«النكبـة» تطفو على شـاشـة كان و«البيبي دول» أطفأ النجوم
نور الشريف وجمال سليمان في مشهد من فيلم "البيبي دول". وكالات حضرت السينما العربية أول من أمس عبر فيلمين في الدورة 61 من مهرجان كان السينمائي، الأول فلسطيني حمل عنوان «ملح هذا البحر»، والثاني مصري هو «ليلة البيبي دول»، وعلى تباينهما، فإنهما حملا القضايا العربية الساخنة، لكن كل على طريقته وليلاه.
النكبة طفت أول من أمس على سطح شاشة عروض مسابقة «نظرة ما»،إذ حضرت بقوة عبر الفيلم الفلسطيني «ملح هذا البحر»، وفي يوم ذكرى مرور ستين عاما عليها. خصوصية الفيلم وما يتصدى إلى تقديمه أخر العرض، ومنح ما يقرب نصف الساعة لظهور مخرجة الفيلم آن ماري جاسر وبطلي الفيلم صلاح بكري وسهير حمد، والمنتج جاك بيدو والممثل الأميركي داني كلوفر المسهم في الانتاج، الذي بدا في غاية السعادة لأن هذا الفيلم قد تحقق، وحين مُنحت الكلمة إلى آن ماري جاسر لم تستطع تمالك نفسها، وقالت بإيجاز، «إنه فيلم عن النكبة، ومعروض في يوم خاص جدا لنا نحن الفلسطينين». ما تقدم لم يحدث لأي من عروض مسابقة أفلام «نظرة ما»، كما أن مكبرات الصوت التي تصدح بموسيقى الجاز قبل أي من العروض، كانت تتردد من خلالها هذه المرة أغنية «يا بحرية . . هيلا هيلا». جميع من ظهر على المسرح كان يرتدي الكوفية الفلسطينية، ولعل فيلم «ملح هذا البحر» ومنذ بدايته كان مشغولا تماما بإحياء تلك النكبة، ومن اللقطة الأولى التي جاءت وثائقية، تضع أمام المشاهد الجرافات الاسرائيلية وهي تهدم البيوت وتهجّر الشعب الفلسطيني. يمضي فيلم «ملح هذا البحر» خلف قصته البسيطة والعفوية فورا ودون مقدمات، ما عدا التوثيق لما حلّ بفلسطين عام 1948، ولعل بساطة القصة لها أن تكون على تناغم مع بديهية ما ترويه، حيث نشاهد فتاة أميركية تتعرض لاستجواب مطوّل من قبل ضابطة اسرائيلية في مطار تل أبيب، ولتتكرر الأسئلة نفسها من ضابط إلى آخر، ونعرف من اجابتها أنها ولدت في بروكلين، بينما والدها ولد في لبنان، لكن جدها في يافا، وفي هذا ما يدفع الأمن الاسرائيلي إلى التمادي معها، وتعريضها إلى تفتيش دقيق وصارم، ومنحها تأشيرة دخول لأسبوعين فقط. ثريا عائدة إلى الأرض التي طالما حلمت بها، تريد أن ترى بيت جدها في يافا، أن تسبح في البحر الذي يسبح فيه، ولتتعرف في رام الله إلى عماد الذي لم يخرج منها منذ 17 عاما، وعليه فإن كليهما يحلم بفلسطين التي لم يقع عليها بعين، لا بل إن ثريا تطالب بمبلغ من المال تركه جدها في البنك قبل النكبة، ولتمضي الأحداث بهما وبمساعدة صديق لعماد بالسطو على البنك، وتحصيل ما تعدّه ثريا حقها من ميراث جدها، مضافا إليه مبلغ صغير، وليقوم ثلاثتهم بالخروج من رام الله إلى القدس، ثم يافا، وليتحول الفيلم إلى فيلم ينتمي إلى سينما الطريق، يمضي بهم نحو التعرف إلى فلسطين التي يرونها للمرة الأولى متنقلين من مكان إلى آخر، ليذوقوا طعم ملح البحر، وبرتقال يافا، وتصل ثريا إلى بيت جدها، ولتمضي بعد ذلك برفقة عماد إلى قريته «الدواينة»، حيث يقرران السكن في أحد البيت المهجورة، لكن وكما كل شيء في الفيلم لا يستمر الأمر، فمساحة الحلم دائما سرعان ما تضيق، والرغبة في البقاء في أي بقعة من فلسطين سرعان ما تكتشف استحالتها، وصولا إلى إلقاء الشرطة القبض على عماد، وتسفير ثريا إلى أميركا، و الأسئلة التي استقبلها بها الضابط الاسرائيلي نفسها، لكن مع اجابات مختلفة، كأن تجيب بأنها ولدت في يافا. المخرج الأميركي مايكل مور المناهض لبوش وكالات
