محمد هنيدي: مشروعات النجوم أفسدت السينما الكوميدية
هنيدي.. خطوات جريئة في السينما وأخرى خجولة في المسرح. تصوير: أشرف العمرة
بعد قرابة العام على حوار سابق مع الفنان المصري محمد هنيدي، «عندليب الدقي»، في دبي أعرب خلاله عن أمله في تلقي سيناريو جيد لفيلم خليجي مصري مشترك يكون أحد المشتركين فيه، عاد بطل «إسماعيلية رايح جاي»، و«صعيدي في الجامعة الأميركية»، و«همام في أمستردام» وغيرها ليؤكد: «لم أتلق أي سيناريو لهذا المشروع الحلم»، مضيفاً: «أريد أن أقدم أعمالاً بمختلف اللهجات العربية خصوصاً الخليجية والسودانية لكن أين السيناريو الجيد؟».
وصرّح هنيدي لـ«الإمارات اليوم» بأن عمله المقبل سيبدأ تصويره في 23 من شهر يونيو الجاري وهو بعنوان «رمضان مبروك أبوالعلمين حمودة»، نافياً أن يكون الاسم «فرقعة إعلامية» أو ما شابه حيث يضيف: «غرابة الاسم لها مدلول موضوعي داخل سياق العمل الذي أجسد فيه دور مدرس لغة عربية من خلال سيناريو مميز كتبه يوسف معاطي ويخرجه وائل إحسان ويتوقع عرضه في القاهرة خلال إجازة عيد الأضحى المقبل».
وأكد هنيدي أنه إلى هذه اللحظة لم يتم الاستقرار على اسم الوجه الناعم الذي سيلعب أمامه بطولة العمل، مؤكداً حرصه على عدم تسريب هوية أسماء بعينها قبل تسمية صاحبة الدور، تجنباً لحرب التصريحات والتصريحات المضادة التي تشهدها الكتابات في المجال السينمائي والقصص التي تنسج حول قبول إحداهن دوراً سبق عرضه على أخرى.
فساد واعترف هنيدي بأن السنيما الكوميدية ليست في أفضل أحوالها، مقراً بغياب الأعمال الكبرى تاركة فساداً في الذوق في هذا المجال، مضيفاً: «هذا التباين بين أعمال الرواد وما نشهده الآن لا يعود إلى ضعف السيناريو كما يروج البعض، أو حتى لإشكالية تتعلق بالقدرات الفنية لنجوم الكوميديا بقدر ما تتعلق بكمِّ المشروعات السينمائية لأولئك النجوم، فتلاحم المواسم وكثرة الإنتاج لا يمنحان الفنان فسحة من الوقت لتجويد صناعته بالقدر الكافي».
وأشار صاحب «بلية ودماغه العالية» إلى أن عملية قبوله الاشتراك في عمل ما تخضع بالنسبة له إلى حسابات دقيقة تتعلق بمدى ما سيضيفه لجمهوره عما أداه في الأدوار السابقة، لذلك «لم أتردد في قبول الفيلم الجديد الذي يقدم المدرس بماهية مختلفة عما درج عليه الحال في السينما المصرية»، مؤكداً أن «الدور الذي يقدمه كوميدياً لكنه لا يخرج عن إطار التكريم والصورة التربوية اللائقة بمكانة المعلم».
تجديد أكد هنيدي أنه خضع لدروس في قواعد اللغة العربية وحاول معايشة بعض الشخصيات الحقيقية في هذا الإطار عن قرب؛ كي يخرج بانطباعات حقيقية تعينه على ترجمة صورة غير نمطية في الدراما السينمائية تتكئ على سحر الكوميديا.
