عاصم حمزة: الشوكولاتة حياتي
عاصم حمزة: الشخص الناجح يتمكن من التميّز وسط الزحام.
حلم كبير جاء بعاصم حمزة الى دبي؛ بناء مملكة الشوكولاتة! واختار الانطلاق من الإمارات، آملاً انتشارها في العالم، خصوصاً في أوروباً، رغبة منه في كسر القاعدة القائلة بأن «الشوكولاتة الفاخرة تصنع فقط في بلجيكا وسويسرا». وبمساعدة ومساندة زوجته، تحولت الشوكولاتة من مجرد حبة مغلفة بورقة إلى «حياة وشغف»، ليؤسسا شركة بدأت عائلية صغيرة، لكن متماسكة، لتتطور وتكبر وتنافس صناع الشوكولاتة في الإمارات، مستعينين بنبتة الكاكاو وألوانها... إنها قصة مغترب لبناني يحاول تحقيق طموحه، وصناعة معجزة بنية اللون، معتمداً على قدرة التعلم والمثابرة. تعلم حمزة صناعة الشوكولاتة في منزله، فقد كان يطبخها بأنواع ونكهات متنوعة، بمساعدة زوجته وولده، ليحولوا الأهل والأصدقاء إلى حقل تجربة واختبار، ويشرح «جعلنا الناس من حولنا يتذوقون منتجاتنا البيتية، بغية إعطاء رأيهم وتطوير مهاراتنا، ما أعطانا الدفع والمعنويات لننخرط أكثر وأكثر في عالم الشوكولاتة الساحر». وانطلاقاً من محيطه الصغير، بدأ حمزة وزوجته دينا بالتخطيط المنظم لحلمه الكبير، ويشرح «اخترنا اسم «شوكووا» بعد مشاورات ومداولات عدة في ما بيننا ومع الأصدقاء»، كما استعانا بطفلهما الصغير، خصوصاً أنهما كانا يرغبان في اسم مميز وجديد، ويقول «يُعد الاسم مزجاً بين عنصرين مهمين وبارزين في تكوين حبة الشوكولاتة»، القسم الأول يعبر عن الكلمة بحد ذاتها، في حين يعني الجزء الثاني نبتة «الكاكاو»، لكنه يؤكد أنهما كتبا سلسلة طويلة من الأسماء مثل «شوكوهوليك» أي مدمن شوكولاتة وغيرها من الأسماء، ويضيف «شعرنا أن الاسم المختار يجسد الخطوة الأولى من تصورنا للفكرة الراسخة حول الشوكولاتة». ومن ناحية أخرى، اختار الزوجان ورقة نبتة الكاكاو، لتكون الشعار الذي يشير إلى الشوكولاتة الخاصة بهما، فيما وقع الاختيار على البني والتركواز والرمادي المعدني لتكون ألوان الشعار وأغلفة العلب والأكياس، ويعلل سبب اختيارهما لهذا الشعار والألوان بالقول: إن نبتة الكاكاو تدل كل من يشاهدها إلى الشوكولاتة ومشتقاتها. أما في ما يخص الألوان، فيشرح حمزة، الذي أتى إلى دبي منذ خمسة أعوام، أن ثمرة الكاكاو تمر في مراحل عدة قبل الحصول على حبات الكاكاو، خصوصاً أن لون الأوراق الصغيرة مزيج من لوني الأزرق والأخضر، والتي تتحول تدريجياً لتصبح بنية في مرحلة النضج، وبالتالي جمعا لوني البداية والنهاية في بوتقة واحدة، متناسقة من حيث الشكل واللون، ويقول «تجذب هذه الألوان نظر الزبائن أو المتذوقين، وتجعلهم يدركون أن المحل يقدم شوكولاتة لذيذة على يد اختصاصيين محترفين»، مستشهداً بالمثل القائل «المكتوب يُقرأ من عنوانه». حظ وحدس وبعد تحقيق الخطوة الأولى، قام آل حمزة بوضع خطط لصناعة الشوكولاتة وطريقة تغليفها بشكل جميل ولافت للنظر، ويفسر الزوج «أعددت ملفاً خاصاً من الألف إلى الياء»، معتبراً إياه كنزاً وثروة يرغب في الاحتفاظ به طيلة أيام حياته، لأنه «فأل حسن»، بغية البدء بالعمل وتطبيق خطط «ملف شوكووا»، ويقول «درست حاجة السوق في دبي من كل النواحي»، وأتم كل المعاملات القانونية والرسمية ليؤسس مصنعاً ومحلاً للشوكولاتة، ويضيف «لم أواجه أي مشكلة خلال فترة