تحذيرات من حروب المياه العذبة
عندما طُلب من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، أخيراً، أن يتحدث في أي موضوع يتعلق بمستقبل العالم أمام جمع من كبار رجال الأعمال في العالم، اختار الحديث عن الصراعات حول المياه العذبة.
وقال كي مون «مع زيادة اتساع حجم الاقتصاد، فإن العالم يزداد عطشاً»، وفي الحقيقة، فإن هذا الرجل ليس أول من يدق ناقوس الخطر حول نقص المياه العذبة في العالم، ففي عام 2006 تحدث جون ريد، الذي كان وقتها وزير الدفاع البريطاني، عن حروب المياه العذبة، كما صدرت مثل هذه التحذيرات من عدد كبير من الشخصيات، خصوصاً تلك القريبة من مناطق النزاع على المياه. وبعد توقيع اتفاقية السلام المصرية ـ الإسرائيلية عام 1979، قال الرئيس المصري حينها أنور السادات، ان مصر لن تشن الحروب من الآن فصاعداً إلا من أجل أمن المياه. ولكن هل تكون فكرة لجوء الدول إلى الحرب من اجل المياه معقولة؟ يقول الباحثون في جامعة اريغون الأميركية انهم عثروا على ادلة تناقض هذا الطرح، اذ إن الأنهار العابرة للحدود الوطنية للدول، والبالغ عددها 263 نهراً تساعد على المزيد من التعاون بين الدول العابرة اراضيها، وليس على الصراع. وقد تم توقيع 400 معاهدة حول استخدام الأنهار، ومن ضمن 37 حادثة انطوت على العنف، وقعت منها 30 حادثة في منطقة جافة تحوي اسرائيل وجيرانها، حيث وقع نزاع كبير على نهر الأردن، قبل ان تسيطر عليه اسرائيل عام .1967 غير ان التصحر، والجفاف، ونقص الغذاء، هي من العوامل التي تثير الصراعات ضمن الدول، وتؤدي الى انهيار نسيجها الاجتماعي. وبالنسبة إلى الحروب بين الدول، فإن المياه ليست من مسبباتها الرئيسة، مثل النفط والماس، ولكن بالتأكيد فإن صراع المصالح على المياه يمكن ان يسمم العلاقات بين الدول، حتى بين تلك التي يكون بينها خلل كبير في توازن القوى، حيث لا يفكر الطرف المظلوم بتاتاً في استخدام القوة. ويقول الخبير الكندي في مدرسة لندن للاقتصاد، مارك زيتون، تقدم الأنهار حالة مثالية «للتعاون غير المتكافئ» بين الدول التي تجبر على العمل معاً، حسب شروط يقررها الأقوى. ونهر النيل خير مثال على ذلك، حيث تقوم الدول الرئيسة المطلة عليه، وهي مصر والسودان وأوغندا، بمراقبة استخدام بعضها بعضاً لمياه النهر، منذ نحو قرن من الزمن. ويعيش في حوض النهر اكثر من 150 مليون نسمة، في 10 دول، ويتوقع ان يتضاعف هذا الرقم خلال بضعة عقود، الأمر الذي ينذر بوقوع حروب بين هذه الدول. وثمة علاقة اخرى غير متناسقة كالتي بين تركيا ـ حيث ينبع نهرا الفرات ودجلة ـ والعراق وسورية اللتين تعتمدان بصورة كبيرة على النهرين. وادت جهود تركيا لإنشاء 22 سداً على النهرين الى ظهور التوتر مع البلدين.
ولكن ماذا بشأن اسرائيل التي ترى أنها مضطهدة من قبل جيرانها العرب، الذين بدورهم يعتبرونها «بلطجي» المنطقة؟ إن موقف اسرائيل الاستراتيجي تغيّر في اعقاب 1967، ولم تعد بحاجة لشن الحروب من اجل المياه، حيث اصبحت قادرة على التعاون مع الأردن «بصورة غير عادلة». وتقوم بتحلية مياه البحر، ولذلك ثمة اقتراح بتزويد الضفة الغربية بمياه البحر المحلاة، خصوصاً ان اسرائيل تحتفظ بحق الوصول الى المياه الجوفية الغنية في الضفة الغربية في ظل اي اتفاق مع الفلسطينيين.
|
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news