«الوحام».. وجبات غير صالحة للأكل

 

الشعور بالغثيان، والرغبة في التقيؤ، من دلائل الوحام الأولى عند المرأة الحامل، والتي تصيبها عادةً بسبب استيقاظ هرمونات الحمل في جسدها الذي يحتضن داخله جنيناً صغيراً ينمو ويتغذى بواسطة «المشيمة»، غير أن وحام النساء ليس متشابهاً، إذ تلعب الحالة النفسية والعصبية دوراً مصيرياً في الأشهر الثلاثة الأولى، وتنشط حاستا الشم والتذوق بشكل كبير، لتنقسم الحوامل ما بين شرهة للأكل تشتهي أطعمة معينة، او نافرة من أصناف ومأكولات، أما اشتهاء الطين والطباشير والصابون، فهي من أنواع  الوحام الغريب والمؤذي، الذي يسبب ضرراً مزدوجاً للأم والجنين، وفي المحصلة، تتمسك الحوامل بالرواية الشعبية القائلة إن عدم تلبية رغبتها وشهوتها، يؤدي لظهور وحمات على وجه الطفل أو جسده، غير أن العلم لم يجد ما يثبت أي علاقة وثيقة ما بين الوحام والوحمة.      


شهية وشهوة
تقول مريم بدر (حامل للمرة الثانية) إنها تناولت بإسراف، وشهية غريبة، كمية كبيرة من الليمون الحامض، خلال الأشهر الأولى من حملها بولدها البكر، وتقول «كنت آكل حبة الليمون كاملة، اللب والقشرة الخارجية»، مع إضافة القليل من الملح، في حين كانت تتناوله بشكل طبيعي قبل الحمل، كعصير «الليموناضة» أو في السلطات.


وفي تلك الفترة، تحوّلت سلة الفاكهة الموجودة في مطبخ مريم إلى سلة تحتوي على حبات كبيرة من الحامض، وسيطرت رائحته على الجو العام في المنزل، وتشير مريم إلى أنها ابتعدت عن تناول اللحوم والدجاج، مفضلةً الوجبات المكوّنة من الخضار مثل اللوبياء والبازيللاء الخضراء والكوسا والباذنجان، غير أنها استعادت حياتها الطبيعية تدريجياً بعد الولادة. أما في حملها الحالي، فتؤكد أنها لم تشعر بأي تغيير مهم في رغباتها الغذائية، سوى اشتهائها تناول فاكهة الكيوي في شهرها الثاني، وتضيف «أعلم أن الوحام يرتبط بالحالة النفسية للحامل ومزاجها، وخوفها من التحولات الجذرية في حياتها»، غير أنها تمكنت من التكيّف مع الوضع في تجربتها الأولى، ما ساعدها على تخطي كل الصعوبات.

 

لحم وبطيخ
«البطيخ » هو الفاكهة التي اشتهتها جميلة شمص، في عز الشتاء، وعلى الرغم من تلبية رغبتها في تناول البطيخ، تقول «لم يكن طعم البطيخ كما أشتهي»، فقد كانت تريده «أحمر اللون وشديد الحلاوة، في حين كان كل البطيخ زهري اللون وغير شهي، فاستبدلت به الفراولة».


وبعد الولادة، اكتشفت شمص بقعة حمراء على رجْل مولودتها، وتوضح أنها اتصلت بزوجها من المستشفى لتخبره بأمر الوحمة، معتقدةً أن عدم تحقيق رغبتها خلال الحمل أدى إلى ظهورها، شاكرةً ربها أنها لم تظهر في وجهها أو عنقها، لكنها تضيف أن طبيبها النسائي أوضح أن لا علاقة بين الوحام والوحمة الموجودة على رجل الطفلة، كما أكد أنها لا تشكل خطراً على حياة الطفلة.

