الإمارات تعد الأولى في منطقة الخليج من حيث سوق اليخوت ونوعيتها.«تصوير:سالم خميس»
أسهم انتشار معارض اليخوت التي تقام داخل الدولة سنوياً في إثارة اهتمام فئات اجتماعية مختلفة بهذا النوع من السياحة، إذ لم يعد امتلاك اليخوت قاصراً على فئات أو شرائح دون غيرها.
ووفقاً لمسؤول في شركة قوارب، ناجح لبيب، فلم يعد مستغرباً أن تجد موظفاً دخله لا يتعدى 5000 درهم، يمتلك قارباً يزيد ثمنه على 50 ألفاً، على الرغم من أنه لا يعد وسيلة انتقال، وإنما فقط للترفيه.
وأكّد لبيب أن الإمارات تعد الأولى في المنطقة الخليجية من حيث حجم سوق اليخوت ونوعيتها، إذ توجد فيها أفخم أنواع القوارب وأغلاها ثمناً. ومنها اليخت «ماجلان 36»، و«كاناري24»، وقارب AS 501 العملاق ذو المحركات الذي يبلغ طوله 100 قدم والذي تم تسليمه أخيراً إلى مالكه الجديد في السعودية.
وقال إن رحلات اليوم الواحد هي الأكثر انتشاراً داخل الدولة، وتكاد تغيب الرحلات الطويلة، لافتاً الى أن أحد أهم التحديات التي تواجه هذه الصناعة حالياً هي عمليات القرصنة خارج المياه الإقليمية، خصوصاً أمام بعض سواحل دول مجاورة.
قوارب النزهة
ويكشف تقرير لغرفة التجارة والصناعة في أبوظبي أن إجمالي الاستثمارات في سوق اليخوت وقوارب النزهة داخل الدولة يبلغ نحو 36 مليار درهم، بنسبة نمو نحو 10% مقارنة بالعام الماضي، فيما يبلغ مقدار الاستثمارات في قطاع اليخوت الفخمة أكثر من 15 مليار درهم. ويتوقّع التقرير أن يتضاعف نموّ هذه السوق بضع مرات خلال سنوات قليلة.
وبحسب مستشار الشؤون البحرية في الهيئة الوطنية للمواصلات المهندس مصطفى الوزين، فإن عدد السفن واليخوت وقوارب النزهة داخل الدولة حالياً يقارب 11 ألفا، مضيفاً أن بعض أسعار قوارب النزهة صغيرة الحجم تصل إلى 3000 درهم بينما تصل في بعض أنواع اليخوت الفخمة إلى 20 مليون درهم، مما يعني اتساع الشرائح الاجتماعية وعدد الأفراد المستفيدين من هذه السوق.
تسهيلات كبيرة
وقال مدير شركة اليرموك لتأجير قوارب النزهة يوسف عبيد إن أسعار قوارب النزهة واليخوت داخل البلاد تعد منخفضة في مقابل غيرها من بلدان المنطقة، وهو ما يؤثر عكسيا في شركات تأجير القوارب لأن أغلب الهواة والسائحين أصبحوا يفضلون شراء القارب أو اليخت، ساعد على ذلك عروض البنوك التي قدمت تسهيلات كبيرة على قروض شراء اليخوت السياحية، وسهولة إجراءات التراخيص، ولفت عبيد إلى ضرورة تشديد الرقابة على هذه القوارب لمنع الكوارث والمشكلات التي قد تنجم عنها أثناء الإبحار لأن كثيراً من القائمين عليها غير مدربين بشكل كافٍ ولا يمتلكون الخبرة اللازمة لقيادتها.
وحذّر الخبير المالي والاقتصادي إبراهيم الغنيمي أن تساهم ظاهرة انتشار قروض القوارب واليخوت في تفاقم ظاهرة القروض الشخصية وقال إن تقريراً صدر منذ أيام قليلة ونشر بوسائل الإعلام يقدّر حجم القروض الشخصية خلال النصف الأول من العام الجاري بنحو 50 مليار درهم بسبب زيادة الرواتب في القطاعين العام والخاص وانعكاسها على آلية تقديم القروض من البنوك.
وطالب الغنيمي الجهات الرقابية في الدولة بالكشف عن الأرقام الصحيحة ووضع ضوابط أكثر حزماً لمنع تفشي هذا النوع من القروض الاستهلاكية غير المبررة التي تصل في وقت قريب إلى ظاهرة يصعب السيطرة عليها .
ضوابط القروض
من جهتها، رفضت إدارة الرقابة والتفتيش على المصارف بالمصرف المركزي تقديم أي معلومات حول ضوابط منح هذه القروض أو حجمها أو كيفية تنظيمها دون تقديم أي مبررات.
