مبرّرات «الضحايا»!!

سامي الريامي

 

 تلقيت أمس العديد من الرسائل الإلكترونية من قبل عدد من «ضحايا» المحافظ الوهمية، وذلك رداً على مقال «معاقبة المحتالين والضحايا»، وجميعهم يبررون كيفية انجذابهم لصاحب المحفظة، ويدرؤون عن أنفسهم تهم الطمع، والاستعجال، والاندفاع وراء المال من دون تعقّل أو تفكّر!! عموماً تفاوتت آراء الضحايا، في كثير من الأمور إلا أنهم اتفقوا جميعاً على أن الأسباب الرئيسة التي جعلتهم ينساقون وراء هذه المحافظ، تتمثّل في انتشار ظاهرة الغلاء في مناحي الحياة كافة، وصعوبة الوضع الحالي مع تعاظم المسؤوليات، خصوصاً مع الارتفاع المستمر في أسعار الأغذية والمدارس والإيجارات وغيرها من الأمور!!

كما يتفقون أيضاً على أن تذبذب سوق الأسهم، إضافة الى ضعف المردود الاستثماري لودائع البنوك والمصارف جعلهم يتحاشون استثمار أموالهم في هذه الجهات، وأحدهم يقول «كنت مودعاً أموالي لدى أحد البنوك المحلية على شكل وديعة، وكانت تدر علي بعض المبالغ التي لا تكفي لشراء كيس قمح سعة 50 كلغ». كما يؤكدون أن الأخبار المنتشرة عن تعاظم أرباح العقارات، والتي يسمعون الكثير والكثير عنها، جعلتهم يعتقدون أن هذه المحافظ تستثمر في هذا القطاع، وتالياً فإنه من الطبيعي جداً أن يصل العائد الاستثماري الشهري إلى 30%!!

أما الغريب في الموضوع، وردّاً على نقطة «ذهابهم بأرجلهم الى أصحاب المحافظ الوهمية»، قال معظمهم إنهم ذهبوا بناءً على نصائح وتوصيات وأحياناً كثيرة «إصرار» من أصدقائهم أو أقربائهم، وأحياناً إخوانهم، والذين يثقون فيهم ثقة عمياء، تجاهلوا معها شكوكهم ومخاوفهم من أصحاب المحافظ!! ويقول أحدهم واصفاً الأجواء العامة لطريقة عمل المحفظة : «نحن كمشاركين في المحفظة الوهمية التي ألقي القبض على صاحبها، لم نستطع الوصول للمتهم، ولم نره، ولم نجلس معه، كما لم نطلب منهم أي ضمانات أو إثبات، ولكن كان الأمر يبدو بمنتهى الجدية، والمكان الذي يجتمعون معنا فيه صالة فندق كبير، ونرى الملايين توضع على الطاولة حتى بان الأمر كأنه صحيح»!! 

وكما اتفق معظم القراء «الضحايا» على الأسباب السابقة، أجمع الجميع على ندمهم، وأقرّوا بخطأ الفعل الذي اقترفوه، حيث يقول أحدهم: «أنا اعترف بأني وقعت في فخ، ولكني تعلمت أن الإنسان لابد أن يبذل جهداً كبيراً، ليحصل على ناتج كبير، والله سبحانه وتعالى قادر على أن ينصفنا، والقانون كذلك، وحتى لو خسرنا أموالنا كلها، يكفينا أننا تعلّمنا من غلطنا، ولا جدوى الآن من اللوم والعتب»!!

مقال الأمس الذي «لوّمت» فيه الضحايا بشدة، لم يكن أبداً من باب التشفّي، بقدر ما كان بهدف الحرص، كما أنه كان يحمل الدهشة والاستغراب من سهولة اقتناع البعض بحيل وأساليب نصب قد تكون مكشوفة، ولا يعني ذلك أني لست مع معاقبة المتهمين، بقدر ما أعني التنبيه من باب زيادة الوعي.

 ومهما برّر «الضحايا» أسباب اندفاعهم، إلا أني مازلت أرى أن «الطمع» هو السبب المباشر، فارتفاع الأسعار لا يعني أبداً الانجرار نحو أمور مشبوهة، حتى لو كان ذلك بـ«حسن نية»، لأنه وكما يعرف الجميع، فإن النصّابين يجدون ضالّتهم دائماً في حسني النوايا !!  
 
reyami@emaratalyoum.com
تويتر