إجراء المعاملات»، بل وجد تعاوناً وتجاوباً كبيرين من المؤسسات المعنية، كما استفاد كثيراً من الاطلاع على كل الكتب والدراسات المنشورة في الدولة حول صناعة الشوكولاتة. لطالما شعر حمزة أنه محظوظ وناجح في عمله، ويقول «الشوكولاتة حياتي»، لذلك يستمتع عندما يعمل، ويضيف «لا أستطيع الابتعاد عن الشوكولاتة»، فهو يعتبر «شوكووا» كأحد أولاده، وثمار حب متبادل مع زوجته، التي تستلم إدارة المتجر وتشرف على تزيين الشوكولاتة، في حين يعمل هو في المصنع ويشرف مباشرة على سير العمل خلال الطبخ والتقطيع والتغليف الخارجي، فضلاً عن تجربة خلطات جديدة من الشوكولاتة بمساعدة الطباخين والعاملين في المصنع. وبالعودة إلى الفترة الأولى من التأسيس، يوضح حمزة أن أصدقاءه لاموه لاختياره محل عرض منتجاته في منطقة البرشاء، البعيدة عن وسط المدينة، لكنه يقول «دفعني حدسي لاختيار المكان»، إذ أحس انه مناسب وملائم، وبالفعل صدق حدسه حين أنشئ «مول الإمارات»، وانتشر العمران في تلك المنطقة، لتمسي مزدهرة وعامرة بالناس. وضع حمزة قبعة الطباخ على رأسه، وبدأ بطبخ الشوكولاتة وتسويقها للناس مجاناً، ويصف ردة الفعل الأولى بأنها كانت ممتازة، ما جعل محبي الشوكولاتة يقبلون على المحل لشرائها، ويقول «تمكنت من اقتحام سوق تعج بمحال الشوكولاتة المتنوعة»، بسبب الجودة والطعم الطيب، مشيراً إلى أنه يستورد كل المواد من أوروبا وبلجيكا وسويسرا بالتحديد، كونهما من أهم مصادر الشوكولاتة الفاخرة، ليزداد عدد العمال تدريجياً، ليصل في الوقت الحالي إلى 65 شخصاً من جنسيات مختلفة. طموح وتعاون قرار زوجته دينا الالتحاق به لمساعدته والوقوف إلى جانبه، دفعه للأمام؛ خصوصا وهو يعتبر شركته مؤسسة عائلية، ويقول «أعتبر دينا يدي اليمنى ومساعدتي وملهمتي»، فقد كانا جنباً إلى جنب، كل في اختصاصه وعمله، ما جعل الهدف المنشود مشتركاً، ومدعماً بالدوافع الشخصية لتحقيق الربح لصالح العائلة. وعلى الرغم من توسع الشركة والحاجة إلى تطويرها، يؤكد حمزة أن شركته ستبقى عائلية، كما أنه يعتبر أن العاملين معه أصدقاء، حيث تربطه علاقة إنسانية طيبة مع الكل، ودون استثناء، ويضيف «تدعم هذه العلاقات حسن سير العمل وتحقيق النجاح»، لأنها تقوم على المحبة والتعاون والتفاهم. في المقابل، يرفض صاحب مصنع «شوكووا» فكرة توريث المهنة، ويقول «برعت في عملي لأني أحبه، وأعده شغفاً وعشقاً»، غير أنه لن يجبر ابنه أو ابنته على العمل في عالم الشوكولاتة، مفضلاً ترك المجال مفتوحاً أمامهما ليختارا ما يحبان، وعلى الرغم من رغبته في استمرارية «شوكووا» وتحولها إلى ماركة عالمية معروفة في العالم، ليكسر القاعدة القائلة بأن الشوكولاتة الفاخرة واللذيذة تستورد فقط من أوروبا، مشيراً إلى أنه اشترى أرضاً ليبني عليها مصنعاً كبيراً لصناعة الشوكولاتة، كي يصدرها إلى الخارج، كمنتج عالي الجودة «صنع في الإمارات العربية المتحدة»، مؤكداً أنه يشعر بالامتنان لوجوده في دولة أعطته فرصة عمل، وأمنت له النجاح وتحقيق الأحلام، معتبراً إياها بلده الثاني، خصوصاً أن الأوضاع المعيشية في وطنه لبنان ليست مشجعة للاستثمار. المنافسة الشريفة «المنافسة شر لابد منه»، غير أنها دافع قوي لتقديم الأفضل، ويشرح حمزة «الشخص الناجح يتمكن من التميّز وسط الزحام»، فهو