«ليلة ياسمين».. في ذكرى نزار قباني
|
|
أهي ذكرى الشاعر الكبير نزار قباني حقاً ؟ سؤال مشروع في ظل تضاؤل عدد حضور أمسية «ليلة الياسمين» التي تجملت مؤسسة العويس لاستضافتها، أول من أمس، ولم يلبها سوى نحو 20 شخصاً من بينهم قدر كبير ممن تحتم عليهم مهام عملهم الوجود في هكذا مناسبة، وهو أمر، رغم كونه جزءاً من إشكالية عزوف الجمهور عن حضور الفعاليات الثقافية بشكل عام، إلا أن المدير التنفيذي لمؤسسة «العويس» الثقافية عبدالإله عبدالقادر عزا السبب إلى «أشغال الطرق المتعلقة ببعض المشروعات الحيوية في شارع الرقة ما يعيق سهولة الوصول إلى مقر المؤسسة».
الحضور المتواضع جاء على النقيض من زخم «ليلة الياسمين» وهو الاسـم الذي اختارته «العويس» للدلالة على أمسية الوفاء لأحد مكرميها في دورة جوائزها الإبداعية الثالثة عن مجال الشعر، عبر إلقاء مميز للإعلامية بـروين حبيب، وبمصاحبة أداء عازف القانون اللبناني غسان سحاب، اللذين تفاعلا بشكل دائم مع إبداع الشاعر الراحل رغم اختلاف الأجواء النفسية للقصائد .
إلى ذلك لم تكن «ليلة الياسمـين» زكية الرائحة تماماً، بسبب رائحة البارود الآتية من بيروت، رائحة اختلطت بقصيدة نزار الشهيرة «بيروت الحـب والمطر»، التداخل بين الوطن والحبيبـة كان الشيفرة التي مدت جسراً بين أشعـار قباني التي ألقتها حبيب وبين الحضـور، لتواصل إلقاء «جسمك خارطتي» بعد أن انحازت مكانياً إلى إحدى باقتي ورد تموضعا على يمينها ويسارها لتنـشد «غرناطة»، ثم قصيدة «الحزن» التـي تطرق فيها قباني إلى بعض أحياء بـيروت الصاخبة وذكرياته في مناطق «الروشـة»، و«الحمراء»، وإذا كان قباني قد أقر على لسان معشوقته في قصيدة «لوليتا» بأن عمرها صار 15 عاماً، وأن « كل شئ صار أخضر» في عينيها، وأنها بحاجة ماسة إلى«كلام في الحب» حتى «لو كان كذباً»، فإن سناً أكثر نضجاً وهبه إلى «جميلة بوحيرد» في القصيدة التي عنونها باسمها حيث يقول على لسـانها أيضاً : «الاسم: جميلة بو حيرد، السن: 22 عاماً».
وفاء ذكريات المناضلة ورغبتها ليس باللون الأخضر أو كلام في الحب، بل «حروق في الحلمة»، أما تعليقها فـ «يا للعار»، وهما قصيدتان اختارت حـــــبيب، التي حصلت على درجة الماجستير من جامعة عين شمس بالقاهرة برسالة في «تقنيات التعبير في شعر نزار قباني»، أن تكونا متتاليتين في الأمسية لأغراض المقارنة الأسلوبية في نمطين شديدي التباين في أشعاره. ورغم تفاعل الحضور مع قصـيدة «إلى تــــلميذة» إلا أن ذروة هذا الـــــتفاعل لم تتم إلا عبر القصائد التي قام بعض المطربين بغنائها، وبشكل خاص قصيدة «أيظـن» التي غنتها الفنانة نجاة، والتي مطلعها : «أيظـــــن أنني لعبة في يديه»، وقصيدة «الحزن» التي اشتهرت بصـوت الفنان كاظـم الساهـر، ومطلعها: «علمني حـــبك أن أحـزن». وفي حين اختتمت حبيـب بعبـارة قباني الشعرية «20 ألـف امرأة أحبـبت» اختتـم د. عبدالإلـه عبدالقـادر ببعض أبيات الراحـل التي قـال في ختـامها: «كـل الكـتابات قبـلك صـفر، وكل الكتابـات بعدك صـفر»، ليـؤكد أن تكـريم قبـاني جـزء مـن وفـاء «العـويس» للـحـاصلــــين عـلى جـوائزها»، مشـيراً إلـى «أنـه يحـدوه الأمــــل فـي أن تتمـكن «المؤسـسة» من تكريمهم جمـيعاً بشـكل دائـم». تعويذة بروين حبيب، التي ارتدت فستاناً أسود، في الذكرى الـ10 لرحيل نزار قباني، قالت : «من 10 سنوات ارتديت هذا اللون حداداً على فراقه، إحيائي لهذه الذكرى بالنسبة لي أقل الوفاء، بعد أن أنجزت رسالة الماجستير في شعره وعرضتها عليه في حياته، فمن أشعاره ارتشفت الكثير، وعلى هامشها أمضيت جزءاً من طفولتي وكامل مراهقتي، أما في الجامعة فقد اعتبر د. صـلاح فضــل أن أشعـار قباني بمثابـة تعويـذة سحـرية تحفني دائماً». |