سيد حجاب: الكتابة الحقيقية شهادة على الوجود


قال الشاعر سيد حجاب «إن شعوبنا العربية على أبواب منعطف تاريخي خطر ومهم جداً، ومن علامات هذا المنعطف انكسار مشروع الهيمنة الأميركية، وصعود قوى الممانعة والمقاومة في لبنان وفلسطين وحتى أفغانستان»، وأشار حجاب الى «دخول قوى جديدة في مصر ممثلة في الشباب الذين دخلوا العمل السياسي بآليات جديدة أبرزها الإنترنت لمقاومة الهيمنة والفساد و تأسيس مشروع نهضة جديد».

 

وأكد حجابألا «أن المشكلة التي نعيشها حالياً تكمن في أن العالم دخل مرحلة ما بعد الحداثة ونحن لم نؤسس بعد لثقافة قومية نبني عليها ثقافة حديثة ووطنية». واعتبر حجاب أن الكتابة الحقيقية هي «ممارسة للحرية الإنسانية في الشهادة على الوجود الذي نعيشه، هذا دافعي ودافع كل الكُتاب الحقيقيي، الشهادة للتواصل مع البشر.

 

 حتى حين أكتب بتكليف أستطيع أن أحل هذا التكليف بشكل عقلي وحرفي ولكني أفضل أن تكتبني الكتابة لا أن أتعسفها، من خلال المعايشة مع النص ومع التكليف أبحث عن نفسي دائماً أياً كان الدافع المباشر للكتابة، وأظن هكذا الفنان في أعمال كثيرة عبقرية برغم أن الدافع لها كان دنيوياً أو دنيئاً أو متردياً إلا أنه حين يكتب الكاتب بصدق يتفجر أنبل وأجرأ وأشجع وأكثر ما بداخله عشقاً للحق والخير والجمال».

 

 وأشار حجاب إلى أن «ديستوفسكي بدأ كتابة رواية المقامر على طاولة قمار لسداد دين عليه، لكن تظل هذه الرواية من أكثر أعمال ديستوفسكي عبقرية برغم دناءة الدافع المادي لكتابتها، لكن حين انفرد ديستوفسكي بالكتابة مع نفسه خرجت عنه أنبل الأعمال».

 

وحول مستقبل الشعر العامي  في مصر أوضح حجاب «المشكلة ليست في مستقبل الشعر العامي بمصر، بل في مستقبل مصر، نحن في انتظار أن تقدم النخب المثقفة المصرية مشروعاً جديداً للنهضة يكون للمثقفين فيه دور وتكون الثقافة أساس هذه النهضة والتي في إطارها يجد الشعراء الذين انغلقوا على أنفسهم دوراً يصل بينهم وبين مستقبل هذه الأمة». 

 

وقال حجاب عن ارتباط أدب المقاومة بالفصحى، إن هذا الأمر غير صحيح فالمتتبع لموجة الغناء السري التي سادت في الجامعة المصرية فترة السبعينات يجدها كلها كانت بالعامية، ربما ارتبط أدب المقاومة بالفصحى مع المقاومة الفلسطينية وخروج شعراء فلسطين الكبار فترة 48 وفترة ما بعد 56».

 

 وربط حجاب حركات الشعر في المشرق والمغرب وتطورات الثقافة الشعبية بموازاة الثقافة الفصيحة منطلقاً من دقة التسمية: «الشعر العامي»، وليس «الشعر الشعبي»، مبيناً «أن الشعر الشعبي هو الموروث الذي تبتدعه الجماعة دون أن ينسب لفرد بعينه، في حين أن الشعر العامي حسب قوله هو لذوات بعينها تستلهم الموروث لتعبّر عن رؤاها بطرق جديدة وصور شعرية مغايرة»،


وذكر «أن انطلاقة الشعر العامي بمصر كانت مع عبدالله بن مصباح ذي الأصول المغربية والإمام الششتري، ومحمود بيرم التونسي الذي لعب دوراً كبيراً في التأسيس للشعر الحديث في مصر، إضافة إلى دور محمود بورقيبة وجماعة تحت السور في ثلاثينات القرن الماضي في تونسة الفكر والأدب، وأبرز سيد حجاب في مداخلته الفروقات بين الفصحى والعامية في مسـتويات البلاغة «الاستعارة والكــناية» والتجـربة الشعـورية. 

 

وأوضح حجاب «لقد بدأت بالفصحى لأني ابن هذه الثقافة، ومن الطفولة كانت تنتابني رغبة الكتابة بالعامية والكتابة بالفصحى لكن كنت أظن جرياً وراء الوهم الشائع أن الكتابة بالفصحى أرقى من الكتابة بالعامية، كنت أمنع شاعر العامية بداخلي لحساب شاعر الفصحى، ولكن مع الوقت والزمن ومع اللقاء بمدرس مهم جداً في حياتي كان مدرس الرسم في مدرسة أحمد ماهر الثانوية اسمه شحاته سليم نصر الذي قرأ أشعاري الباكرة ونبهني إلى أنني أكتب كتابة ذات طابع ذاتي وأن المشاعر الإنسانية محدودة»،

 

وقال حجاب: «في طفولتي شعرت بأنني عثرت على منجم شعري بدأت أعبر الشارع الصغير شارع حجاب الذي يفصل اهلي من المتعلمين عن أبناء عمومتهم الصيادين البسطاء.

 

بدأت ارتبط بحياة أولاد الصيادين والكتابة  عنهم، أذهب معهم إلى البحيرة، ومن خلال محاولة الكتابة عنهم استيقظ الشاعر الذي يكتب بلغة الحياة اليومية المحكية المكفوف المقهور بالقيم الرسمية السائدة، كتبت في البدء قصائد السرد فيها بالفصحى والحوار بالعامية، ثم استقلت العامية بقصائد بكاملها».

لقاء
عن لقائه بأسامة أنور عكاشة صديق عمره، قال حجاب: «لقائي بعكاشة هو لقاء أرواح ترى الدنيا بالمنظار ذاته، لكن في الحقيقة أرى النص الشعري الذي أكتبه للدراما والأطفال من أهم المنجزات في مسيرتي الشعرية، الاثنان أدخلاني إلى قلب المتلقي وعقدا صلة طيبة بين كلمتي وبين المتلقي». 

الأكثر مشاركة