أقول لكم

محمد يوسف

   
مشكلة الإنترنت بدأت تتفاقم يوماً بعد يوم؛ تكبر حتى ما عاد مطلقوها قادرين على السيطرة عليها، وتحولت من شبكة عنكبوت إلى «عش دبابير»، تلسع وتدمي وتحطم وتكسر وتقتل من دون أن تستخدم سلاحاً وطلقات نارية أو رأساً نافذاً إلى داخل الجسد، فهي تصيب النفس والقلب والعقل والسمعة والأخلاق والنظام والقانون وقواعد الآداب العامة والحياة الخاصة للأفراد.

 

في الولايات المتحدة حيث البداية، وهي بداية عسكرية جاسوسية استخبارية، هناك بدأت المعاناة تزيد نظراً لغياب الرادع الذاتي في المجتمع المنفتح على مصراعيه، وإن كانت هذه الشبكة لعبة سياسية هدفت إلى السيطرة على المعلومات يوم أن فتحت للجمهور، ترى أنها تحولت إلى العكس، وبات أعداء أميركا يستخدمونها للنيل منها في السياسة والإرهاب وغيرهما من مجالات الصراع، وبدلاً من أن تكون هذه الشبكة منصوبة لاصطياد الآخرين أصبحت تضم فخاخاً وألغاماً مزروعة في طريق الصانع الذي كان في يوم من الأيام مسيطراً على خيوط إدارة الاتجاه، وقد نسي الأميركان أن التكنولوجيا تتطور والعلم يتقدم، والقراصنة ينبتون في كل عصر وزمان بالشكل الذي تستدعيه ظروف العصر الذي يعيشون فيه وحاجات الزمان، وأن القرصان يملك الجرأة مع العقل الإجرامي حتى يواجه السلطة أو المتحكم، وبينما سيدة الإنترنت تشفّر البرامج وتصنع رقابة لفظية للكلمات المكتوبة أو المنطـوقة أو تظن أنها تتفنن على العالم بدوله وجماعاته وأفراده، ظهر لها ألف برنامج يفوق قدراتها، وزرعت المواقع المتوالدة بأسلوب التكرار، وخرجت التعديات عن الإطار السياسي إلى الجرائم، وتمازجت شبكة الهواتف الخلوية بالشبكة العنكبوتية، وتداخلت الكراهية بالأمراض النفسية، وتحوّل العالم من قرية صغيرة كما قالوا إلى بؤرة تفسد مكوناتها تكنولوجيا ظن العالم نفسه أنها للخير فقط. 
 

myousef_1@yahoo.com

تويتر