أطباء: الشذوذ مرض نفسي

      

أكد علماء نفس واجتماع «أن بعض المتشبهين بالنساء من الرجال، والمتشبهات من النساء بالرجال، مرضى نفسيون يحتاجون إلى علاج وتأهيل نفسي، ويجب توجيههم إلى مراكز متخصصة لإعادة تأهيلهم وتقويمهم إلى المسار الصحيح ليكونوا أفراداً صالحين» معتبرين «أن الملاحقة الأمنية من قِبل الشرطة فقط لن تردع هذه الفئة وتعيدها الى قيم المجتمع وعاداته».


ومن جانبه، قال قائد عام شرطة دبي، الفريق ضاحي خلفان، لـ «الإمارات اليوم» إن الشواذ لا يعانون خللاً وراثياً يدفعهم اضطرارياً إلى ذلك، وإنما يمكن اعتبار بعضهم ضحايا أوضاع اجتماعية معينة اكتسبوا خلالها سلوكياتهم الشاذة، ومن ثم لا يمكن توصيفهم بالمرضى ومنحهم مبرراً لممارسة هذه السلوكيات داخل المجتمع».


لكن أستاذة علم الاجتماع في جامعة الإمارات، الدكتورة سعاد العريمي، أكدت عدم امكان احالة الظاهرة إلى عامل اجتماعي واحد، وإنما إلى مجموعة من العوامل والمعطيات النفسية والاجتماعية والسلوكية والثقافية والدينية»، مؤكدة أن الظاهرة تعد غريبة وحديثة على مجتمع الإمارات، وتشكلت مظاهرها عبر ولوج نماذج ثقافية أجنبية مغايرة للتقاليد والعادات العربية والإسلامية، وقد نجحت في فرض أنماط سلوكية غريبة، والتسويق لملابس غير مناسبة لجنس صاحبها، من منطلق الموضة والحداثة والتطور، مما أدى إلى انسياق فئة قليلة من الشباب إلى تتبع خطاها، وتقليدها بصورة عمياء».


وترى «أنه إذ كانت الملاحقة الأمنية التي تقوم بها أجهزة الشرطة تأتي انطلاقاً من التجريم الذي يفرضه القانون والمجتمع والدين، لهذا النوع من السلوك، فهو أمر مشروع ومطلوب لردع هذه الفئة، وإعادتها إلى النسق الاجتماعي والأخلاقي، والسلوك السائد في المجتمع» لافتة إلى «أن الشرطة تمثل أداة من أدوات الردع، ومن ثم تدخل في صلاحيتها محاربة الظواهر السلوكية التي تخل في منظومة القيم الاجتماعية وتخدش الحياء العام».

 

تأهيل نفسي
وأكدت العريمي أن هؤلاء، المتشبهين منهم بالنساء، والمتشبهات منهن بالرجال، هم  في حاجة إلى علاج، وإعادة تأهيل نفسي واجتماعي وديني، ويجب ألا يتركوا دون تقديم أوجه المساعدة لهم» موضحة «أنه إذا كان الأمر متعلقاً بمنع الملبس المخالف لفئة طائشة مقلدة لسلوكيات غير قويمة، فهذا أمر يمكن تحقيقه. أما إذا كان الأمر يتعلق بما وراء ذلك بما يعني مرضاً نفسياً، فمن الأهمية تشخيص الحالة والأسباب النفسية والاجتماعية التي أدت بالشخص إلى اتباع هذا السلوك، وتحديد جذور المشكلة، وتوفير أوجه الرعاية لهؤلاء الأفراد وتقويمهم وإعادتهم مرة أخرى إلى المسار الصحيح، ليكونوا أفراداً صالحين» 


وأكدت أن جهات متخصصة في علم النفس والاجتماع والصحة والدين، ومؤسسات المجتمع المدني، معنيون بالمساهمة بجهودهم مع جهود الشرطة في مكافحة هذه الظاهرة من أجل وضع حد لها، والحد من تطورها داخل المجتمع» داعية «إلى سن قوانين تلزم الأفراد بالملبس المناسب للجنس، وتحديد العقوبة المناسبة للمخالفين، سواء من السياح القادمين إلى الدولة، أو من المقيمين، أو غيرهم» ومعالجة هذه الظاهرة في إطارها الاجتماعي الحقيقي، وعدم المبالغة في تصوير أبعادها عبر وسائل الإعلام حتى لا تأخذ حيزاً أكبر من حجمها، إذ يجب أن يكون الهدف هو التوعية بالسلوكيات الاجتماعية الصحيحة». 
 

مرضى فعلاً
وتوافق استشاري النساء والولادة، الدكتورة حسنية قرقاش، على هذا الرأي «لأن الشواذ هم مرضى فعلاً، وليسوا مجرمين. كما أنهم بحاجة إلى علاج من قِبل مختصين نفسيين واجتماعيين وإرشاد ديني لإعادتهم إلى الطريق الصحيح».


