«بيبي سبلاش».. أطفال يكتشفون السباحة بلا خوف

ألفة مبكرة للأطفال مع المياه.   تصوير: باتريك كاستيللو 

يخافون من المياه، ولكنهم يلعبون بها، يبتكرون بتحريك ايديهم وأقدامهم حركات تدخلهم في علاقة حميمة مع البيئة المائية. يغنون ويرقصون في الماء مع أمهاتهم، فيتغلب المرح على الخوف، والضحك على الصراخ، ويلعبون الكرة، يمرحون على مدى نصف ساعة من الزمن، مرة في كل اسبوع.

 

 هؤلاء هم اطفال الـ«بيبي سبلاش» يتلقون خلال الدروس التي تقدمها المدربة هيلين بون في نادي البحيرات، الحركات التحضيرية التي من شأنها إدخالهم عالم السباحة باكراً وبأمان، بحيث يألفون الماء على مراحل، فيتعرفون إلى كيفية حماية أنفسهم داخلها منذ الصغر.  وكانت بون، البريطانية الجنسية، بدأت تعليم الأطفال السباحة في دبي، في نادي البحيرات، منذ نحو الخمس سنوات، وهي تشعر بأنها اليوم باتت معروفة جداً، بالإضافة الى ان «ارتفاع عدد القاطنين في محيط النادي أدى الى زيادة عدد المشتركين في الدروس» التي تقدمها. 

 

وتضيف بون «اقدم الدروس في نادي البحيرات على مدار ثلاثة ايام، من الاحد وحتى الثلاثاء، وفي كل يوم اقدم ثلاث حصص لأطفال من اعمار مختلفة». تضم المرحلة الأولى، التي تسمى «بيبي سبلاش» الأطفال الذين تتراوح اعمارهم بين ثلاثة اشهر و23 شهراً، وتقول بون «أعلّم الأطفال خلال هذه المرحلة كيفية اللعب في الماء باليدين والرجلين، ولا يمكنني ان اطلب الكثير منهم؛ فهم اطفال ولا يمكنهم بذل طاقة كبيرة في الماء، في حين انني اطلب من الفئة العمرية الأكبر «تودلر سبلاش»، الذين تتراوح اعمارهم بين السنتين وثلاث سنوات ونصف السنة، الدوران في الماء، والقفز والسباحة لمسافة قصيرة، وكذلك النزول تحت الماء لثوان».

 

وتضيف بون ان «الحركات التي اعلمها للاطفال تتطور مع تطور عمر الطفل، وتعمل هذه المهارات التي يكتسبها الاطفال على ادخالهم عالم السباحة الآمنة دون خوف وفي عمر مبكر».

 

مساعدة الأم
«يبدأ الدرس من خلال المقدمات التي تمهد للطفل فرصة الاستمتاع بالماء، وذلك من خلال غسل الوجه واللعب بالطابة والغناء والرقص، وما ألاحظه ان الاستمتاع بالمياه يدفع فئة الصغار الى تحريك القدمين باكراً».

 

 وفي ما يتعلق بالأطفال الذين يكرهون الماء، قالت بون، «يتأثر الأطفال بأمهاتهم، فإن كن يخفن من الماء سينعكس هذا على الطفل، لكن وجود الأم من الأمور الضرورية اثناء الدرس، لأن الطفل يثق بأمه ويتأثر بها. كما انه لا بد من الابتسام والغناء اثناء تعليم الأطفال، فهذا يريحهم اكثر». ولا يمكن تعليم السباحة قبل بلوغ الطفل عمر الثلاث سنوات ونصف السنة، حيث اشارت بون الى انها «تبدأ بالدروس المتعلقة بالسباحة بعد ان يجتاز الطفل دروس الـ«تودلر سبلاش»، حين يتمكن الطفل من الوقوف في الماء من دون الحاجة الى مساعدة أبويه، وكذلك حين تتغلب الشجاعة وحب الماء على الخوف».

 

وتتابع قائلة «لذا أنصح الأهالي بإخضاع الطفل لدورات الـ«بيبي سبلاش» كونها تسهل عملية تعلم السباحة التي يصعب تحديد مدة معينة لها كونها تعتمد على رغبة الطفل وكفاءته». 

 

الأمان 
وعن مدى أهمية تعلم السباحة باكراً أكدت بون، «لا أعلم إن كان يمكنني تقديم نصيحة حول تعلم السباحة مبكراً، ولكن يمكنني القول ان الوجود في دبي، حيث المسابح منتشرة في كل مكان، يزيد ثقافة الأهل حول الأمان في المياه، لذا أحاول من خلال الدروس تمرير النصائح حول الأمان في المياه»، وتتابع في هذا الصدد «اعتقد انه حتى عمر الثانية عشرة لا يمكن للأهل التغاضي عن مراقبة الأطفال اثناء وجودهم في الماء، فأمان الأطفال مسؤولية الأهل وليست الشركات هي المسؤولة عن ادارة المسبح، ولكن رغم ذلك فإن الطفل عندما يتعرض لأي خطر اثناء وجوده في الماء، يلوم الأهل الشركة المسؤولة عن المسبح وليس انفسهم». 

