من المجالس

عادل محمد الراشد


يقول مقاول بناء إن التكلفة الحقيقية لمتر البناء هذه الأيام يتراوح بين 2500 و3000 درهم فقط، والأسعار المطروحة في الأسواق هذه الأيام ليست واقعية. لماذا ـ إذن ـ يرفع المقاولون أسعار عطاءاتهم إلى ضعف هذا الرقم، والقائمة مفتوحة؟ يقول المقاول نفسه إن السبب يعود إلى عاملين: الأول يختص بالسوق وأسعار مواد البناء والتكاليف الأخرى التي تستجد في كل يوم مثل الرسوم الحكومية، والعامل الثاني يخص قطاع المقاولات ذاته.

 

 أما ما يخص السوق فإن أخطر ما فيه، على حد رأي صاحبنا، أنه أصبح خارج الحسابات، وانه كسر كل التقاليد السابقة وصار من الصعب جداً التكهن بحركته، ليس بين مشروع وآخر، وإنما بين ليلة وضحاها. وأما ما يخص قطاع المقاولات نفسه، فيقول المقاول في لحظة صدق: إن هذا القطاع لايزال يحقق أرباحاً طائلة تفوق النسب المتعارف عليها عالميا.

 

والسبب في رأيه أن السوق لاتزال بلا ضوابط ومعايير حقيقية، شأنها شأن باقي القطاعات، وخصوصاً ذات العلاقة بالمستهلك مباشرة.

 

 ويؤكد صاحبنا ادعاءاته بتجربة تخصه، من خلال عطاء لإنشاء بناية سكنية يقول انه وضع هامش ربح زاد على الـ 80%، ومع ذلك كان الفرق بينه وبين الذي يليه نحو الضعف، الأمر الذي يعني غياب المقاييس الحقيقية التي يمكن أن توجه السوق من دون أن تكون فيها الكلمة العليا للمقاول بمفرده أو لجهة البناء وحدها.

 

هذا يعني أن الأسعار الحالية وهمية وبعيدة عن الواقع، وان التكلفة، التي أجبرت المواطنين على الارتماء في أحضان القروض البنكية، غير حقيقية. ويعني من جانب آخر أن صياح المقاولين له ما يبرره في جانب وعليه وزر طمعه في جانب آخر. ولا يفك اشتباك هذه المعادلة المعقدة إلا وجود تشريعات ووضع اجراءات وفرض آليات من الدولة تضع كل أطراف العملية في صلب المسؤولية.    
adel.m.alrashed@gmail.com
تويتر