أقول لكم
|
|
يحق لإيهود أولمرت أن يحتفل بالخامس عشر من مايو، وأن يفرح مع كل يهود العالم بهذه المناسبة، وأن يرقص أيضاً، تماماً كما يحق لنا نحن أن نتباكى على اليوم الذي مُسحت فيه فلسطين عن خريطة العالم لتقوم دولة إسرائيل، وأن نتذكر آلام وأوجاع الشعب الأبي الذي يرفض أن يستسلم لقدر صنعته دهاليز السياسة وصفقات السماسرة.. هذا تناقض تفرضة حقيقة الفارق ما بين الغاصب والمغصوب، وكما القاتل والمقتول، وكذلك المعتدِي والمعتدَى عليه، ففي كل فعل خيّر أو شرير هناك تضادات في الأوصاف والمعاني والنتائج، فائز يفرح ومهزوم يحزن، وضارب يتفاخر ومضروب يتوجع.
أما جورج بوش، رئيس الولايات المتحدة الأميركية فليس له حق في كل ذلك، فلا هو من الفرحين بقيام دولته، لأنه ليس إسرائيلياً أو يهودياً حتى، وليس من المكلومين، ولو ذهب إلى فلسطين مسـانداً لقامت الدنيا تحت أقدام الصهاينة في كل العالم، ومشهد جيمي كارتر الرئيس السابق وعرّاب «كامب ديفيد» مازال عالقاً بالذاكرة، حيث منع جبراً من زيارة غزة، ولكن الرئيس الذي مازال في البيت الأبيض ذهب ليحتفل بقيام الكيان الغاصب، وهنّأ القاتل، وبارك عدوانه واحتلاله، وسـاند الشر على الخير والباطل على الحق، فجاءت زيارته في نفس يوم الجرح النازف كريهة، ولا أقول مكروهة، وأعيدها مرة أخرى للتأكيد، هي زيارة كريهة، لا يقدم على مثلها إلا من كان بمستوى جورج بوش الذي يسجل وبامتياز المرتبة الأولى من بين كل رؤساء الولايات المتحدة الذين سبقوه طوال قرنين من الزمان، وهي المرتبة الأولى في المساوئ وليست الحسنات، ويكفيه أنه حاصل قبل أسابيع قليلة على شهادة «أسوأ رئيس أميركي من حيث الشعبية والتأييد»، وقبلها كان الأول أيضاً مع مرتبة الشرف في «أكثر الرؤساء إساءة لمبادئ الحرية والديمقراطية التي قامت عليها أميركا»، كما منح بلاده أيضاً لقب «أكثر الدول المكروهة في التاريخ»، والغريب أنه وقف ذات يوم في بارجة حربية ليسأل لماذا يكرهنا الآخرون؟ ولكنه لن يسأل بعد زيارته لتهنئة إسرائيل على ذكرى قيامها الستين عن الحب والبغض، فاليوم حتى الذين يطرحون فكر التسامح لم يستوعبوا هذا الانحياز المستفز، وقد كرهوه .
|