مطعم هاشم.. صحن فول واحد للطالب والعامل والملك

 

احتل «مطعم هاشم» حيزاً لافتاً في الذاكرة الشعبية الأردنية، فبات ركناً من أركان العاصمة عمّان التي كبرت، واتسعت،دون ان تغفل الاحتفاء دائماً بمعالمها البارزة، إلى حد أن قام الملك عبدالله الثاني بزيارة مفاجئة في رمضان الماضي، ليتناول وزوجته الملكة رانيا واطفاله، طعام السحور، على احدى الطاولات الخشبية القديمة جداً، في المطعم الذي تظل الحركة فيه هدارة ليلاً ونهاراً.

وحضور عمان الطاغي، في كل ركن وزاوية وحجر في المطعم، جاء امتدادا لحضور الفكرة في ذهن صابر الترك، الذي طبقها في يافا قبل ان يتوفى في لبنان، حيث أقامت عائلته أربع سنوات، اعاد فيها ابنه هاشم الروح والطعم للاسم العريق، الذي بدأ جنينا في لبنان، وصار طفلا كبر في عمان (1956)، برعاية الأبناء عادل ومحمد اللذين أمداه بالنبض الكافي لاستمرار الحياة في شرايينه التي تشعبت بمساندة من صابر وسميح وايمن محمد وأبو عرب نسل هاشم، الذين يحملون لواء الحفاظ على المذاق الأول.

وشهدت يافا في الثلاثينات والأربعينات فترة طبخ الفول والحمص على الحطب، لكن التطور الذي حدث لعمان طال المطعم ايضا، الذي انتقل لمرحلة الغاز والكهرباء، وحل البلاط محل (الصبة) القديمة، فاستوى شكل المطعم (عام 1975) على هيئته الحالية بوسط البلد، وكان قد تم استئجاره في العام 1955 بمبلغ 130 دينارا سنويا، ليعمل فيه هاشم وعادل نحو ربع قرن من الزمان، حفرا فيها الاسم في ذاكرة الناس، قبل ان يسلماه لأولادهما بعد رحيل عادل عن الحياة وتقاعد هاشم، وأبقى سميح وصابر على التقاليد المتوارثة في صنع الفول وتقديمه للطلاب والعمال والموظفين صباحا، ورجال الأمن وموظفي المستشفيات ورجال الصحافة وغيرهم ممن يتطلب عملهم سهرا ليليا.

وتدرج سعر صحن الفول من قرشين الى ستة وثمانية و10 حتى وصل إلى ما وصل إليه الآن، حسبما يتذكر صابر الذي دأب على مساندة والده عادل، منذ كان ابن ثماني سنوات، كان يتعلم فيها صباحا ويعمل مساء، حتى إنهاء دراسته الفندقية، ليتفرغ منذ ذلك الوقت لرعاية محل العائلة.

وكبرت عمان، فصار لابد من الوصول للزبائن الذين كثروا هم أيضا، وبدأوا يتوسعون في عمان الغربية التي اقتحمها مطعم هاشم في عام 1998 بديكورات متطورة تحاكي رقي الأحياء الجديدة. ومما يتذكره صابر عن مطعم العائلة (زمان) انه كان يحتوي على الفول والحمص والبيض والنخاعات والفتة، قبل ان يتم الاقتصار على طعام الفقراء (الفول ومشتقاته) تقدم على 15 طاولة داخلية، ومثلها خارجية، يؤمها مواطنون عاديون وأصحاب (المقام الرفيع)، والكثير من السياح، الذين لايزال بعضهم يراسل أصحاب المطعم، فيما قدم بعضهم الآخر خدمات لهم في (بلاد الغربة) مما يبرهن على مدى التأثير العميق لهذا المطعم في ذاكرة زوّاره من مختلف الجنسيات.

واتسعت شهرة المحل في عمان، وانتقلت للمحافظات الأخرى، واجتازت الحدود، كانت السعودية اولى الدول التي افتتح المطعم فرعا له فيها، اما داخل الأردن فقد امتد لمحافظتي الزرقاء واربد.

وتعد زيارة الملك عبدالله الثاني والملكة رانيا، العام الماضي، الزيارة الملكية الأولى لمطعم هاشم الذي تأسس عام 1952، واختتم الملك زيارته له بتناول «كأس قهوة بلاستيك - سكر وسط»، من البائع المتجول محمد أبو العيش، بعد تناوله طعام سحور اليوم السابع من شهر رمضان. كما زار المطعم العديد من المشاهير من خارج البلاد، كنجوم التمثيل (عبدالله غيث، وفريد شوقي، وعمر الشريف، ويونس شلبي، وسمير غانم) من مصر (وياسين بقوش وطلحت حمدي) من سورية، ونجوم الغناء (راغب علامة، وجورج وسوف، وملحم بركات، واحمد عدوية) وغيرهم ممن رأوا في المطعم جلسة يجدر تخزينها في خانة الذكريات التي لا تنسى.. عن عمان ولياليها الجميلة.  
 
تويتر