القبيسي.. محاولات لإقامة مشروع للحرفيين
«صناعة المجوهرات كانت حكراً على الرجال في العالم لفترات طويلة، لكن في السنوات الأخيرة، قررت المرأة الإماراتية بإرادتها الصلبة أن تدخل هذا المجال، بعد أن هجره الكثير من الرجال إلى عالم الأعمال والتجارة، واستطاعت أن تثبت وجودها خلال وقت قصير».
بهذه الكلمات بدأت عزة القبيسي تتحدث عن الدوافع التي أخذتها إلى عالم صناعة المجوهرات قائلة،«الأحجار الكريمة تربطني بطفولتي، حيث كنت أعشق الخرز الأزرق، والفيروز واللؤلؤ والأصداف، فلكل حجر لون ومعنى وارتباط بالأبراج والحظ، فحين كنت طفلة، كنت أجمع ما أجده من الأحجار، وكأنني أجمع عرائس الأرض وألعابها».
وأضافت «والدي كان محباً لهذه الأحجار أيضاً، فهو صاحب أوّل موسوعة عربية مصورة للأحجار الكريمة والمجوهرات، وأمي صانعة مجوهرات، ولذا أصبح هذا العالم هوايتي، وعندما حصلت على دراسة أكاديمية في فنلندا، أصبحت أعرف معنى صناعة المجوهرات، لأنها باتت تربطني بطفولتي، حيث قضيت أحلى أيام عمري، ولذا أصبحت أربط ما أصنعه، بحياتي وبيئتي المحاطة بالصحراء والبحر، ومع ذلك فأنا مهمومة بتكوين أسرة مستقرة، وأغامر في الذهاب إلى المطاعم لاكتشاف وجبات جديدة».
ولفتت القبيسي إلى كيفية توظيفها للهواية في مهنتها موضحة «حين صمّمت مجموعتي «دموع الملائكة»، استخدمت فيها اللؤلؤ، وكنت أود أن أشير إلى مهنة أجدادنا في الغوص، وتعرض كثير منهم للموت، أو الإصابة بالاختلال العقلي نتيجة نقص الأوكسجين، من أجل أن يعرف هذا الجيل فترة زمنية لم يعاصرها».
وزادت «حوّلت عود العزف، الذي أصبح شيئا نادرا إلى تحفة فنية، وأدخلته في مجموعتي«بريق العود»، فاختيرت بعض تصاميمي لتنضم إلى 500 تصميم عالمي جمعت في كتاب طبع في أميركا». وأضافت «أما مجموعتي «التنمية المستدامة»، فهي تحف مصنوعة من الأسفلت والذهب والفضة تعكس حياتنا بعد طفرة النفط».
تصاميم للجميع
وذكرت أن «تصاميمي ليست لطبقة اجتماعية واحدة، فأنا لا أضع أيّ شريحة في بالي ولذا فهي للجميع، القطع ذات الخامات الغالية التي يدخل في صناعتها الألماس والتي تأخذ مني وقتاً طويلا، بالتأكيد تكون للخاصة، وهناك قطع من الفضة بسعر بسيط، والشخص الذي يقتني من عندي، بالتأكيد ليس هو الشخص الذي يشتري من الخارج، الأوروبيون يقتنون من عندي الفضة، فهم يقدّرون قيمة وفكرة الأعمال التي أصممها وأصنعها».
تصاميم القبيسي ليست لطبقة اجتماعية واحدة
مشروع مهني
ولفتت إلى أن «مشروعي المهني «صنع في الإمارات»، تأتي اهميته، في أنني أصنع هدايا فضية لبعض الشركات الإماراتية، التي تقدمها للزوار الأجانب، وهومشروع غير ربحي وبحاجة إلى دعم حتى يكبر ويتوسع، وقد بدأت منتجاتي تباع في الفنادق والمطارات، أي في أماكن السياح، وطيران الاتحاد».
وتتحدث عن معملها الذي تقضي به معظم وقتها، قائلة «ادخل المعمل بشغف ومحبة، وهناك شخص يساعدني في العمل، فأنا أصمم كمن يصنع لوحته التي تحمل بصمته، لهذا فإنّ القطع النسائية والرجالية التي أصنعها معدودة».
وحول الشهرة والمكاسب المالية، والأولويات ترى القبيسي أن «الفنان الحرفي، يسعى أوّلا للوصول إلى الشهرة ، فمن منا لا يسعى إلى الكسب المالي نحن نعيش في زمن الإعلان والإعلام معاً، لهذا فإنّ الشهرة تبدأ من هذه الأبواب، ليكون بعد ذلك التميّز الذي ينبع من خصوصية ما أصنع وأصمم، لأنني لا أكرر القطعة مرتين، أي لا استنسخ قطعا مكررة».