 

في المقابل، اشتهت أم نادر (30 عاماً) تناول اللحم النيئ في فترة حملها الأولى، غير أن زوجها منعها ولم يسمح لها إلا بأكل قطعة صغيرة، لإخماد رغبتها، وتقول «لم أشعر بأي انزعاج، بل نسيت الأمر»، لإدراكها مضارّ ذلك على صحة الجنين وسلامة نموه، خصوصاً أن هذه الرغبة انطفأت تدريجياً، من دون ترك أي أثر أو علامة على وجه الطفل أو جسمه. ومن ناحية أخرى، كانت تشعر برغبة جامحة في التهام البوظة والمثلجات، خصوصاً في موجات الحر الشديد، وتوضح «كنت أستمتع بوضع علبة البوظة أمامي، وتناولها بواسطة ملعقة كبيرة»، في حين نفرت من المكسرات المالحة ورقائق البطاطس المقلية (الشيبس)، بحيث لم تعد قادرة على «قرمشتها» أو شم رائحتها، لتبتعد عن المأكولات المالحة عامةً، وعلى الرغم من أنها كانت تحب «قرمشتها» قبل الحمل، وتضيف أنها توقفت عن تناولها منذ ذلك الحين.

 

وتكشف إيناس عادل (حامل في شهرها الثاني) أنها بمجرد الكلام عن أكلة أو صنف تحبه، تحس برائحته في أنفها، وتشتهي تناوله على الفور، وتقول «لا يهدأ لي بال، إلا حين أسكت رغبتي»، حتى ولو اضطرت للخروج والذهاب إلى السوق، لتلبية «وحامها» الجامح. ففي إحدى المرات، كانت إيناس تكلم زوجها هاتفياً، حيث أخبرها بأنه تناول على الغذاء ورق دوالي، ولأنها تحبها كثيراً، أحست بوحمها يتحرك داخلها، وتقول «أنهيت المكالمة وتوجهت فوراً إلى مطعم لبناني عادةً ما أرتاده»، لتشتري الوجبة التي تشتهيها، في حين لم تعد تتحمل «شم أو رؤية الأسماك»، مع العلم أنها كانت تتناولها بانتظام. 


المضحك المبكي
وعلى الرغم من ضررها وخطورتها على سلامة الأم والطفل، لم تستطع صباح عيسى منع نفسها من قضم ألواح الصابون المعطرة، مفسرةً أنها كانت تشتهي أكلها، وتنشق رائحة الصابون السائل ودهنه على بشرتها؛ وكانت تشعر بالغبطة والإشباع حين «تقرمش لوح الصابون بين أسنانها»، وكأنها تقضم لوحاً من الشوكولاتة، والبرودة والانتعاش عندما تدهن بشرتها بالسائل اللزج، لكنها تقول «لم أنجرف كثيراً في وحامي، لأني خفت على سلامة الجنين ونموه»، لاحتواء الصابون على مواد سامة، فضلاً عن عدم وجود ارتباط علمي بين «الوحام» والوحمات التي تظهر على جسم الطفل، مؤكدةً أنها أكلت نحو لوحين فقط. وتشرح عيسى أنها اكتفت بتنشق رائحة الصابون، وتضييع الوقت كلما اشتهت قضمه، لتختفي هذه الرغبة بعد بلوغها شهرها الرابع.

 

وفي إطار مشابه، اعترفت نوال عبدالله (موظفة في بنك) أنها لم تستطع منع نفسها من أكل «قطن الفرش والوسائد»، شارحةً أن زوجها وأهلها استغربوا وحامها وخافوا عليها، واستشاروا طبيبتها النسائية، التي أوضحت أن بعض حالات الوحام قد تكون غريبة وغير صحية.

 
في البداية، تمكنت عبدالله من إخفاء وحامها، إلا أن زوجها شاهدها تضع القطن في فمها وتبتلعه، وتقول «في البداية، ظن أني أمزح معه، مدعية ابتلاعها»، لكنها أخبرته بالحقيقة لرغبتها في البحث عن حل «لمشكلتها الخطيرة» خصوصاً أنها ابتلعت الكثير منه. وأحس الزوجان براحة كبيرة، بعد زيارة الطبيبة، التي وصفت لها دواءً يعالج حالات الوحام، حيث أكدت شفاءها من رغبتها الغريبة العجيبة.

