من المجالس

عادل محمد الراشد


بدأ مولد الانتخابات الرئاسية الأميركي  بالعزف على جراحات العرب والمسلمين، وأول وأكبر هذه الجراح جُرح القدس. فكل مرشح من المرشحين يبدأ بقطع تذكرة القطار الذي يظن أنه الأسرع إلى المكتب البيضاوي، عبر دغدغة مشاعر اليهود و«إسرائيل» وتقديم قسم ولاء الطاعة والخضوع والانحياز الكامل لمصلحة «قوة إسرائيل» و«أمن إسرائيل» و«تفوق إسرائيل»..

 

والمقابل بطبيعة الحال هو ضعف العرب، وبث الخوف في نفوسهم، وتخللف قوتهم. هذه المعادلة التقليدية دخل على خطها السيناتور الأسود أوباما الذي فاز بترشيح الحزب الديمقراطي للمنافسة على كرسي الرئاسة. ولا يكون ذلك غريباً أو مستغرباً مادام الكلام يراوح في إطار الاستهلاك الانتخابي وحملاته التي درج المرشحون الأميركيون على أن يبدأوها من «أيباك»، أكبر منظمات الضغط اليهودية في أميركا.

 

ولكن أوباما، المرشح الأسود ذا الجينات التي لا تخلو من «شبهة» الإسلام شرع في هذه البداية بخطوات أسرع مما تصورها قادة «أيباك» أنفسهم، وحرق الكثير من الأوراق التي كان يمكن أن تظل في يده كعوامل مناورة في السياسة التي لا تقبل غير المناورة أسلوباً وسبيلاً، وزاد على الأمن والتفوق والقوة مسألة القدس ووضعها كاملة في يد «إسرائيل» عاصمة موحدة. هي كذلك وستبقى كذلك على حد قوله. وبذلك يكون أوباما، المسكون بهواجس الخوف والقلق من تاريخه الشخصي كإنسان أسود عاش فترة من حياته في بيئة مسلمة، ومن تاريخ العلاقة المضطربة بين السود واليهود، ومن الإرث العنصري الذي منع حتى الآن اعتلاء أسود أو امرأة أو غير بروتستانتي عرش البيت الأبيض، سوى جون كيندي الكاثوليكي الذي غادر كرسي الرئاسة مقتولاً إلى القبر قبل أن ينهي فترة رئاسته.

 

هذه الأسباب، وغيرها، ستجعل من أوباما، رغم صفاته القيادية المتميزة، ليس فقط رئيساً محكوماً إذا نجح في الانتخابات، وإنما مرشحاً منقاداً، سيجد يديه عند نهاية الحملة الانتخابية وقد خلت تماماً من كل الأوراق التي تأبطها طوال فترة نضاله وحملت مكانها أوراقاً هي عبارة عن فواتير عليه أن يبدأ بدفعها واحدة تلو الأخرى إذا أراد أن يكون «السيد الرئيس». ولا أحسب أنه سيكون كذلك.  

 

adel.m.alrashed@gmail.com

تويتر