 

بكاء في الماء
في بعض الأحيان يبكي الأطفال اثناء وجودهم في الماء، ولكن بون اكدت ان مرور اكثر من درس سيزيل خوف الأطفال «لأن الممارسة تجعلهم يألفون البيئة المائية». وتتابع «إن التعلم ضمن مجموعة واحدة ينعكس على الأطفال بصفة ايجابية في كثير من الاحيان، إذ يتشجع الأطفال ويغنون مع بعضهم البعض، في حين انهم احيانا ينتظرون حتى يبدأ أحدهم بالبكاء ليبكون جميعاً في الوقت عينه». 

 

فصول السنة 
تقسم دروس السباحة ضمن النادي الى فصول، بحيث «أقدم خلال السنة ثلاثة فصول، يبدأ الفصل الأول في شهر سبتمبر ويستمر حتى نهاية السنة، فيما ينطلق الفصل الثاني مع السنة الجديدة ليستمر حتى الربيع، وينطلق الفصل الثالث من الربيع حتى الصيف. وتتراوح حصص الفصول بين ثمانية و10 حصص للفصل الواحد».

 

اما عن تحديد تكلفة الدروس، فتقول بون «إن تكلفة الحصة الواحدة 50 درهماً، أي ان تكلفة الفصل لا تتعدى الـ500 درهم». وتضيف بون «أعتبر هذه الدروس فرصة تسلية للأطفال وللأمهات على حد سواء، اذ يمكن ان تلتقي الأمهات ببعضهن البعض، حيث يمضين أوقاتاً مسلية وممتعة الى جانب أطفالهن». 

 

أماكن وحجوزات 
وفي ما يتعلق بكيفية الحجز لهذه الدروس اكدت بون «ان اولوية الحجز  للأطفال المسجلين أساساً، وعلى الأهل الالتزام بالمدة المحددة لتقديم الطلبات، في حين انه يتعين على اصحاب الطلبات الجديدة الانتظار حتى وجود اماكن شاغرة». واستدركت بون قائلة «في الواقع لا أستطيع نكران حقيقة صعوبة الحصول على مكان شاغر في نادي البحيرات، كون الدروس  باتت معروفة هنا، وكونه لا يمكنني ان استقبل اكثر من 12 طفلاً في الدرس الواحد، حيث تتطلب البدايات الكثير من الشرح والسيطرة على الفريق».

 

وتضيف المدربة البريطانية «أعتقد ان ايجاد اماكن شاغرة في نادي دبي للسيدات اسهل، كون الدروس مازالت جديدة هناك، واقدمها في يوم واحد، وسنعمل على اضافة يوم آخر في النادي».  غياب عربي لكن غلبة الجنسيات الأوروبية، بل شبه انعدام وجود عربي في هذه الحصص، بررته بون بالقول «لا يمكن للنساء العربيات غالباً النزول الى المياه بملابس السباحة، لذا فإن هذا  السبب اعاق أو بالأحرى أبعد الكثير من العرب عن الدروس، لكني اعتقد ان اعطاء مثل هذه الدروس في نادي دبي للسيدات سيتيح الفرصة امام الكثير من العرب  للتسجيل.

 

 بالإضافة الى اني اعتقد ان هذا يرتبط بطبيعة الثقافة العربية، فقلما اجد امهات يأخذن اطفالهن ليقمن بنشاطات خاصة معاً، وكذلك غالبا ما اجد موقع الخادمة بين الأم وابنها في العلاقات العربية، وهذا يؤثر كثيراً، ولكني اعتقد ان هذا الأمر بدأ يتغير قليلاً ولكن كما كل شيء في الحياة التغيير يسير ببطء».
 
الفتيات أفضل  من الصبيان
اوضحت بون أن الأستاذ الذي يعلم الأطفال السباحة عليه ان يخضع لدورة خاصة في تعليم السباحة للأطفال، وذلك بعد ان يجتاز تعليم السباحة بشكل عام.
 
لافتة الى «ان هناك صعوبات وتحديات تواجه الأستاذ، وهي ان التعامل مع الأطفال يعني اننا نتعامل مع الأهل، كون الأهل هم من سيحرك الطفل، فيما نواجه مع الأطفال الكبار تحديات من نوع آخر تتمحور في الطفل نفسه وعدم استماعه للملاحظات».
 
ولكنها اشارت الى نقطة مهمة، وهي ان الفتيات يتعلمن السباحة اسرع من الصبيان، «اذ ان تجاوبهن السريع يعود الى طبيعة شخصية كل منهم. اذ تعمد الفتيات الى الاستماع للإرشادات وتنفيذها بحذافيرها، فيما لا يلتزم الذكور بالتعليمات محاولين التمييز عن طريق ابتكار بعض الاستعراضات الخاصة».

الأكثر مشاركة