 

وتصف هيام مسعود (أم لأربعة أولاد) فترات حملها «بالمضحك المبكي»  إذ عانى زوجها من كثرة طلباتها ورغباتها المتعبة، شارحةً أنها كانت توقظه بعد منتصف الليل، كي يجلب لها ما تشتهيه، حتى إنه اضطر في أحيان كثيرة للخروج من المنزل، بحثاً عن محال مفتوحة، لتوفير طلبها، وتقول «كنت أحول ليلته إلى مأساة»، فضلاً عن النوم على كنبة غرفة الجلوس. ومن مواقفها الغريبة والمضحكة، توضح مسعود أنها استيقظت في إحدى الليالي، قائلةً لزوجها إنها تريد تناول «الفتة» وعلى الرغم من محاولاته الحثيثة لإقناعها بالخلود إلى النوم، وواعداً إياها بترويقة «فتة»، غير أنها لم تتمكن من إخماد رغبتها، وتقول «صرت أتخيل زوجي وابني صحون فتة، وأشم رائحتها عليهما»، ما جعلهما مضطران للتجول في شوارع المدينة شبه المقفرة. وفي النهاية حالفهما الحظ، وتشير مسعود إلى أنها تناولت أربعة صحون فتة، فيما كان الزوج المتعب يراقبها مندهشاً. كذلك، تقول «لم أكن أتحمل وجود زوجي المستمر بالقرب مني»، فقد كانت تحب الجلوس بمفردها لمشاهدة التلفزيون، حتى إنها كانت تطرده من المنزل حين تشعر بالعصبية، محملةً إياه الذنب في عذابها، ما خلق نوعاً من الفتور بينهما، لكنه سرعان ما عادت المياه إلى مجاريها بعد الولادة.  

 
 


ملاحظات لفترة الوحام
 
على الرغم من أنه ليس مرضاً، تعاني فئة كبيرة من الحوامل الآثار السلبية للوحام، خصوصاً في الأشهر الثلاثة الأولى، غير أنها قادرة على علاج نفسها بنفسها، في حال اتبعت التعليمات التالية:

•حاولي البقاء لوقت قصير في السرير، عند استيقاظك من النوم، كي لا تشعري بالرغبة في التقيؤ، واشربي الزنجبيل.


•تناولي فطورك في السرير، ولا تتركي معدتك خاوية من الطعام.


•قسمي الوجبات الغذائية إلى وجبات صغيرة، بحيث تبقى تعمل معدتك طوال النهار، كما يفضل تجنب الأطعمة الدسمة والثقيلة على المعدة مثل الزبدة والسمن، واستبدلي بها الحليب ومشتقاته.

 

•أكثري من تناول الحساء والخضراوات واللحم الأحمر والخبز الأسمر، لحين انتهاء فترة الوحام.

 

•مارسي رياضات خفيفة كالمشي والحركات، بغية تحفيز الأوكسجين في الدم.


•اشغلي نفسك بالنشاطات الاجتماعية.


•في حال لم تتخلصي من الوحام، ينصح باستشارة طبيبك النسائي، بغية إعطائك العلاج المناسب: المسكنات العامة والمهدئات، على شكل حبوب أو حقن أو تحاميل.


مخاطر الوحام    
تجتاح بعض الحوامل رغبات غريبة لتناول مواد مؤذية وسامة، طبيعية وكيميائية، تسبب الضرر والمرض، للأم والجنين، على حد سواء، لذلك تحصل مضاعفات قد تكون خطرة عليهما، خصوصاً الجنين، الذي يلتصق بجدار الرحم، ويمتص كل ما يصل إليه من غذاء، عبر المشيمة. في المقابل، تلعب هرمونات الحمل دورها في حث مركز الغثيان والقيء، لمنع الأم من تناول السموم المؤذية له، غير أن بعض أنواع الوحام الغريب  تصيبها بعوارض مزعجة، مثل:


•الفحم والطين: التهابات معوية، عسر هضم، الإصابة بطفيليات ودود.


•الورق: تسمم بالرصاص، فقر دم، تشويه الجنين.


•الطباشير، الدهان، قشر البيض: التهاب المعدة.


•الصابون: إسهال مزمن، حروق كيميائية في الفم والمعدة.


•اللحوم على أنواعها والبيض: تشوهات جينية، إسقاط.


•القهوة، الشاي النباتي والتوابل والأعشاب الطبيعية مثل المريمية والكمون:  سموم طبيعية، تغيّرات وراثية.


•الجزر: «بسورالين»، تغيّرات وراثية. 


•الفطر: «الهيدرازين»، تغيّرات وراثية. 


•الريحان: «استرغول»، تغيّرات وراثية.


•الكرنب الأبيض والأحمر (القرنبيط): «ايزوسيوسيانات»، تحولات سلبية.


•قشور البطاطس والطماطم: «السولانين»، الإعاقة.


•الفول: كمية كبيرة من السموم، الإعاقة.

تويتر