ورأى مدير إدارة المخاطر في بنك دبي التجاري جمال صالح أن انتشار هذا النوع من التمويل يعبر فقط عن وفرة السيولة المالية لدى البنوك، وليس عن رغبتها في سد الحاجات الأساسية لدى أفراد المجتمع، وهو يفتح باباً جديداً لإنفاق يستهلك جزءاً من هذه السيولة.
ورأى أن البنوك التي تمنح مثل هذه القروض تعتمد غالباً على مكانة الشخص واسمه ولا تطالبه بضمانات كبيرة لأنه معروف مسبقاً لديها، وهو من فئة «V I P» ويستطيع الحصول على قيمة هذا القرض تحت أي مسمّى.
وقال إنه على الرغم من انتشار هذه السوق واتساعها ودخول كثير من البنوك المحلية طرفاً فيها، إلا أنها لم تتحول بعد إلى ظاهرة مثل ظاهرة امتلاك السيارات على سبيل المثال، لأن كثيراً من البنوك حتى الآن لا تموّل الموجودات التي يطلق عليها «الموبايل أسيد» ذات المخاطر المضاعفة، وإن كانت هناك موجودات ينطبق عليها المواصفات نفسها، لكنها أقل مخاطرة مثل تمويل السيارات التي يضمن البنك أنها لن تخرج عن حدود الدولة بأي حال وفقاً للضوابط القانونية الموجودة، في حين يصعب تطبيق المعايير نفسها على السفن والقوارب واليخوت لأن مجال سيرها يصعب السيطرة عليه. وتالياً، فهي معرّضة للتهريب خارج البلاد بشكل واسع، حتى إذا كان المستفيد مواطناً، فإنه أيضاً معرّض للسرقة وتهريب قاربه أو يخته.
أسعار اليخوت
وأكّد أن البنوك المحلية مازالت تخطو أولى خطواتها في هذا المجال كشكل من أشكال التنوع، نظراً لعدم خبرتها في مواجهة مخاطره. وأغلب البنوك التي تموّل هذا النوع من القروض هي بنوك أجنبية لديها خبرات كبيرة وقاعدة بيانات واسعة حول موانئ العالم ومراكز تجارة وتصنيع اليخوت في البلدان كافة، فإذا ما تعرضت للسرقة فإنها تعرف كيف تسترده.
وقالت مديرة إدارة النقل البحري في الهيئة الوطنية للمواصلات بدرية أحمد الظاهري، إن أسعار اليخوت وقوارب النزهة داخل الدولة ساعدت على اتساع وانتشار السياحة البحرية بشكل كبير، إضافة إلى عدم التمييز بين المواطنين والوافدين في منح تراخيص امتلاك قوارب ويخوت النزهة الخاصة التي تقتصر على الترفيه والسياحة إذا ما توافرت الشروط التي تحددها الهيئة الوطنية للمواصلات من حيث وسائل الأمن والسلامة، مضيفة أن إدارة النقل البحري تستعد لطفرة متوقّعة في صناعة سوق اليخوت وقوارب النزهة بالدولة وازدياد عددها بشكل مضطرد خصوصاً بعد إقرار القانون الجديد - الذي يناقش حالياً في مجلس الوزراء - ليتماشى مع المتطلبات والمستجدات التي طرأت على واقع الدولة.
دراسة
دعت دراسة جديدة شاملة أعدتها الهيئة الوطنية للمواصلات حول النقل البحري الترفيهي على المستويين الفني والإداري، إلى إيجاد معايير جديدة للأمن والسلامة والوصول بها إلى المعايير العالمية والمساواة في إجراءات إصدار التراخيص، وإيجاد دور تأميني في هذا المجال لما يشمله من مخاطر. وفقاً للظاهري فإن المعايير في الخطة المستقبلية ستكون موّحدة بين المواطنين والوافدين من حيث السلامة الفنية وصلاحية القارب للإبحار ومعدات السلامة والإنقاذ والتدريب اللازم للقائد، والوثائق المطلوبة والتراخيص، مضيفة أن بعض القوارب واليخوت المرخّص لها بالإبحار داخل الدولة ترتكب مخالفات عدة مثل استخــدام القوارب في غير الأغراض المخصّصة لها كالنقــل أو الصيد أو زيادة عدد الركاب عن العدد المصرّح به، وهو 12 فرداً، وغيرها من المخالفات، وسيتضمن القانون الجديد ضوابط وإجراءات جديدة لتنظيم عملها.
ورأت أن موقع الإمارات الاستراتيجي وطول سواحلها وإنشاء السواحل البحرية الجديدة يوماً بعد يوم وإقامة جزر عدة، خصوصاً في كل من أبوظبي ودبي تؤهلها لأن تكون أحد أهم بلدان العالم في هذا المجال.
|