الأول دائماً

حمدان الشاعر

 

ليس بمقدورك أن تكون الأول دائماً، وليس في استطاعتك أن تكون صاحب الريادة أبداً، ولذلك فإن الدراسة الصادرة أخيراً عن مؤسسة الخليج والاستثمار بعنوان «النمو خارج نطاق النفط»، كانت موضع جدل كثير حيث أظهرت أن موظفي السعودية والإمارات هم أقل إنتاجية بين نظرائهم في دول الخليج العربية، كما جاءت نتائج الدراسة لتشكل صدمة قوية لشريحة كبيرة من الاقتصاديين والمراقبين لدينا.

 

ولعل مطالبة البعض بمعرفة منهجية الدراسة والمعايير المتبعة فيها مع رفض نتائجها مقدماً، يجعلنا نطرح سؤالاً.. لماذا لا تؤخذ النتائج كواقع نعيشه مع محاولة البحث عن حلول ناجعة لها؟ بالفعل هناك خلل في سوق العمل كما أفرزت الدراسة، وهناك عمالة وطنية غائبة أو مغيبة عن دورها الحقيقي، وهناك عجله توطين متراخية وغير جادة في استدراك ضرورة أن تكون العمالة الماهرة وطنية لتحقيق اقتصاد مستدام.

 

لأنه من الصعب عليك تقييم نفسك فإن قيام جهات محايدة بإجراء دراسات مستقلة سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو غيرها، يكون أكثر قبولاً وأكثر مصداقية، وهكذا فإن هناك حقائق كثيرة اوضحتها الدراسة، ولكن ان يكون ضيق الرؤية وقصر النظر في الارتكاز على محددات معينة ـ حتى لو كانت غير دقيقة ـ مبررين لتسطيح الدراسة وما خلصت إليه من تحديات، يعني ان هناك خلطاً في الفهم العام للواقع والتعامل معه بإيجابية تحدوها الرغبة في التصدي للمشكله ووضع حلول لمستقبل مزدهر.

 

اذا كانت الدراسة تلقي الضوء على مجموعة من التحديات التي يواجهها العمل في الخليج، وتحديات المستقبل، فهو أمر محمود، ومن غير اللائق أن يصار إلى تسفيه الدراسة فقط لأن نتائجها لم ترق لنا، وحتى إن قلنا إن الدراسة لم تكن واضحة المنهجية فقد مرت علينا دراسات كثيرة لم نسأل عن معاييرها أو مهنيتها أو حتى أسلوبها العلمي، ولكن النتائج صادفت هوى في نفوسنا فجعلتنا في المراكز الأولى فصرنا نصفق لها ونشيد بحياديتها.

لا يمكن قياس نجاح اليوم بما نراه ونعيشه فقط، المهم أن نحاول معرفة مدى امكانية استمرار النجاح لـ50 عاماً مقبلة، والتي تعني فهماً جلياً لمبدأ اقتصاد قائم على ركائز مستديمة، يستشرف المستقبل ويقرأ تحدياته بوعي وسعة أفق وامكانات على مواجهة السلبيات المتوقعة في كل الأوقات حتى نتبوأ الريادة الحقة بعيداً عن مراكز وهمية وتصنيفات غير صحيحة نغتر بها ونغرر الآخرين بها.


 

hkshaer@dm.gov.ae

تويتر