قصيدة النثر وحجاب التلقي
|
|
الشاعرة نجوم الغانم شاركت في الملتقى ببعض قصائدها. «الإمارات اليوم»
تحت عنوان «قصيدة النثر وحجاب التلقي» استكملت «ندوة أبوظبي الثقافية» فعالياتها في المجمع الثقافي بأبوظبي، حيث شارك الدكتور سعد البازعي بورقه حملت عنوان «تلقي النثر». وتضمن الجزء الثاني من الفعاليات أمسية شعرية للشاعرة نجوم الغانم من الإمارات والشاعرة عائشة البصري من الجزائر وقدم لها الشاعر محمد عيد ابراهيم.
استعرض البازعي في ورقته تجربته الشخصية شهادة نقدية، انقسمت إلى خطين متوازيين، أو توازيا في البداية ثم افترقا بعد ذلك. موضحا انه عندما بدأ مشواره كانت قصيدة النثر تمثل شكلا متواريا تطغى عليه قصيدة التفعيلة التي كانت تحمل مشعل التغيير في مواجهة القصيدة العمودية في ذالك الوقت، وأدى ميل قصيدة النثر نحو الإعلاء من شأن اليومي والمهمّش إلى جعل الدفاع عن هذا الشكل أمرا صعبا.
انفصام ثقافي وأشار البازعي إلى انه «في تلك الفترة برز اسمان في مجال قصيدة النثر في السعودية هما محمد عبيد الحربي، ومحمد الدومين، إلى جانب التجربة الأقدم في منطقة الخليج للشاعر قاسم حداد، ثم دخلت بعد ذلك اسماء جديدة جعلت قواعد اللعبة تتغير، موضحا أن الخط الثاني الذي أثر في تجربته الشخصية، تمثل في اكتشاف تجارب أخرى أكثر تنوعا في مقدمتها كتابات الماغوط، ووليد الخازندار وغيرهما، حيث كان كل اكتشاف يدفع تجربته النقدية إلى مزيد من الفهم، وتناول أكثر ثقة بإشراك القارئ في تجارب تحول بينه وبينها عوامل مختلفة.
واعتبر البازعي ان مشكلة التلقي في الوطن العربي بشكل عام تعود إلى ان القصيدة تواجه نوعا من الفصام الثقافي في انتاجها وتلقيها بين عالمين الاول لا يرى غيرها شعرا، ويقطنه عدد من شعراء قصيدة النثر وناقديها، وهؤلاء عددهم محدود مقارنة بأهل العالم الثاني من منتجي الشعر بشكله التقليدي، بينما يقع بين العالمين عالم ثالث يمكنه من النظر إلى الأشياء نظرة مركبة ترى الانجاز والقصور، وفي هذه المنطقة الوسطى تبرز قضيتان هما مفهوم الشعر وحائط التسمية لقصيدة النثر.
الحجاب والجدار وفي مداخلته التي حملت عنوان «الحجاب والجدار» أشار د.حاتم الصكر إلى ان أبرز اشكالات قصيدة النثر وسوء قراءتها، تأتي من دورها في تلخيص سؤال الحداثة ومصيرها وبلورة فعل التحديث بعد محاولات تجديد لامست شكل القصيدة غالبا، او تطوير أغراضها ومعانيها، لكن مقترح قصيدة النثر تجاوز تلك المهمة التطويرية والتجديدية إلى جوهر الكتابة الشعرية، من حيث هي معرفة وصلة بالعالم عبر وعي خاص. واستطرد الصكر «ربما زاد الموقف النقدي من تعقيد عملية التلقي، حيث يقترح ناقد مثلا قراءة قصيدة النثر بكونها جنسا ثالثا عابرا للأنواع إلى جانب الشعر والنثر، وذلك يؤجل تحقق التلقي المنشود ويرهنه ببلورة هذا الجنس الإبداعي المقترح الذي عانى الضبابية والغموض مصطلحا ومفهوما». وأكد الصكر أنه «نوع ضمن جنس الشعر بأعرافه الراسخة في التلقي، فكيف ستتم الصلة به بناء على هويته السرابية المقترحة. إن السعي لخرق جدار التلقي. لا يؤتي نتائجه سحريا. بل باكتمال التفتح الثقافي والمعرفي للقراء والارتقاء بفعل القراءة بعيدا عن الاجترار والتقليد والاعتقاد بخصوصية القصيدة وسط الكيان الشعري الكبير الذي يلتهم وجودها لمصلحة وجوده ويلقي بها إلى حكمة جمهوره الذي يصد كل تغيير ينال البنى والهيئات التي استقرت في ذاكرته». وأضاف الصكر « إذا ما تحققت ظروف التلقي المناسبة والإعداد والتأهيل المطلوبان للقارئ، فستجد قصيدة النثر مناخا مناسبا للتواصل والتفاعل مع نصوصها وخطابها، ولكنها لن تجد القبول المطلوب في سياق القراءة التماثلية التي تحتكم إلى الثوابت التي قامت قصيدة النثر أصلا وبجهود نصية متلاحقة من أجيال شعرائها الجدد على هدمها والخروج عنها». |