ويعتبر أستاذ علم الاجتماع والمشكلات الاجتماعية في جامعة الإمارات، الدكتور عدلي السمري، أن «هذا السلوك منحرف وخارج عن القيم السوية والتصنيف الطبيعي للرجل والمرأة، ومن ثم يعتبر خروجاً عن المتعارف عليه اجتماعياً والمتفق عليه دينياً وأخلاقياً بما استوجب معه ردة فعل من مؤسسات المجتمع».

 

ويرى أن الملاحقة الأمنية تعد جزءاً من مواجهة هذه الظاهرة، لكنها لا تمثل حلاً للمشكلة، فذهاب الشاذين إلى السجون لن ينهي المشكلة» موضحاً أنه «من الأهمية معرفة الخلفيات الاجتماعية والنفسية لهؤلاء الشواذ، وأعمارهم وتوجهاتهم، وإلى أي طبقة ينتمون، وتقديم تفسيرات لسلوكياتهم بما يساعد على وضع حلول ناجعة لجذور المشكلة، إضافة الى معرفة ما إذا كان التشبه بالجنس الآخر يقتصر على الزيّ فقط، أم يصاحب ذلك مظاهر أخرى، مثل وضع الماكياج، أو تغيّر في طريقة الكلام، وغيرهما» مؤكداً أن «مواجهة هذه السلوكيات مسؤولية الشرطة والأسرة والمدرسة والمسجد».


ويحلل السمري شيوع ظاهرة الشذوذ في بعض الأوساط، قائلاً إن مجتمع الإمارات منفتح اقتصادياً وثقافياً على الآخر بصورة كبيرة، ويستقبل جنسيات من ثقافات اجتماعية مختلفة من العالم، حملوا معهم نماذج سلوكية مختلفة عن المظاهر التقليدية المميزة بين مواصفات الرجل والمرأة، فقلدها».

 

تصنيف دولي
ويرى أستاذ علم النفس، الدكتور جورج ونيس، أنه «وفقاً للتصنيف النفسي الدولي والأميركي، يندرج الشواذ تحت قائمة (المنحرفون جنسياً) وبالتالي فهم مرضى وليسوا مجرمين يتم توجيههم إلى القضاء والسجون، إذ يحتاجون لعلاج نفسي وفحص، وتقديم أوجه المساعدة الطبية لهم»  لافتاً الى أن مدمني المخدرات كانوا يعتبرون في السابق مجرمين، وأصبحوا يندرجون في تصنيف المرضى الذين يحتاجون إلى العلاج»، مؤكداً « أهمية وجود توافق في هذه القضية من خلال توجيه من يقبض عليهم إلى مصحّات علاج وتأهيل نفسي، بما لا يخل بما ينص عليه القانون في هذا الشأن»، معتبراً أن الشواذ يمثلون فئة قليلة جداً داخل المجتمع، ولا يمكن وصف وضعهم بالظاهرة».

 
وكانت شرطة دبي قد قررت ملاحقة الشاذين جنسياً «من الرجال المتشبهين بالنساء، أو النساء المتشبهات بالرجال» وفقاً لقائد عام شرطة دبي، الفريق ضاحي خلفان، الذي أعلن في مؤتمر صحافي، أخيراً «ضبط عدد منهم، وإحالتهم إلى القضاء».  وأوضح خلفان أن حملة: «قيمنا الاجتماعية رصينة.. فلنحافظ عليها» تستهدف التصدي لانتشار «مظاهر غريبة في المراكز التجارية، والأماكن العامة، والمدارس، والجامعات، والتي لا تتناسب مع المجتمع الإماراتي، وتتمثل في ارتداء الرجال الأزياء النسائية، وقيامهم بحركات غير مقبولة، وتصرّف بعض الفتيات بخشونة، وارتدائهن ملابس رجالية».  

 
عادات لا تتناسب مع المجتمع
 
 
رحب شباب كثيرون من الجنسين بالحملة، التي أطلقها، أخيراً، القائد العام لشرطة دبي، الفريق ضاحي خلفان، إذ قالت ماجدة يوسف (موظفة) إنها تؤيّد إجراءات شرطة دبي حيال هذه الفئة، وملابسها المخالفة لتقاليد المجتمع وعاداته، مؤكدة أنها «ظاهرة غير مقبولة دينياً واجتماعياً، ويجب ردعها»، مشيرة الى «أن هذه الظاهرة منتشرة بصورة أكبر في أوساط المراهقين الذين يقومون بتقليد الأجانب والغرب، من منطلق مسايرة الموضة، والهوس بشخصيات فنية.

 

وهؤلاء يجب  معاقبتهم»، داعية إلى معالجة الظاهرة بصورة انفتاحية وموضوعية وشاملة، إذ يرى فريق من الأطباء أن هؤلاء الشواذ يعدون مرضى نفسيين فعلاً يحتاجون إلى علاج. ومن ثم؛ فإن معاقبتهم كمجرمين لن تحل المشكلة، وإنما يجب توفير العلاج النفسي والاجتماعي لهم». 

الأكثر مشاركة