أيقتل المصحف صبرا

 

الانتهاكات الصليبية التي أعلن عنها المستر بوش منذ سنوات لا تقف عند حد، ولا حتى عن اتخاذ أقدس المقدسات «القرآن الكريم» غرضاً يُرمى ببنادق مرتزقته؛  لأنها حرب صليبية جديدة كما سمّاها، لا يغيّر حقيقتها اعتذاره لـ«أمير المؤمنين»  المالكي، الذي كان هذا الأمر الجلل في إيوانه الأفخم، فما بقي بعد هذا الانتهاك السافر  لمغاوير الحرب الصليبية في بوابة المشرق العربي؟! ولقد رأى المسلمون هذا الاستفزاز الصارخ على شاشات التلفزة وصفحات الجرائد فهل حرك فيهم ساكناً؟ أو غيّر لهم حالاً؟ لقد وعته أسماعهم ورأته أبصارهم وكأنهم في سبات عميق، أو هم في غفلة معرضون، وإن أحسنا الظن لقلنا: إن الأدب العربي نخر في أجسادهم فما وسعهم أن يخالفوا شاعرهم القائل:

 

ولقد أمرلا على اللئيم يسبني        فمضيت ثمت قلت لا يعنيني

 

وليسمح لي أخي المسلم أن أقول: إن هذا ليس أدباً، بل مسكنة مقيتة، تتنافى مع ما يجب عليه من الغضب للّه تعالى عند انتهاك محارمه، الذي هو من أخص خصائص المسلم، وإن بحثت عن سلوة  لقلت: إن الفتن التي يمر بها المسلم قد كثرت عليه حتى غدت يهون بعضها بعضاً، فكانت كما قال المتنبي:

 

فصرت إذا أصابتني سهام      تكسّرت النصال على النصال

 

غير أنه يحزلا في نفسي أن تمر هذه الفاجعة المؤلمة التي لا تؤرق المسلم فقط، بل الضمير الحي، حتى من الحيوان إن كان له ضمير، ثم لا تحرك ساكناً في عالم المدنية المتحضر! وهنا أتساءل كما يتساءل أولئك الغيورون من الأحياء، ولا أقول من البشر: ما الذي حمل جندي الحرية والعدالة والديمقراطية المستر جون، أو حنا، أو بطرس، أو شارون، أوشالوم... أن يجعل المصحف الشريف غرضاً يرمى؟ أما كان في إخوانه من بني البشر الذين أنقذهم من ديكتاتورية صدام وبطشه غنية له عن كتاب الله الكريم؟ ألم يكن قد تعلم الرماية وأصبح بإمكانه أن يحوز البطولة العالمية في الرماية جرا ءما تدرب على أبناء الرافدين؟ فكم بقر من بطون! وكم مزّق من جثث!وكم كسر من جماجم! وكم هتك من أعراض؟؟ ولا محاسب له على ذلك ولا منكر، فما له يتطاول على كتاب الله المقدس وعنده الغنية من البشر الذين يتلذذ بصراخهم وعويلهم، ويُتْم أطفالهم وترمّل نسائهم وثكل أمهاتهم؟ لأنه يهب لهم ديمقراطية هي أعز عليهم من الحياة نفسها، فلا يسأل عما يفعل لأجلها! ما الذي يحمله على ذلك؟ أهو الاستخفاف بكتاب الله تعالى وإعلان الحرب عليه؟ إن كان كذلك فليبشر بحرب الله الذي لا يقاوم، فهو سبحانه بالمرصاد لمن طغى وتجبر، وقد  قال جل شأنه: }وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون{ ولعلي أذكر ما ذكره التاريخ، بل المفسرون أيضاً، أن أحد الظلمة المتكبرين أخذ فأله  ذات يوم من القرآن الكريم فكان قوله سبحانه:         }واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد{ فأنشأ يقول:

 

أتوعـد كـل جبـار عنـيد ...     فها أنا ذاك جبار عنيد

إذا ما جئت ربك يوم حشر ... فقل يا رب مزقني الوليد

 

فلم يلبث إلا أياماً حتى قتل شر قتلة، وصلب رأسه على قصره، ثم على سور بلده. وهذه سنة الله تعالى في المتكبرين.

الأكثر مشاركة