ثابت..لغز يحيّر سكان "الجافلية"

      
يعيش عجوز يُدعى ثابت (75 سنة) بالشارع، في منطقة الجافلية في دبي، وتحديداً في ممر ضيق  بين مسجد الشيخة لطيفة وأحد المنازل القديمة، يرقد مفترشاً الأرض وتغطيه السماء، فراشه مهترئ ووسادته ممزقة، تستر جسده النحيل ملابس متسخة، وغطت ملامح وجهه الأسمر والمجعد لحية بيضاء تكشف عن هرمه. 

 

يعتقد سكان المنطقة بأن ثابتاً الذي شاهدوه في المنطقة منذ أكثر من عام، مواطناً من إمارة دبي، تخلى عنه أهله وسكان الشارع، فيما يرى آخرون أنه إيراني الجنسية لا عائلة لديه، كان يعمل حمالاً في ميناء دبي، غير أن تقدمه في السن وإصابته بالخرف دفعاه للبقاء في الشارع دون مأوى، لكن تعذر الحصول على رواية أكيدة، يجعل من الرجل العجوز لغزاً في حاجة إلى حل.


على مدى أيام رصدت «الإمارات اليوم» تحركات ثابت، الذي يقوم في الصباح قاصداً الكافيتريا المجــاورة لمسجد الشيخة لطيفة، يتناول قطعة صغيرة من الخبز والجبن، ويهــيم على وجهه دون هدف، لا يتكلم مع أحد ولا يؤذي أحداً، غير أن شكلــه الغريب وملابسه الرثة وقدماه الحافيتان، يدفع المارة للفضول ومحاولة معرفة سر هذا العجــوز، وبعضهــم يتحاشون المرور بجانبه خشية أن يؤذيهم، ومع حلول الظهــر يجــلس ثابت في فراشه الممزق، ينتظر من يمد له لقمة يتناولها، وفي أحيان كثيرة يبقى الطعام على حاله ليكون من نصيب الحشرات والذباب، ويبقى هكذا حتى حلول الليل.

 

تحدثت «الإمارات اليوم» مع العجوز ثابت، وسألته عن قصته، فأجاب وهو يحاول التذكر قائلاً: «اسمي ثابت بن ثابت،  مواطن من دبي، أشعر بالراحة ولا أريد شيئاً من أحد (الحمد لله)، ولا أحتاج مساعدة أحد، أريد فقط أن أنام ويتركني الناس في سلام».

 

صمت ثابت واعتدل في جلسته وبدأ يتأمل المكان ويتفحص أركان وزوايا الممر الضيق، بعد أن تجمع حوله بعض سكان المنطقة، في محاولة منهم للتحدث إليه بلغات أخرى (الفارسية والأوردو) إلا أنه لم يلتفت لأي منهم وغادر فراشه، تاركاً الجميع حائرين عاجزين عن تحديد هويته ومكان عائلته.  


يقول أحد قاطني المنطقة، إشفاق، سائق تاكسي، إن «العجوز ثابت ينام في الشارع منذ قرابة العام، على الرغم من محاولة الكثير من سكان المنطقة تقديم المساعدة له، إلا أنه يقاوم ذلك التغيير بشراسة».

 

يتابع إشفاق «أتذكر في أحـد الأيــام اخــتفى ثابت عن المنطقة لأول مرة، دون أن يظهر إلا بعد يومين بمـلابس نظــيفة ولحية محلوقة، ولكن سرعان ما عاد لوضعه الســابق جراء الإهــمال وعدم النظافة، يشاع أنه مــواطن من دبي ولا أعــرف حــقيقة ذلك». 

 

وأفادت سيدة باكستانية تقيم في المنطقة، تدعى نسيمة، بأن «العجوز ثابت مصاب بالخرف نتيجة تقدمه في العمر، فتصرفاته تدل على ذلك، فتارة تجده يدندن وتارة أخرى تجده يطالع السماء، وفجأة ينتفض من فراشه وينظر للشارع ويعود على الفور ليتابع تأمله»، متسائلة: «لماذا رجل في عمر ثابت يلقى في الشارع بصورة مهينة دون رعاية أو اهتمام؟». 

 

وأضاف صاحب الكافيتريا المجاورة: «أتألم لرؤية العجوز ثابت بهذا المنظر فمشهد نومه في الشارع في الصيف والشتاء يمزق القلب، أعتقد بأنه إيراني الجنسية ولديه عائلة، إلا أنــه لا يريد العيش معهم، في أحد الأيام رأيت سيدة تحاول التحدث إليه إلا أنه رفض، فقدمت له مبلغاً من المال ورحلت، وكل أسـبوع تأتي لتعطيه مبلغاً آخر». 


وأبدت إحدى ساكنات منطقة الجافلية، المواطنة أم فاطمة، استياءها من الوضع المأساوي الذي يعيشه العجوز ثابت، قائلة: «شاهدت العجـوز قبل شهـرين تقريـباً أثناء عودتي إلى منزلي الواقع في المنطقة ذاتها، واستوقفني منظر الرجل النائم في الشارع، فتوجهت إليه لمساعدته إلا أنه رفض المساعدة».


وتتابع أم فاطمة: «العجوز ثابت موجود بشكل يومي في نفس الشارع، وينام على الفراش ذاته ويرتدي الملابس نفسها».    
 

تويتر