التنبيه.. فقط لا غير!!

سامي الريامي

 

قال لي أحد القراء ذات مرة: «هل هناك فائدة مما تطرحونه في الصحيفة عموماً وفي مقالاتكم بشكل خاص؟ يعني بصراحة هل يستمع أحد إليكم؟» أجبته: «لسنا معنيين بردود الفعل، وإنما دورنا الرئيس ينصب في إثارة الفعل، بمعنى أكثر وضوحاً فالصحافة ليست جهة تنفيذية تضع الحلول وتتابع تنفيذها، لكنها تضع القضايا والمؤشرات أمام المسؤولين ومتخذي القرار، وهم بدورهم من يقرر الحل».

 

تذكرت هذا الحوار، أمس، تحديداً عندما استمعت لصديق حول قضية خطيرة للغاية، فالرجل يتحدث عن عامل ظل يعمل لفترة تزيد على أربعة أشهر في مطعم بالدولة، ثم بعد ذلك تم اكتشاف إصابته بالسل الرئوي!

 

السل الرئوي معدٍ جداً، وقابل لأن ينتشر حتى عن طريق «النصخ» أو التنفس، ويمكن لحامله أن يصيب به كل من يقابله ويتحدث معه، فهل لنا أن نتخيل عدد الأشخاص الذين تعامل معهم هذا العامل في المطعم؟ ومن ثم عدد المصابين بالعدوى منه؟ هل لنا أن نتخيل طعاماً مطهواً بالسل الرئوي، وسلطة مقطعة من شخص مصاب به، أو وجبة يحملها ويقدمها للزبائن مريض بهذا المرض، إنها بالفعل مأساة حقيقية تجعلنا نصل الى حد الغثيان!

 

لن أتحول الى طبيب، ولكن هذا المرض مزمن، وينتج عن العدوى بجراثيم السل، وقد يُصيب هذا المرض مختلف أجزاء الجسم، وهو يُصيب بصورة رئيسة الرئتين، فهو يقتل مليوني إنسان كل سنة.

 

وفي عام 1993، أخذت منظمة الصحة العالمية خطوة لم يسبق لها مثيل، وأعلنت أن الوباء العالمي الحديث للسل يمثل حالة طوارئ عالمية. وحالياً يقدر أن بين عام 2000 و2020 سيتم إصابة مليار شخص «إصابة سل حديثة»، وأن 200 مليون إنسان سيصبحون مرضى، و35 مليوناً سيموتون من السل، إذا لم يتم دعم جهود السيطرة عليه.

 

وتقدر المنظمة أن كل ثانية يُصاب شخص في العالم بالسل، أو أن 1% تقريباً من سكان العالم يُصابون إصابة حديثة بالسل كل سنة، وثلث سكان العالم مصابون حالياً بجرثومة السل، أمّا طرق العدوى:ألا فهو ينتشر خلال الهواء، فعندما يقوم الأشخاص المصابو بالسعال، العطس، التكلم أو البصق، يقومون بنشر الجراثيم، التي تُعرف بعصويات السل، في الهواء. ولكي تتم العدوى يحتاج الشخص السليم أن يستنشق عدداً صغيراً فقط من هذه الجراثيم.

 

ترى هل يستطيع أحد أن يقدر عدد العطسات والسعلات والبصقات التي قام بها صاحبنا العامل في المطعم طوال فترة الأربعة أشهر؟ وهل يستطيع أحد أن يقدر عدد العمال والزوّار والأشخاص الذين يدخلون البلاد، وهم حاملون لهذا المرض، وغيره من الأمراض المعدية؟ وقبل أن يتساءل البعض عن وجه الربط بين المقدمة والسل الرئوي، أجيب بأننا طرحنا مرات ومرات قضية إلزامية شهادات الفحص الطبي من جهات معترف بها كشرط أساس لدخول الدولة، ولكن لم يلتفت إلى ذلك أحد، لسنا جهة اختصاص، هذا صحيح، ولكن واجبنا يحتم علينا التنبيه والتنبيه، ومن ثم التنبيه فقط لا غير!!

 

 

 

reyami@emaratalyoum.com
تويتر