أكد مدير مركز دبي للتحكيم التجاري الدولي، الدكتور حسام التلهوني، «وجود ملاحظات احتوت عليها مسودة قانون التحكيم التجاري الاتحادي تحتاج إلى تعديلات سريعة قبل إقرار القانون، المزمع أواخر العام الجاري». وأوضح لـ«الإمارات اليوم» أن «القانون يحتوي على ملحقين مكملين له، بينما المفترض أن يصدر القانون في جزء واحد بلا ملاحق، منعاً للخلط وصعوبة تطبيقه على الجهات القضائية وكذا المحامين، الذين سيضطرون إلى ملاحقة نصوص ومواد وبنود قانونية بين قانون أصلي وملحقين تابعين له».
وأضاف أنه «على الرغم من نموذجية قانون التحكيم التجاري الاتحادي إلا أن مسودة القانون خلت من مادة تنص على أحقية لجوء المتخاصمين لجهة ثالثة غير القضاء والمحكمين للفصل في أمور عدة أهمها الاعتراض على تعيين المحكمين، فيما نطالب بضرورة إعادة هذه المادة، بينما يجب على الجهات الرسمية المعنية عدم حذف أية فقرات من القانون النموذجي العالمي، إذ إن المتعاملين الدوليين اعتادوا على القانون العالمي، فيما سيؤدي أي تغيير في بنوده إلى توجس المستثمرين الدوليين من جدوى حذف هذه الفقرات». واعتبر أن «رأس المال جبان، ولا يحبذ المستثمرون عدم وضوح بنود قوانين التحكيم في بعض الدول الجاذبة للمستثمرين». وطالب التلهوني بـ«فرض مادة التحكيم التجاري الدولي على طلبة كليات القانون في الدولة، على اعتبار أن تدريسه أمر مهم للغاية في دولة تعتمد على الاقتصاد المفتوح وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، على أن تدرس من جهة أخرى كمادة مستقلة لطلاب المعاهد القضائية، وإعطاء القضاة الحاليين دورات متعمقة في مجال التحكيم التجاري الدولي». ثغرات حالية أشار مدير مركز دبي للتحكيم التجاري الدولي إلى أن «القواعد المطبقة حالياً في التحكيم التجاري، في إطار قانون الإجراءات المدنية، المواد من 203 إلى 218، مليئة بالثغرات القانونية، ولا تتناسب مع السياق العالمي المتبع حالياً، أو حتى النظم المتبعة في دول عربية مجاورة»، مضيفاً أنه من المتوقع أن يسد القانون الجديد هذه الثغرات ويؤدي إلى زيادة الثقة في عمليات التحكيم التجاري في الدولة، وتالياً تلجأ الشركات إلى التحكيم بدلاً من القضاء، بصورة تقلل من الضغط على الأخير، وعدم إرباكه بمنازعات تفصيلية ودقيقة، ولكن يبقى الدور الرئيس للجهات القضائية في الرقابة على تنفيذ أحكام المحكمين التجاريين، بشكل يدعو للتخيل أن هناك تدرجاً قضائياً تبدأ مراحله بالتحكيم، وتنتهي بالقضاء، الذي يناط به التحقق من خلو الأحكام الأولية من العيوب القانونية». ونوه التلهوني إلى قانون التحكيم التجاري الاتحادي الجديد، إذ «سيخدم العلاقات التجارية المحلية، أو المعاملات متعددة الأطراف من الداخل أو الخارج، لاسيما في ظل تمتع الدولة بمناخ آمن للاستثمار». ولفت إلى أن «معظم المستثمرين من أصحاب الشركات الأجنبية الراغبة في الدخول إلى السوق المحلية، معظمها متعددة الجنسيات وتستثمر في أكثر من دولة، بما يعني أنها تجري دراسات دقيقة لأحوال السوق قبل الاستثمار فيه، سواء من النواحي التجارية، أو مدى تطور الدولة قانونياً، وتطور السلك القضائي، ومدى انفتاحه في ما يخص عمليات التجارة الدولية، وكيفية التعامل مع النزاعات متعددة الأطراف». وتابع أن «التحكيم التجاري الدولي له نموذج دولي معتمد من قبل الأمم المتحدة، كما هو الحال في مشروع القانون الجديد، وهو أمر يدعو لطمأنة المستثمرين الحاليين والجدد، بأن قانوناً متطوراً للتحكيم سيصدر محلياً، وأن خبراء مشهوداً لهم بالكفاءة والنزاهة والحيادية، هم من سيطبقونه على الجهات المتنازعة، لاسيما أن المستثمر يعتبر غياب قوانين للتحكيم الدولي في أي سوق استثمارية على أنه من المخاطر التجارية العالية، إذ سيضطر إذا ما حدث نزاع للجوء إلى قضاء غريب عليه يفتقد لمعرفة قوانينه ومواده». مخاطر قانونية واعتبر التلهوني أن «المخاطر القانونية والعقبات القضائية تأتي على رأس أولويات الدراسات التي يجريها أي مستثمر ينوي دخول سوق جديدة، فمهما كانت سوق غنية، فإنه يحتاج لدراسة هذه المخاطر، فيما إذا وجد قانوناً للتحكيم التجاري معترفاً به عالمياً، وأن القضاء مدرب على التعامل مع القواعد والقوانين الدولية، وأن هناك خدمات تحكيم تجاري في هذه الدولة غير القانون العادي فقط (مثل مراكز التحكيم التجاري)، وأنه أمام قائمة خيارات لأسماء محكمين دوليين مشهود لهم بالكفاءة والنزاهة، علاوة على قواعد إضافية تساند هذا القانون، مثل قواعد ولوائح مراكز التحكيم التجارية، التي تساعد المستثمر وتمنحه كل التفاصيل التي يحتاجها أكثر من القانون نفسه، فإنه يطمئن تماماً إلى الاستثمار في هذه السوق، وتالياً سينعكس ذلك إيجاباً على استقطاب مستثمرين أجانب من جميع أنحاء العالم». |