في فيلم آن ماري جاسر، فسحة حلم وفرح وأمل، لكنها محاصرة بالواقع، الذي ما إن تحيد الشخصيات عنه حتى يتنكر بهيئة جديدة أشد قسوة، كلما حاولت مواجهته بالواقع الذي تعرفه من جدها، حتى بدا الذين حولها يتعاملون معه كذكرى. إنه فيلم لفلسطين التاريخية كما كتب في المنشور التعريفي بفلسطين، وله أن يؤكد ما يتم تجاهله ألا وهو أن فلسطين هي فلسطين 48 . ننتقل إلى فيلم «ليلة البيبي دول» الذي عرض خارج العروض الرسمية للمهرجان، وضمن ما يعرف بـ«سوق كان»، ولعل الفيلم سُبق بحملة إعلامية هائلة قبل عرضه، فقد تصدر إعلانه غلاف مجلتي «فاريتي» و«سكري»، وعلقت إعلاناته أيضا في شوارع مدينة كان بقوة وبالتالي بكلفة عالية جدا، ويمكن الاضافة على ذلك أنه ولدى عرضه أول من أمس، حضر جميع النجوم الذين شاركوا في هذا العمل المرتقب، ولكم أن تعدوا على أصابعكم إن كانت كافية: محمود عبدالعزيز، نور الشريف، سلاف فواخرجي، جمال سليمان، ليلى علوي، محمود حميدة، جميل راتب، غادة عبدالرازق، محمود الجندي، نيكول سابا.... كل أولئك شاركوا في فيلم «ليلة البيي دول» وغيرهم، وحضروا أول من أمس مضافا إليهم عمر الشريف الذي لم يشارك في الفيلم إلا أنه حضر الافتتاح، وصعد إلى خشبة المسرح، وقال «لم أشارك في الفيلم، لكنني أتساءل ما دام كل هؤلاء النجوم شاركوا فيه فلمَ لم تدعوني»، موجها كلامه إلى المخرج عادل أديب ومدير الشركة المنتجة «غود نيوز» عماد الدين أديب، ولئلا يفوتني فإن الفيلم أيضا مهدى إلى روح عبدالحي أديب كاتب سيناريو الفيلم. الملاكم الأميركي مايك تايسون وأبناؤه وكالات
بدأ العرض ومضى الفيلم أمامنا، ونحن نقلب معه وجوه النجوم والأحداث والمواعظ والحوارات المركبة، وبطولة «الفلاش باك» المطلقة في الفيلم، حيث ما إن يذكر حدث ما حتى تعود الكاميرا على الفور في الزمن وتستحضر هذا الحدث، ولأكون أكثر دقة فما إن ترمش عين الشخصية بذكرى حتى تعود بنا الكاميرا إليها، وبالتالي فإن أبطال الفيلم هم شهود على كل ما شهده العالم ابتداء من 11 سبتمبر وصولا إلى الآن، وتحديدا في العراق، ولي أن استدرك وأقول إن أبطال الفيلم ليسوا جميعا شهودا فقط بل مسهمين في الأحداث، مثل عوضين (نور الشريف) المشارك في كل حروب المنطقة، والبطل والمعتقل في سجن أبو غريب أيضا وغير ذلك، والمتحول إلى إرهابي، والذي يكون طيلة الفيلم في طريقه إلى تفجير الفندق الذي يستضيف وفدا أميركيا. ومن جهة أخرى نرى حسام (محمود عبدالعزيز) مرافق ذلك الوفد، لا يبحث إلا عن وصال زوجته (سلاف فواخرجي) التي كان بعيدا عنها لسنة، وبين هذين الخطين يمتد إلى ما يتجاوز العشرين أو أكثر عودة في الزمن لاستعادة مجانية للاحداث، وعلى طريقة وعظية، وحوار له أن يكون تعليميا لا دراميا، لا بل إن المدهش في الأمر، أن العودة في الزمن لم توفر أي شيء، وبدا الأمر كما أنه هدر في الصورة، والتي كانت على تقنية عالية طيلة الفيلم. انجيلينا جولي وبراد بيت وكالات
التباس فني
في فيلم «ليلة البيبي دول» الذي قدم هجائية على طريقته للسياسة الأميركية، متبنيا أيضا مقولة كاتبه «أنبل عمل هو مقاومة الاحتلال. وأسوأ جريمة ارتكبت ضد البشرية هي تبرير الارهاب»، جملة ملتبسة، مثل أمور كثيرة ارتجالية في الفيلم، كأن تجري المقارنة بين فترة حكم الرئيس العراقي السابق صدام حسين والاحتلال الأميركي، وأن يقاس الأمر بعدد القتلى الذين وقعوا على يد كل واحد منهم.
أمور كثيرة بحاجة لتمحيص وتدقيق في فيلم «البيبي دول» والذي روج له بأنه الأكثر تكلفة في تاريخ السينما المصرية، ولعل هذا الأمر الوحيد الواضح في الفيلم. النجم الأميركي هاريسون فورد وكالات
|
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news