لا يريد أن يكون الوحيد في الساحة وإلغاء الآخرين، مفسراً أن الناس والزبائن هم الذين يصدرون الحكم ويختارون الأفضل، وما ازدياد عدد الزبائن ورغبته في توسيع نطاق عمله إلا دليلا واضحا على تميزه ونجاحه، ويشير إلى أنه اتبع استراتيجية مميزة للتعامل مع الزبائن، ويقول «أحاول جعل الزبون زائرا دائما للمحل، وحثه على التردد دوماً في كل المناسبات وليس مجرد زائر عابر»، ويقول «التجديد المستمر وابتكار نكهات جديدة ومميزة تدفع الناس للإقبال على شوكووا»، وفي الوقت نفسه، لا يشعر بالغيرة من نجاح منافسيه، بل يشجعهم لأنهم تمكنوا من خلق ابتكار جديد «طيب ولذيذ»، ولا يحس بالغيرة أو الحسد أو الرغبة في تقليد أو استنساخ منتجاتهم المشتقة من الشوكولاتة، «لا أحب خطف ثمار الآخرين». وعلى الرغم من أهمية الجانب المادي والتجاري، يولي موظفو المتجر أهمية بالغة لرغبات وحاجات الزبائن، ويفسر حمزة «أمسى لكل موظف عدد من الزبائن الدائمين»، بحيث يفهم الموظف طلب الزبون وينفذ الهدف المنشود، ما يعزز شعبية «شوكووا» وازدهارها، كما أنهم غالباً ما يجددون في الزينة والأشكال المستعملة، منعاً للرتابة والروتين، خصوصاً أن التفرد والتميز صفة مشتركة بين البشر، ويوضح أن زوجته تسافر إلى الخارج بغية اكتشاف أحدث صيحات الزينة العالمية، ومؤكداً أنهم لا يحاولون استغلال الناس من خلال بيعهم اكسسوارات غالية الثمن، بل إقناعهم أن الذوق الجميل هو الحل الأنسب لإيصال الرسالة المرغوبة. مدرسة الشوكولاتة
حمزة الذي لم يكن في البداية ليعرف الفرق بين الشوكولاتة المرة والحلوة، السادة والمحشوة، بل كما يقول هو ضاحكاً «كنت آكل الشوكولاتة فقط»، اكتسب الآن معلومات مهمة خلال 12 عاماً، ويقول «الحياة مدرسة طويلة الأمد، ويكذب من يقول إنه يعرف كل شيء»، ويوضح أن الشوكولاتة «تمنح الإنسان شعوراً بالسعادة والفرح، كما تساعد على محاربة عدد من الأمراض النفسية والجسدية»، خصوصاً تلك المرة أو السوداء، موضحاً أن «شوكووا» ابتكرت أنواعاً جديدة من الحلوى السمراء مثل البقلاوة بالشوكولاتة، ويشرح «نطلب قطعاً صغيرة من البقلاوة، وفقاً لمقادير خاصة بنا»، كي لا تكون مشبعة بالسمنة أو القطر، ويضيف «أحب الناس الطعم الحلو للبقلاوة المغلفة بالشوكولاتة»، فلم يشعروا أنها شديدة الحلاوة أو ثقيلة على المعدة، ما جعلها من الأصناف المطلوبة بكثرة. ومن الأصناف المرغوبة بكثرة، يشير حمزة أن الشوكولاتة الساخنة التي كانوا يقدمونها في متجرهم لاقت نجاحاً كبيراً لمدة تجاوزت الثلاثة أعوام، غير أنه قرر التوقف عن تقديمها لأنها استهلكت كفكرة. وعن السمنة التي تسببها الشوكولاتة، يؤكد حمزة أن كل أنواع المأكولات تسبب السمنة، عندما لا ينتبه المرء لنظامه الغذائي، ويقول «الاعتدال في تناول الشوكولاتة لا يؤدي إلى السمنة، فلا ضرر من تناول حبة واحدة يومياً» خصوصاً أن الجسم يحتاج إليها ويستفيد من خواصها، موضحاً أن الشوكولاتة السوداء أكثر منفعة من الحلوة، لأنها تحتوي على كمية كبيرة من الكاكاو، مقابل القليل من السكر، كما أنه يهتم بصناعة أصناف «خالية من السكر الطبيعي»، لرغبته في تلبية رغبات فئة كبيرة من الناس المصابين بأمراض مثل السكري، أو الخاضعين للريجيم. |
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news