أقول لكم

محمد يوسف

 
خلال ثلاثة أشهر استلمت نحو 1000 رسالة إلكترونية من أولئك الذين يطلبون المساعدة لإخراج الملايين من بعض الدول الإفريقية، وقد ظننت في البداية أن صديقاً يمزح معي، ثم تشككت في أن صاحب الرسالة صادق ويستحق الاهتمام بعد أن بذل جهداً كبيراً في صياغتها بطريقة درامية، فهذا يتيم مات والده الطبيب المشهور في الدولة الفلانية بعد هروبه إلى دولة أخرى، واكتشف أن مبلغاً ضخماً من الأموال مُودع في حساب مصرفي سري، وأن اليتيم وأخته، اليتيمة أيضاً، بحاجة إلى صاحب قلب كبير يفيض إنسانية ليمد لهما يد العون وبأقصى سرعة عبر إرسـال تفاصيل هويته وعنوانه ورقم حسابه حتى يتمكن المسكين من تحويل المبلغ، والتشارك معي بالنصف، وهذا النصف نحو ثلاثة ملايين جنيه إسـترليني.


أما الأخرى فهي أرملة شابة مات زوجها الكهل دون أن يخبرها بثروته، وقد فوجئتْ بأنه ملأ خزائن البنوك بالأموال، وهي بحاجة إلى إنسان مرهف الحس عطوف رؤوف حنون ودود مثلي، وقد عرفت عني كل تلك الصفات وهي تبحث في شبكة الإنترنت، وهي مستعدة لتقاسم كل شيء معي، والمبلغ يتجاوز 10 ملايين دولار أو يورو، على حسب البلد الذي تقيم هي فيه، وقبل أن أهيم مع الكلام الجميل وأصدّق ما قالته فيّ من أوصاف، بحثت في كل محركات البحث الشهيرة وغير الشهيرة، واستعنت بمن يعرفون طرق البحث، وما وجدت كلمة مدح تقارب الكلمات التي ذكرتها ملصقة بي من أحد، وليس لي مواقع تزين الصفات أو تزيفها.


أقول لكم، خلال الأشهر الثلاثة، أي منذ عدتُ للكتابة ووضع العنوان الإلكتروني في ذيل المقال، لا يتوقف سيل الرسائل التي يبدو أن مصدرها شخص واحد، سـواء كان اسمه أمادو أو إدوارد أو عدنان أو سعودة أو زيونة، وقد تعبت من مسحها يومياً، وإذا لم أفتح بريدي لبضعة أيام أتناوب المسح مع بعض الأعوان، الذين يتساءلون عن الفائدة التي يجنيها مَن يقضي يومه وهو يرسل طلبات المساعدة المليونية، وأعتقد أن مَن لا يستفيد من عمل فلا يستمر فيه، وهؤلاء قد يصادفون واحداً في المائة يدخل مصيدتهم فيكسبون، أما كبسة الزر فهي لا تكلف شيئاً غير إزعاج خلق الله.

myousef_1@yahoo.com

تويتر