحث الكولاجين في البشرة على التفاعل إيجابياً»، بمناسبة تحفيز البشرة على تكوين المزيد من الكولاجين بنفسها وتلقائياً، مؤكداً عدم وجود أي آثار جانبية، وإمكانية تطبيقها على أنواع البشرة، وعلى النساء  والرجال على حد سواء.

 

يعتمد دراي، الذي يشرف طبياً على علاجات تمنح الجلد الحيوية والتألق مثل تقنيات مقاومة الشيخوخة واستعادة الشباب و«فوتو بييل» وحمض الهيالورونيك، على حقن المناطق المترهلة من البشرة، خصوصاً عند الوجنتين، بمستحضره الجديد، بعد أن يدهن البشرة بمادة لزجة شفافة اللون، ومسحها بقطعة من الثلج، بغية التخفيف من وقع وخز الإبرة، ويقول «كل بشرة تحتاج إلى كمية معينة من مستحضر فوسفات ثلاثية الكالسيوم»، غير أنه يحاول دوماً الحفاظ على الشكل الطبيعي للوجه، لأنه يستخدم مواد طبيعية، بعيدة كل البعد عن «السيليكون» و«البوتوكس»، اللذين يجعلان الوجه قطعة جامدة. وبعد حقن الوجه ودهنه بمرهم، يقوم بتدليك الوجه عمودياً، كي يوزع المادة بشكل متوازٍ، ويشير إلى أن مفعولها يدوم نحو عامين، حيث يضطر المرء إلى إعادة ملء المناطق المترهلة، لكنه يشدّد على أن الزبونة تشعر بالتغيير مباشرةً، في حين تظهر النتيجة الفعلية بعد أسبوعين فقط.

 

ويوضح الطبيب الفرنسي، الذي أسس مختبراً خاصاً في مدينة تولوز الفرنسية وابتكر تقنيات عدة للعلاج التجميلي من المواد الطبيعية تستخدم يومياً وأسبوعياً وشهرياً، أن علاجه الجديد صحي ومفيد لقدرته على حث «الكولاجين» على تقوية البشرة وإكسابها النضارة، قائلاً إنها تصبح مصنعاً ذاتياً في الوجه والرقبة، باستثناء الفم، الذي يحتاج علاجاً آخر. وبالنسبة إلى منطقة «ما حول العينين»، يشير دراي إلى إمكانية تطبيق علاجه، غير أنه يفضل علاجاً خاصاً، إذ لا يجوز شد هذه المنطقة الحساسة، لذلك ينصح باستعمال مواد ذات تركيبة بسيطة وخفيفة.

وفي سياق آخر، ينفي دراي احتواء مستحضره على مواد سامة، أو شبيهة بتلك الموجودة في «السيليكون» أو «البوتوكس»، مفسراً أنه يحاول أن يشد البشرة ولا يملأها معتمداً على التركيبة الطبيعية للبشرة، ومؤكداً نجاح تقنيته، الخالية من أي سلبيات أو مخاطر، ما عدا بعض الاحمرار الذي يختفي بعد فترة زمنية قصيرة.
 
 

دراسات حديثة

في ظل هجمة النساء نحو عالم التجميل، أكدت هيئة الأغذية والعقاقير الأميركية أن معظم كريمات محاربة الشيخوخة تؤذي البشرة، وتسهم في تراجع نضارتها وزيادة التجاعيد فيها، بسبب الأحماض التي تزيد من حساسيتها تجاه أشعة الشمس المضرة، المؤدية إلى الشيخوخة والتجاعيد.

 

كذلك حذر أطباء في جامعة «وندسور» الكندية من مخاطر مستحضرات التجميل، حيث نصحوا النساء بعدم استعمالها قبل معرفة كيفية استعمالها وماهية مكوناتها، لأنها قد تسبب أمراضاً سرطانية.  في المقابل أوضحت دراسة صادرة من قسم الاستشارات الجلدية في مركز «هاي بوينت» الأميركي، أن بعض المواد التجميلية قد تكون مفيدة وفعالة لمحاربة التجاعيد مثل «أكسيد نيكوتينيك»، وإمكانية إخفائها بواسطة المستحضرات المرطبة والمصنعة كيميائياً من الفيتامين «أ»، مثل Retinoids.
 
أما «سيناك»، فهو مستحضر جديد مشابه للـ«بوتوكس»، مستخلص من سم الأفاعي، غير أنه مرهم يدهن على البشرة يومياً، ويحافظ على نضارتها ويحميها من التجاعيد. في المقابل، أشار علماء في مركز بوسطن الطبي الأميركي إلى أن تفاعل اللون الأزرق مع مادة خاصة تدهن على الوجه، يؤدي إلى تساقط الخلايا الميتة عن تلك الداخلية بعد أسبوع من الخضوع للعلاج بالضوء الأزرق، لتحل مكانها خلايا جديدة، لتكون بديلاً عن عمليات التقشير الكيميائي، إلا أنها أقل نجاحاً من إعادة تسطيح الجلد بواسطة الليزر، فضلاً عن أنها مكلفة جداً.
 
أما علاج التجاعيد بذبذبات الراديو، فتعمل على تكوين الكولاجين، وإعادة تماسك الجلد مجدداً، بعد أربع جلسات فقط.
تويتر