«بن حنديو الدمالي».. آخر إبداعات الجناحي

الحركة الفنية الإماراتية فجعت بفقد أحد أبرز مؤسسيها.( أرشيفية )

 

«مهرجان دبي السينمائي، الذي جمع عدداً كبيرا من الفنانين الخليجيين، اظهر انسجامهم وتواصلهم الحميمي مع نظرائهم الإماراتيين ما يدعو للفرح»، قالها الفنان الإماراتي محمد الجناحي في آخر حوار جمعه بـ«الإمارات اليوم»، قبل أن يحجبه المرض عن التواصل مع الساحة الفنية، ويضطر للسفر إلى سنغافورة للاستشفاء من ورم سرطاني تمكن من هزيمته في عامه السبعين، أمس الأول، مغيباً واحداً من أهم مؤسسي المسرح الإماراتي والدراما الإذاعية والتلفزيونية، والذي سيتم مواراة جثمانه الثرى عقب إقامة صلاة الجنازة عليه بعد صلاة عصر اليوم، في مسجد مقبرة بني ياس في أبوظبي، حيث يتوقع أن يكون جثمانه قد وصل من سنغافورة، منتصف ليلة أمس.

 

الحوار الأخير
الحوار مع الجناحي، جرى بحضور الفنانين السعودي عبدالمحسن النمر والإماراتي بلال عبدالله، في فندق القصر أثناء انعقاد دورة مهرجان دبي السينمائي في ديسمبر الماضي، وأفصح فيه عن آخر مشاريعه الإبداعية لـ«الإمارات اليوم»، حيث قال «عدتلا للكتابة  التلفزيونية من جديد عبر نص لمسلسل أسميته «بن حنديو الدمالي» قدمته لـ«سما دبي»، وقمت أيضاً بتسجيل حلقة مبدئية منه، هو عمل كوميدي قمت بكتابته لأحد الفنانين بعد أن طلب مني بنفسه ذلك، لكني في انتظار موافقة القناة على تبني العمل».

 

الجناحي قدم عملا وحيدا في السينما هو «عقاب» في عام 2006 لمجيد عبدالرزاق، قال «معظم من يتم المراهنة عليهم في الأفلام السينمائية الجديدة هم من الشباب، وما يهمني أن هناك نشاطاً بدأت تظهر بوادره بوضوح على السطح، وهو المكسب الحقيقي للسينما الإماراتية الناشئة».

 

جيل جديد مؤهل
وتلفزيونياً رأى الجناحي أن سياسة المنتج المنفذ التي اتبعتها القنوات المحلية أخيراً ستقود إلى مزيد من النجاحات للدراما الإماراتية، مضيفاً «خمسة مسلسلات تم إنجازها في الإمارات العام الماضي بفضل هذا النمط الجديد من الإنتاج، واصبح لدينا منتجون ينتمون إلى الدراما المحلية نفسها ليسوا بصفتهم مستثمرين بل فنانين مثل أحمد الجسمي وسميرة أحمد، وهذا مفيد».


ورأى الجناحي أن «العدد الكبير الذي تزخر به الساحة الإماراتية من مخرجين شباب يقومون بالبوح عن مواهبهم في أفلام قصيرة سوف يتم جني ثماره مستقبلاً»، مضيفاً «نظرة سريعة إلى مختلف دول الخليج العربي في هذ المجال ستؤكد القناعة بأن الإمارات تمتلك جيلاً مؤهلاً لقيادة دفة الدراما الخليجية».


واعتبر الجناحي أن «المسرح الإماراتي شديد الخصوبة على مدار العام، بفضل وجود عدد كبير من الأنشطة والفعاليات المسرحية النوعية، وفي مقدمتها «أيام الشارقة المسرحية» و«مهرجان المونودراما» بالفجيرة، ومهرجان المسرح الشبابي، وجولات الأعمال الفائزة في «الأيام» على خشبات مسارح الدولة ضمن فعاليات المواسم المسرحية صيفاً».

 

واعتبر المهرجانات والفعاليات المسرحية والسينمائية الإقليمية والدولية «فرصة لمزيد من التعارف بين الممثلين والمخرجين والمنتجين من أجل إنجاز مشروعات فنية جديدة»، مقترحا زيادة ورش العمل التي تهدف إلى إحداث هذا التعارف والدمج بين الضيوف على اختلاف ثقافاتهم وجنســياتهم «دون أن يتم ترك هذا الأمر للمصادفــة أو الاجتهاد الشخصي فقط»، مضيفاً «تعرفت إلى أحـــد المنتجين الإيطاليين وآخر من فرنسا، هنا في بهو فندق القصر، وأبديا اهتـــماماً بالتواصل معي من أجل التفكير في مشــاريع مشتركة».

 
قدوة الفنانين
نائب رئيس قسم المسرح بوزارة الثقافة والإعلام وخدمــة المجتمع، الفنانة سميرة أحمد تحشــرجت الكلمات في حلقها وهي تقول «فقدنــا برحيل الجناحي سفير الفن الإماراتي وأبا وأخا لكل الفنانين الإماراتيين إن كان في مجال الدراما المســرحية أو التلفزيونية التي شــرفت بأن يجمعني به في نطاقــها آخر أعماله وهو مسلســل «وجه آخر»، الذي كان فيه كما عادته دائماً قدوة للجميع في الالتزام والحرفية والتعاون».

 

علاقة مختلفة
مدير الأنشطة الثقافية والمجتمعية وامين سر جمعية المسرحيين، الفنان حبيب غلوم في السياق ذاته قال «تختلف علاقة محمد الجناحي بالمسرح عن كثيرين غيره من المسرحيين الإماراتيين في أنها لم تكن محصورة في خشبة بعينها، حيث تعاون عبر الأعمال الكثيرة التي شارك فيها مع عدد كبير من المسارح المحلية.

 

وبالنسبة لي فإن آخر ثلاثة اعمال مسرحية لي تعاونت فيها معه وكان أحدها آخر أعماله المسرحية وهي «المهاجر» وقبـلها «ثلاث صرخات» و«لحظــات منسية». 


واضاف غلوم «مصيبة المسرح الإماراتي في غياب الجناحي كبيرة، لكننا أمام إرادة الله وحكمته لا نملك سوى الدعاء بأن يسكنه الله فسيح جناته، والسير على درب مواصلة العطاء للفن المسرحي والتلفزيوني اللذين طالما أعطاهما الكثير».  


أول المبدعين  
عضو هيئة الثقافة والفنون بدبي ورئيس صندوق التكافل الاجتماعي بجمعية المسرحيين، عمر غباش، من جانبه قال «كان الجناحي قامة كبيرة من قامات المسرح المحلي والخليجي والعربي، وهو أحد رواد المسرح والدراما التلفزيونية والإذاعية في الإمارات، فهو مبدع ومؤسس أول للدراما التلفزيونية في تلفزيون ابوظبي على وجه الخصوص، ومؤسس للدراما الإذاعية في إذاعة ابو ظبي، وأكثر ما يذكرنا به رحيله هو حال «الدراما الإذاعية» التي غابت هي الأخرى عن اهتمامات إذاعاتنا المحلية على الرغم من الاهتمام العالمي بذلك النوع من الدراما التي جمعتني  بالراحل في نص قام بكتابته والاشتراك معي في تمثيله»، معتبراً الجناحي «مثالا يحتذى أيضاً في تواصله مع هموم فنه المسرحي عبر تواصله الفعال ومشاركاته المثمرة في اجتماعات الجمعية العمومية لجمعية المسرحيين بالإمارات».
 

الأكثر مشاركة