«عاشقان».. امرأة للخسارة وأخرى للربح

جوكوين فونيكس مجسّداً شخصية ليونارد

يمكن لشخص جديد يضاف إلى حياة عادية أن يقلبها رأساً على عقب، وللتحديد فإن رجلاً على حافة اليأس تكفيه جارة حسناء تقطن في البناية نفسها لأن يتحول إلى رجل آخر بحيث تغدو أيامه على موعد دائم مع الدراما، مع ترافقها باستعادة لما يعيشه ومقدار ضآلته.

 

فيلم «تو لافرز» (عاشقان) للمخرج الأميركي جيمس غراي يكتفي بهذا القدر من الدراما ليحقق انعطافة في حياة ليونارد (جوكوين فونيكس)، والذي يبدأ معه الفيلم بلقطة صادمة، إذ نراه يمشي على جسر في يوم ممطر وعاصف، حاملاً معه ملابس مغلفة بكيس من النايلون، ثم فجأة يرمي بنفسه من الجسر إلى الماء، لتواصل الكاميرا ملاحقته إلى القاع، حيث يبقى لثوانٍ، وليعود إلى السطح، كما لو أنه غير رأيه، ويمضي مبللاً إلى بيته، فتفتح أمه الباب، فيمضي إلى غرفته مباشرة، بعد ان تقول الأم لوالده «يبدو أنه عاد إلى سابق عهده».

 

البيئة التي يتحرك فيها الفيلم، هي العائلة، الروابط العائلية التي بإمكانها أن تكون مصدر نعمة، وفي أحيان كثيرة مصدر نقمة على الفرد، وعائلة ليونارد هي عائلة يهودية تعيش في نيويورك، ولنتعرف مع الأحداث التي نشهدها في الفيلم، إلى اصرار تلك العائلة المحافظة على عالمها الخاص، وانغلاقها عن كل ما يحيط بها، وتحركها في نطاق ضيق من اليهود، ولنكتشف أن ليونارد ورغم تخطيه ال30 مازال مرتبطاً بعائلته، ولا يملك أية استقلالية.

 

تأتي جارته الحسناء ميشل (غوينيث بالترو) وتعرفه بها لتأخذه إلى مساحة مغيبة من حياته، ولتكون هذه الجارة التي تثير قلق والديه على النقيض ممّا يرسمان من حياة لابنهما الوحيد، إذ بموازاة الجارة نتعرف إلى ساندرا (فينسا شو) ابنة صديق والده، والتي يدفع إلى التعرف بها بوصفها زوجته المستقبلية، وعليه فإننا نتعقب ليونارد عبر هاتين المرأتين، ميشل تدفعه لأن يكون شخصاً آخر، بينما ساندرا تعيده إلى ماضيه الذي أول ما يرويها لها يتمثل بارتباطه بامرأة واكتشافه استحالة الزواج منها لأسباب صحية.

 

ميشل متيمة برجل متزوج، بحيث يتحول إلى صديقها الذي تفضي إليه بمشكلاتها ومآزقها معه، حتى أنها تعرفه إليه ليقول لها إن كان يراه صادقاً، يقبل ليونارد هذا الدور لكنه يبقي في الوقت نفسه على حبه لها، والذي ينفجر ويتدفق بجنون في اللحظة التي تصارحه ميشل بأنها تخلت عن عشيقها، وليتفق معها على مفارقة نيويورك والعيش سوية في سان فرانسيسكو.

 

على خط موازٍ نشاهد فصول علاقته مع ساندرا، والتي يبادلها الحب لكن في طريقة مغايرة تماماً عن ميشل، فمع ساندرا ما من جنون أو تطرف في العشق، وكل شيء آمن معها، وليس هناك من مساحة للمغامرة أو المعاناة، أو السعي للعب أدوار مغايرة لما يفرضه عليه واقعه، لا بل إن الأمر تقليدي تماماً رغم خصوصية ساندرا، وعلى ارتباط  بتأمين مستقبله، كون والد ساندرا يسعى لتوريطه في العمل معه.

 

ينتصر فيلم «عاشقان» في النهاية للثبات، للالتصاق بالواقع دون تغيره، فعندما ينتظر ليونارد ميشل ليهربا سوية في ليلة رأس السنة، وبعد اكتشاف أم ليونارد لهربه وتوصيته بألاّ يتردد بالعودة إلى بيته إن رغب، تأتي ميشل متأخرة وتعلمه بأنها عادت إلى عشيقها الذي تخلى عن زوجته لخاطرها، وهكذا يعود ليونارد إلى بيته ويواصل سهرة رأس السنة مع أهله، ومن ثم يقدم خاتم الخطبة لساندرا، الخاتم نفسه الذي كان اشتراه ليقدمه لميشل.

تويتر