نتاشا أطلس.. نتاج دمج موسيقى الشرق والغرب

أطلس تأمل أن تستغل نفوذها في الشرق الأوسط.  أ.ف.ب

تبدو الرموش التي تضعها المغنية نتاشا اطلس كأنها إطار حول عينيها الخضراوين اللتين تظهران وسط وجه مغطى بعدة طبقات من مساحيق التجميل. وهي ترتدي ثوباً حريرياً وتتكئ على اريكة مطرزة، الأمر الذي جعلها تبدو كنجمة بكل المقاييس. انقضى الآن اكثر من 13 عاماً منذ أن بدأت اطلس تستخدم صوتها لتأدية ألحان تمزج بين الشرقي والغربي على نحو جماعي، وبعد ذلك اصدرت سبعة ألبومات فردية، وألقت خطاباً في مؤتمر ضد العنصرية باعتبارها سفيرة النوايا الحسنة للأمم المتحدة، وعملت مع عدد متنوع من الموسيقيين امثال نيتين سوهني ونيغيل كينيدين وبليندا كارليسل.

 

ورغم كل ذلك فإن ألبوم أطلس الفردي الجديد الذي يحمل عنوان «انا هينا» يعد علامة على تغير في الاتجاه بعيداً عن ضجيج النوادي الليلية، نحو نوعية أكثر نعومة من الأصوات المعذبة على انغام الجيتار الكهربائي، والعود والرق العربيين. ويعتبر هذا الألبوم إحياء لذكرى بعض افضل الموسيقيين في الشرق الأوسط في خمسينات وستينات وسبعينات القرن الماضي، من لبنان  الأخوين رحباني والمغنية فيروز، ومن مصر المغني المحبوب عبدالحليم حافظ. وتقول أطلس «خططت لذلك قبل عامين ولكني لم أشعر أبداً أني قادرة ومستعدة أن أقلد بعض المغنين الكلاسيكيين  في الغناء العربي. وأمضيت ردحاً كبيراً من حياتي في اوروبا ، اكثر مما عشت في الشرق الأوسط، ولذلك فإن معلوماتي ستكون اقل مما لدى اي شخص عاش هناك، ويغني في الأندية الليلية العربية طيلة حياته».

 

انفتاح موسيقي

لكن ذلك تغير عندما التقت اطلس مع منتج ومدير الألبوم هارفي بروف، الذي اعجبت بأعماله لأنه كما تقول «يستطيع العزف على العديد من الآلات الموسيقية، كما انه منفتح على العديد من النماذج الموسيقية المختلفة»، ارسلت له بعض تسجيلات اغاني فيروز والأخوين الرحباني وتقول «دهشت حول كيفية قيامه بفك رموز الفن العربي»، ولذلك قررت اطلس ان تبدأ مشروعاً غنائياً معه لتثبت للعالم انه «ليس جميع الموسيقى العربية من النوع الذي لايمكن ان يعزفه الغربيون، وأردت ان آتي بعازفين عرب، اضافة الى عازفين غربيين يعزفون الموسيقى العربية، لأن ذلك ما فعلته مدرسة الرحابنة الموسيقية».

 

اندماج كبير

ومن السهل ان يهزأ المرء بكلمة «اندماج» ولكنها الكلمة الوحيدة التي تشعر اطلس بالارتياح لدى وصف موسيقاها بها، وتقول: «يقول الناس، الدمج، انه شيء جديد، ونحن لا نحبه. ولكنه في الواقع ليس شيئاً جديداً، انه ما كان يفعله الأخوان رحباني في الخمسينات والستينات والسبعينات من القرن الماضي، حيث حاولا صنع موسيقى تعتبر دمجاً بين الموسيقى الغربية والعربية. وسأقوم بذلك وأخلط هذا بذاك، وهو ليس بالأمر الجديد، اذ انه يحدث منذ زمن بعيد. وهذا الدمج امر طبيعي، لأنني نتاج هذا الدمج».

 

 ولدت اطلس في الحي المغربي في بروكسل، وكان والدها طبيب اعصاب من اصل مصري (والده اختصر اسم العائلة من الأطلسي الى أطلس عندما سافر الى اوروبا) وامها مصممة ازياء بريطانية، وترعرعت وهي تستمع الى اغاني فيروز والرحابنة، وهي تحلم بأن تصبح «كل شيء من الرقص الشرقي الى رقص الباليه الى التمثيل»، وتبتسم اطلس وهي تقول «لم تفكر امي يوماً انه سينتهي بي المطاف بأن اصبح موظفة وراء مكتبها».

 

وفي عام 1995 اطلقت البومها الأول الذي يحمل عنوان «الشتات» الذي جلب لها الكثير من الجمهور في  المملكة المتحدة  واوروبا و الشرق الاوسط.

 

وحدث الأمر ذاته في الألبوم الذي تلاه وكان يحمل عنوان «حليم» وصدر الألبوم التالي في عام 1999 و حمل عنوان «جديد» الذي وصل الى قائمة افضل الأغاني الفرنسية لكنه لم يحقق  الأمر ذاته في بريطانيا، حيث بدا كأن أسلوب أطلس الغنائي قد اصبح من الماضي. وقالت في ذلك الوقت «لم اعد انزعج  من رأي الناس في بريطانيا، فهم لم يفهموا ان الموسيقى العالمية يمكن ان تكون بوب ايضا». ولم تحقق النجاح المطلوب في ألبوم «شيء خطر» في عام .2003 لكن ألبومها السادس «ميش مول» كان كعودة الى اسلوبها الاول حيث يستكشف الموسيقى المصرية .

 

ويبدو ان اطلس غيرت رأيها بشأن بريطانيا حيث تقول «لقد تغير المشهد العالمي الموسيقي منذ فترة بداياتي. وأنا ألتقي بالعديد من الإنجليز الذين يتعلمون اللغات المختلفة. وقبل 15 عاما كان يصعب ان يصادف المرء إنجليزياً يتحدث لغات اخرى غير الإنجليزية. ولكن يبدو ان ذلك قد تغير» وتؤكد اطلس ان التغير هو الأمر الذي تحبذه جدا، اضافة الى العمل الجاد والطموح. وهي تشعر بالتواضع ازاء تسميتها سفيرة النوايا الحسنة للأمم المتحدة لفترة قصيرة. لكنها تأمل ان تستغل نفوذها في الشرق الأوسط كي تفتح ملجأ في مصر للنساء وتقول «الكثير من النساء هناك يهجرهن ازواجهن ويتعرضن للكثير من الاضطهاد».

 

وستقوم اطلس بجولة رقص في انحاء اوروبا هذا الصيف. وهناك عدة مشروعات فنية اخرى تتضمن ألبوماً باللغة الإسبانية، اضافة الى تعاون موسيقي كلاسيكي بينها وبين المؤلف الموسيقي جوسلين بوكن وألبوم جديد تغني فيه باللغات العربية الإنجليزية والفرنسية و الإسبانية، والهندية.

الأكثر مشاركة