وفي هذا الإطار قال مجسد دور «نوسة» في فيلم «يا أنا يا خالتي»: «لا يمتلك أي فنان كوميدي مقدرة البقاء طويلاً دون الاستعانة بعناصر التجديد والتطوير، فالسينما الكوميدية زاخرة بعدد غير قليل من المجيدين، وهو أمر يصب في صالح الجمهور لاسيما بعد الطفرة الهائلة التي حدثت في معظم الدول العربية في ما يتعلق بعدد دور العرض وجودتها»، مبرراً بذلك اعتماد معظم الأفلام السينمائية الأخيرة على نجم أوحد، مشدداً في الوقت ذاته على أن «ما حدث في فيلم «إسماعيلية رايح جاي» في ما يتعلق باجتماع عدد من النجوم في عمل واحد أصبح من الصعب تكراره؛ نظراً لأن أبطال هذا الفيلم لم يكونوا جميعهم نجوماً حينها، فضلاً عن أن عجلة الإنتاج وظروف سوق الأفلام أيضاً لا يسمحان بذلك حالياً، وإن حدث فلن يكون في صالح الصناعة السينمائية ذاتها».
وفي الإطار الفني ذاته اعتبر هنيدي أن «عصر الاستعانة بالمباغتة في ظاهرة ما سواء من خلال الصوت أو الشكل والإكسسوارات قد عفى عليه الزمن؛ لأن المبالغة في حقيقة الأمر أضحت واقعاً يحياه الناس بشكل اعتيادي، على خلاف جيل الخمسينات والستينات التي كانت تمثل لديهم تقنية المبالغة قمة الإتقان الدرامي».
قريباً من «الخشبة» ومسرحياً شدد هنيدي على أن لا قرار لديه بهجر المسرح مضيفاً: «بعد أن انتهيت من عرض «عفروتو» قررت الابتعاد عن المسرح لفاصل زمني لا يتجاوز شهراً، لكنه طال تلقائياً إلى عام كامل قبل أن أعرض «طراقيعو» التي كنت أتمنى ألا يعقبها كل هذا الابتعاد الذي حدث بشكل غير مدروس بسبب انشغالي بالسينما».
وفي ما يتعلق بالخروج عن النص قال هنيدي: «مطلوب من الفنان أن يتفاعل مع جمهوره وهو ما سيسلمه في بعض المشاهد إلى تعليقات ومواقف تلقائية صادقة تخدم السياق العام للمسرحية، وهو أمر مطلوب لا يعني على الإطلاق أن الفنان يتدخل أو يحرّف في عمل كاتب النص ما دام الأمر يتعلق بفن «الخشبة»، أما في حالة الدراما السينمائية فغير مقبول أن يفرض الممثل رأيه بإضافة أو حذف مشهد ما، وحدوده في هذا المجال تتعلق بإبداء الرأي والملاحظات التي في حالة تعارضها مع رؤية المخرج فإن القرار يكون للأخير، وهذا ما يحكم علاقتي بالمخرج وكاتب النص أو السيناريو في كل أعمالي السينمائية».
براءة «العندليب» ورد هنيدي على بعض النقاد الذين يرون أن الدور الكوميدي الذي يقوم به الفنان لشخصية تنتمي حسب السياق السينمائي لمجتمع آخر عربياً يخلق بعض الحساسيات القطرية: «هناك فارق كبير بين الكوميديا والخروج عن اللائق أو المقبول، فدوري الخليجي في «عندليب الدقي» على سبيل المثال كان كوميدياً ومع ذلك لم يكن هناك ما يسيء إلى أي ثقافة»، مشيراً إلى أنه في المقام الأول يعنيه الوصول إلى ضحكة يمكن أن يستمتع بها جميع أفراد العائلة العربية في عمل لا يعتمد على لفظ أو أداء أو إيحاء خادش».
وحول أكثر نجوم الكوميديا إثارة للضحك من وجهة نظره، عدد هنيدي نجيب الريحاني الذي قال عنه: «أكاد أحفظ تماماً سيناريوهات أفلامه بالكلمة الواحدة»، وإسماعيل يس الذي اعتبره «ملكاً من ملوك الكوميديا الصالحة لكل زمان»، بينما اعتبر «عادل إمام أحد القلائل الذين لم يختلف عليهم الجمهور، وبالتالي هو في صدارة نجوم الكوميديا المعاصرين»، لكنه شدد في الوقت ذاته أن «لا فنان كوميديا عظيماً دون ان يكون في جعبته الفنية ايضاً أفلام ضعيفة هربت بسهولة من ذاكرة الجمهور، حتى إسماعيل يس أو الريحاني لا تعدم أن تجد بين مئات أفلامهم عدة أفلام من هذا القبيل، لكن في النهاية القامة والأثر الفنيين لا يحسبان على أعمال مجتزئة ولكن يفصل فيهما مجمل العطاء».
