الخليج تتجه إلى الزراعة بعد ارتفاع أسعار المواد الغذائية


حقيقة أن المرء لا يستطيع أن يأكل البترودولار تثير ضيق مواطني دول الخليج الغنية بالنفط هذه الأيام. فعلى الرغم من أن خزائن الدولة في السعودية وأبو ظبي وقطر وغيرها من دول المنطقة أتخمت بالدولارات بعد الارتفاع الصاروخي في أسعار النفط على مدى الشهور الماضية فإن الجنون الذي أصاب أسعار المواد الغذائية في المقابل جعل مستوى معيشة قسم كبير من المواطنين أدنى مما كان عليه قبل عام.

 

وتضررت هذه الدول الصحراوية بشدة لأنها تستورد أكثر من 80 % من احتياجاتها من الغذاء الذي تحتاج إليه لاطعام سكانها الذين تتزايد أعدادهم سريعا. وفي مسعى لكبح جماح هذا التضخم الجامح الذي تؤججه تكلفة استيراد الغذاء، تبني حكام دول الخليج استراتيجية جديدة: شراء الاراضي الزراعية غير المستغلة في الدول الفقيرة مثل باكستان وتايلاند والسودان حيث أصبحوا من كبار المزارعين.

 

ففي منتصف أيار/مايو الحالي توجه وزير الصناعة والتجارة البحريني حسن فخرو إلى تايلاند لاجراء محادثات بشأن إقامة مزرعة هناك لزراعة الارز من فصيلة "ياسمين" كبديل عن الارز البسمتي الشائع استخدامه في البحرين. وتهدف شركة "أبراج كابيتال" وهى شركة استثمارات خاصة مقرها دبي إلى العمل مع حكومة الامارات العربية على شراء مساحات كبيرة من الاراضي في باكستان لتنفيذ مشروعات زراعية كبرى.

 

وتأمل حكومة الامارات من خلال عملها كمنتج وتاجر في خفض أسعار المواد الغذائية عبر القضاء على الوسطاء. ويشكل هذا التطور بمعني من المعاني مثالا على العولمة في صورتها الكاملة. فالاجانب يشكلون نحو 80 %من سكان الامارات والباكستانيون هم ثاني أكبر جالية بعد الهنود. وإذا ما واصلت اسعار المواد الغذائية ارتفاعها فإن هؤلاء سيصبحون اقل رغبة في الاحتفاظ بوظائفهم كمديرين وعمال هناك.

 

وتعد السعودية وقطر الاشد اهتماما بالاراضي الزراعية الخصبة في السودان وغالبيتها غير مستغل أو لا يستغل بالقدر المطلوب.

أما مصر صاحبة القدرات الاستثمارية الاقل وان كانت تربطها بالخرطوم علاقات تقليدية وثيقة فقد أبدت اهتماما بشمال السودان. وأبرمت القاهرة اتفاقا مع حكومة الرئيس السوداني عمر البشير يقضي بزراعة مليوني فدان بالقمح في منطقة وادي حلفا التي لا تبعد كثيرا عن الحدود المصرية.


وسيوفر هذا الاتفاق على مصر كلفة شراء القمح من الخارج الذي يضطرها لدفع نسبة كبيرة من دخلها من العملات الصعبة كل عام. على جانب آخر قرر العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي تتصدر بلاده قائمة الدول المنتجة للنفط في العالم التخفيف من تأثير ارتفاع أسعار الغذاء ليس على السعوديين وحدهم بل على المجتمع الدولي ككل. فقد أعلنت المملكة العربية السعودية الاسبوع الماضي التبرع بـ 500 مليون دولار لصالح برنامج الاغذية العالمي التابع للامم المتحدة هذا العام.
 

الأكثر مشاركة