«السويدية» قرية أنشأها اسكندنافيون وحوَّلتها إسرائيل سجناً صغيراً

أبورباح في غرفته التي أقامها في الشارع من الخشب والقشِّ.                                      الإمارات اليوم 
      

القادم إلى القرية السويدية أقصى جنوب قطاع غزة تبدو له وكأنها معزولة عن العالم، فهي أشد المناطق الفلسطينية فقراً، ورغم أنها أقيمت عام 1948 إلا أنها تفتقر لمعالم الحياة فيها، فلا يوجد بها مدرسة للأطفال أو عيادة صحية ولا تشهد أي مجال للعمل بل إن مصدر رزق سكانها الوحيد وهو صيد الأسماك محاصر منذ سنوات من الطرادات الحربية الإسرائيلية التي توجد بشكل دائم قبالة القرية.


وتقع القرية السويدية على الحدود الفلسطينية المصرية وتطل على شاطئ البحر المتوسط مباشرة، ويقطن بها نحو 1200 مواطن يسكنون في ما يقارب 60 منزلاً متواضعاً. وأنشأت عام 1948 عقب تهجير الفلسطينيين من ديارهم، حيث أقام الأهالي البيوت الطينية حتى يسكنوا فيها، وقد كانت هذه القرية منطقة مغلقة طوال سنوات انتفاضة الأقصى من عام 2000 حتى .2005 وخلال جولة لـ«الإمارات اليوم» قال الحاج أبوكمال أبوعودة مختار القرية السويدية: «إن سبب تسميتها بهذا الاسم جاء بعد أن سقطت البيوت الطينية على رؤوس من يسكن بها، حيث قام وفد من المواطنين السويديين خلال زيارته للقرية بتوفير مبلغ مالي لإعادة بنائها، وفي عام 1965 تم بناء  ما يقارب 47 منزلاً بالقرية والتي عرفت في ما بعد باسم القرية السويدية وبعد ذلك تم بناء عدد بسيط من المنازل لتصل إلى 60 منزلاً».

 

وأشار إلى أنه تم بناء نصب تذكاري مصنوع من الإسمنت وسط القـرية كتب عليها بالغتين العربية والانجليــزية «القــرية السويــدية هبة مقدمة من المواطنين في الســويد ومن الكــتائب السويدية في قوة الطوارئ الدوليــة»، ولا زال موجوداً حتى هذه الفترة. وذكر أبوعودة أن مساحة القرية 40 دونماً، ويسكن بها 10 عائلات فلسطينية ويتفرع منها ما يقارب 120 أسرة يسكنون في بيوت متواضعة لا تسعهم. مشيراً إلى وجود بعض الأسر مكونة من 30 فرداً تسكن في بيت واحد.

 

وداخل بيته ذي الجدران المشققة والسقف القديم المصنوع من القرميد يقول المواطن أسامة أبوسلمية، 40 عاماً: «أسكن أنا وعائلتي المكونة من 13 فرداً في غرفتين، وبيتنا قديم جداً يعود عمره إلى أكثر من 30 عاماً، وقد تشققت جدرانه فضلاً عن وجود المياه العادمة على أبواب منازلنا وفي الشوارع وذلك لعدم وجود شبكات صرف صحي في المنطقة وهذا تسبب في أمراض كثيرة».


وأضاف «نعتمد في طهو الغذاء وعمل الخبز على الحطب، وفي أفران الطين حيث نقوم بجمع الحطب والنايلون ونقوم بإشعال النار فيه».


ويسكن المواطن أبورباح أبوسلمية هو وأبناؤه في غرفة أقامها من الخشب والقش في محيط منزله، حيث إن منزله ضيق جداً ولم يعد يسع عدد عائلته المكونة من 27 فرداً. ونوه أبوسليمة إلى أن قريته يوجد لها دعم من الحكومة السويدية ومن جهات خارجية داعمة ولكن لا يصلهم شيء.

 

وأضاف أبوسليمة «لقد حضر إلينا الكثير من الجهات والمؤسسات لتبحث وضعنا ووعدتنا بتطوير القرية وإدخال تحسينات فيها، ولكن وضعنا يزداد سوءاً والمياه العادمة أصبحت مشهداً دائماً يوجد على أبواب منازلنا وفي الشوارع كما أنها تتدفق إلى مياه البحر وتلوثه».  ولفت أبوسليمة إلى أن العيادة الطبية الوحيدة التي يذهبون للعلاج فيها تابعة لمنطقة مواصي رفح وليس للقرية، وتبعد عنهم مسافة كيلومترين، مشيراً إلى أن «خدمات العيادة بسيطة جداً تقتصر على الفحص الطبي وتقديم المسكنات».

 

وقال الطفل محمد الشيخ علي، 14 عاماً، والذي كان موجوداً على شاطئ البحر يساعد والده في إصلاح شباك الصيد: «إن حياتنا كأطفال معدومة فلا توجد مدرسة خاصة بنا في القرية، ونتعلم في مدرسة من الكرفانات توجد في منطقة مواصي رفح تبعد عن القرية مسافة كيلومترين، حيث نذهب إليها يومياً سيراً على الأقدام».

 

وعن المعاناة التي مرت بها القرية في سنوات انتفاضة الأقصى يقول المواطن محمد القنس: «كانت القوات الإسرائيلية موجودة بشكل دائم في محيط قريتنا، وظل هذا الوضع مستمراً لمدة خمس سنوات وكانت تمنعنا من مغادرة القرية أو ممارسة الصيد، وعندما كان يمرض أي أحد من المواطنين لا يسمح بخروجه إلا عبر تنسيق بين القوات الفلسطينية الحدودية وقوات الاحتلال، وكان المريض ينتظر لعدة أيام على حواجز كانت مقامة على مدخل القرية». 

 

وأشار إلى أن قوات الاحتلال كانت تمد سكان القرية بالكهرباء والمياه أربع ساعات  فقط يومياً، وبعد عام من انسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع تم مد شبكة كهرباء للقرية على نفقة بلدية رفح.

 

لم يغادر القرية منذ 7 أعوام  
يقول المواطن الفلسطيني أبومحمد النجار، 60 عاماً، والذي لم يخرج من هذه القرية المطلة على شاطئ البحر لأكثر من سبعة أعوام: «نحن نموت ببطء لا يوجد لدينا أي معالم للحياة لا توجد لدينا أماكن للعمل ولا توجد مدرسة للأطفال أو حتى عيادة صحية، نعيش على المساعدات الغذائية البسيطة التي تقدمها لنا الأونروا».


وأضاف «وقد كنا نوفر بعض الأموال من المهنة الوحيدة وهي صيد الأسماك ولكننا اليوم ننتظر لعدة أيام حتى نصطاد كمية قليلة من السمك حتى تكون طعاماً لنا».


وأشار إلى أن الطرادات الإسرائيلية توجد داخل البحر بشكل دائم مقابل قريتهم، حيث تمنعهم من الدخول إلى مسافات عميقة يتوافر بها السمك، وقد أطلقت عليهم في مرات سابقة قذائف أدت إلى تدمير ما يقارب خمسة قوارب وحرق عدة الصيد.

 

وأوضح أن سكان القرية لا يتمكنون من الخروج بسهولة إلى المناطق الأخرى، حيث لا توجد سيارات تصل إلى منطقة سكناهم خصوصاً في ظل نقص الوقود في القطاع، بالإضافة إلى أن شوارع القرية والشوارع المؤدية إلى المناطق الأخرى مدمرة وتحتاج إلى إصلاح. 
 
تويتر