واعتبر بطل «رمضان مبروك أبوالعلمين حمودة» أن تكرار التعاون بين ممثل ما ومخرج بعينه، كما هو الشأن في تجربته الثالثة مع المخرج وائل إحسان في عمله المقبل «أحد العوامل التي تسهم في إنجاح التجربة السينمائية بعيداً عن دعاوى التجديد والتغيير ايضاً المطلوبين، إلا أن احتمالات التوافق والانسجام تبدو أكثر قابلية للتحقق في حالة تكرار التعاون بين الطرفين»، مضيفاً: «استمرار التعاون بيني وبين إحسان كان مطمحاً قديماً؛ لأننا زميلا دفعة واحدة، دون أن يعني ذلك أن أفلام هنيدي المقبلة معكوفة على إحسان أو العكس، بدليل أن المخرج نفسه أخرج فيلمين لغيري بعد أن تعاونّـا سوياً في آخر أعمالي «عندليب الدقي».
لن أهاجِم احتاج سؤال وحيد حول رأيه في أصحاب نزعة الكوميديا التي تعتمد على الأداء الجسدي إلى الطرح بست صيغ حوارية مختلفة من أجل الوصول إلى إجابة من هنيدي الذي كان كل مرة يذهب في موجة من الضحك التلقائي ليستنزف 15 دقيقة كاملة من الحوار قبل أن يجيب: «لن أهاجم أو أنتقد أحداً من زملائي، فلكل نجم جمهوره لأنه لولا اختلاف الأذواق لبارت السلع»، بعد أن تحرج من التطرق إلى النمط التمثيلي للفنان «محمد سعد». وفي ما يتعلق بالخطوط الفاصلة بين الممثل الكوميدي والمغني قال هنيدي: «قد ألجأ للغناء أحياناً لخدمة السياق الدرامي للفيلم، ولدي ألبوم كامل في الأسواق لأغنيات أفلامي، لكنني أعلم تماماً أنه ليس مجالي، قد يصلح ان يمثل المطرب، لكن العكس ليس صحيحاً».
ويستطرد بطل «رمضان مبروك أبوالعلمين حمودة»: «أعلم أن صوتي سيئ، لكنني فوجئت رغم ذلك برغبة البعض أن أحيي لهم حفلات خاصة، وبعروض لتسجيل أغان خاصة لألبوم رغم أنني من وجهة نظري آخر من يصلح لذلك».
«سوبر هنيدي» قال محمد هنيدي إنه قرر، أخيرًا، العودة إلى التلفزيون من خلال عمل جديد كتبه يوسف معاطي سوف يبدأ تصويره للعرض في رمضان 2009، فيما قال حول سبب إقدامه على تجربة المسلسل الكرتوني «سوبر هنيدي» الذي استقطبته قناة «دبي الفضائية» للعرض خلال رمضان المقبل: «بعد أن أصبحت أباً بدأت أستشعر ضرورة القيام بأعمال خاصة بالأطفال لاسيما في ظل تقبل تجربتي السابقة في هذا المجال مع «أوربت»، لذلك رحبت بفكرة المسلسل الجديد الذي يشاركني فيه حسن حسني وحنان ترك وطلعت زكريا، ونعالج فيه عبر حلقات منفصلة قضايا اجتماعية متعددة بأسلوب بسيط وجذاب».
وشدد هنيدي على ضرورة الاهتمام بإنتاج أعمال درامية موجهة للأطفال، مضيفاً: «معظم ما ينتج في هذا المجال نتاج غربي لا يحمل قيمنا المجتمعية العربية والإسلامية، إن لم يكن يناقضها في جوانب عدة، لذلك علينا ألا ندع تشكيل القيم والمبادئ الأساسية لأطفالنا التي تلعب فيها برامج ومسلسلات الأطفال دوراً رئيساً في أيدي غيرنا». |
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news