مشروع الحرفيين
وأوضحت «حاولت أن أؤسس مشروعا للحرفيين في بداية العام الماضي، لكن اكتشفت أن من يعملون في الحرف ينتمون إلى الطبقة الوسطى من النساء في مجتمعنا الإماراتي، وأغلبهن يعملن في بيوتهن، ولو خرجت المرأة المهنية من بيتها فإن الأسرة ستنهدم»،لافتة إلى أنها «تعرفت إلى الكثيرات من النساء اللواتي يعملن في المهن، واكتشفت أن في أبوظبي والعين أكثر من300 سيدة، تناقلن المهنة من جيل إلى آخر، والمرأة لا تريد أن يعرفها المجتمع لأن المهنة كانت توضع في دائرة العيب، وقد بدأت هذه النظرة تتغير مع بداية العام الجاري،بعد أن أصبحت هناك مسابقات مشجعة».
وفسرت أن، «من هذه المهن «السدو»، و«التلي»، و«السعف»، وقد دعمتنا «هيئة الثقافة والتراث»؛ أما أنا فأحببت أن أدعم الحرفيين، لأنني منهم، ولأن السفر علمني أن أهم الماركات العالمية في صناعة الحقائب، يستخدمون سعف النخيل، لذا فأنا مهمومة بتطوير المهن المحلية».
إجازة
وتتحدث عن يوم الإجازة «أول شيء أحب أن أفعله في الإجازة هو الرحيل نحو البر، أو نحو مزرعة أهلي، هناك أركب الخيل أو الدراجة، أمشي، أركض، وأترك مساحة للتزلج، وأعشق السفر، ولو كان عندي ميزانية لتجولت حول العالم، فكل رحلة تفتح أمامي كتابا رائعا من المعرفة».
ثمن النجاح
تؤكد القبيسي، أن النجاح ثمنه غال، «اليوم حققت أشياء كثيرة، تطورت في المهنة التي وضعت فيها كل حبي، لم أعط خلال هذه النجاحات الوقت الكافي لأهلي، لأني كنت أريد أن أقضي حياتي من أجل العالم المحيط بي، وكان العالم يمضي بسرعة»، مذكرة بأنها «خلال مسيرة قصيرة وتحديداً منذ عام 2004 وحتى العام الجاري، أسست معملا وشركة، وحققت الكثير من النجاحات، واليوم أفكر بنفسي، كيف سأكوّن أسرة ناجحة، أفكر في أن يكون لي بيت، محاط بحديقة، أستطيع أن أضع فيه الماعز والغنم، لأنني لا أرى في الشقة معنى البيت».
وترى أن «لم أستطع حتى الآن أن ابني أسرة ناجحة خاصة بي، لذا فأنا أعطي ابنتي ذات الثماني سنوات الوقت والحب، لأنها تملأ فراغا في حياتي، أما الرجل فقد اختلف تماما اليوم، لذا حاولت بعد زواجي الأول ان أتفرغ لعملي، وبالفعل حققت ما أحلم به، ولكن بقي شيء لم أحققه، أنا مهمومة به الآن ألا وهو تكوين الأسرة».
وتحدثت عن قضاء يومها،«أوزع وقتي بين معملي، والسفر، وبعض الأعمال التطوعية، إلى جانب تفرغي عضوا في الهيئة التنفيذية لسيدات الأعمال في غرفة تجارة أبوظبي، وصداقاتي محدودة جداً».
القهوة العربية
في يوم الإجازة يكون للقهوة العربية طقوسها التي أحبها، أما الموسيقى العربية، فنادرا ما أستمع إليها، لأنني أحب الأغاني الانجليزية، وإذا استمعت إلى الأغاني العربية فإنني أختار الأغاني القديمة، عبدالحليم، وأم كلثوم، ومحمد عبده، وأكثر شيء أحبه هو الطعام الايطالي في المطاعم، ولا أتردد في الذهاب لتناول أي وجبة جديدة، وحين أكون متضايقة أذهب وحدي إلى السينما، أما الأهل فلهم نصيب، لذا أمضي إلى المرفأ في أبوظبي، أو أتوجه إلى دبي».
نباتية
روت القبيسي قصة تحولها إلى نباتية قائلة «حين كنت في الـ 14 من العمر، ذبحوا تيسي الذي طالما أحببته، فقد كان جميل اللون، يومها بكيت حزناً عليه، و قررت ألا آكل اللحم، لأصبح نباتية، وأبتعد كلياً عن لحوم الأغنام والأبقار والطيور، لذا أعتمد في تغذيتي على النباتات والأسماك فقط.
صناعة الذهب
تعدّ صناعة الذهب والحلي والمجوهرات من الحرف القديمة الدالة على عبقرية الإنسان، وقد ارتبطت هذه الصناعة بعهود كثيرة منذ ما قبل التاريخ، لهذا فقد ارتبطت بحضارات تركت بصمتها في تاريخ الإنسانية حتى يومنا هذا، فبقيت بصمات الإغريق والرومان، والفراعنة في مصر، والسومريين في العراق، ولم يكن التجمل بالحلي مقتصراً على النساء، فالرجال في مصر كانوا يلبسون تيجان الذهب.
|