من المجالس
|
|
لاتزال أسواق الأسهم عندنا مرهونة بأيدي أصحاب المصلحة والنفوذ. وأدوات هؤلاء«المتنفذين» أولئك الذين يسمون أنفسهم «محللين ماليين» من سماسرة ومضاربين، أكثرهم دخل السوق متسللاً، بعد أن ضاقت عليه سبل الحصول على وظيفة في مكان آخر، وقليلهم من أولئك الذين صنعتهم إدارات ومحافظ الاستثمار في البنوك ونفخت فيهم صفة «الخبراء»، حتى صار كلامهم بمثابة تنبّؤات تقود السوق إلى هاوية تلو أخرى، دون أن يمتد إليهم إصبع واحد ليحملهم مسؤولية الهرج الذي يأخذ السوق صعوداً ونزولاً، دون أي أسباب فنية مقنعة ولا عوامل موضوعية واضحة.
الأسبوع الماضي خرج على الناس أحد هؤلاء الأفاقين ليبشرهم بأن الأوضاع في السوق تتجه صعوداً، وأن حركة الأسعار تشير إلى انتعاش مقبل، ويدعوهم إلى اغتنام الفرصة الآن، ما دامت الأسعار في أدنى مستوياتها، والإقدام على الشراء.
وبطبيعة الحال لم تتبخر كل حروف هذه الدعوة، قبل أن تجد لها بعض الآذان الصاغية، ليجد أصحاب هذه الآذان أن ما سمعوه ليس إلا طنيناً أصم آذانهم عن الحقيقة. والحقيقة كانت تؤكد أن دعوة هذا «المحلل الخبير» لم تخرج عن كلمات رفاقه الذين اختطفوا السوق منذ زمن، والتي أكدوا فيها قبل أسابيع قليلة أن الصيف الحالي سيكون ساخناً في أسواق الأسهم، فما لبث التنبّؤ المخادع أن جعل بداية هذا الصيف أكثر برودة من أشهر الشتاء التي لم تفلح بعض العواصف المتفرقة والمفتعلة في إعادة السوق إلى جادة طريقها. ولم تصمد تطمينات هذا المحلل غير ساعات، حتى هبطت أسعار معظم أسهم الشركات إلى مستويات قياسية، كسرت معها ما يسميها أهل السوق بنقاط الدعم، ولم تفلح كل جهود المساندة! ناس اشتروا، وبالمقابل لابد من ناس باعوا..
وطاروا بالمليارات التي قالت الأخبار إن السوق خسرتها. من الذي هرع للشراء، ومن الذي باع وهرب بأرباحه من خسائر المشترين؟ هذه ليست معادلة السوق الطبيعية، ولا هي جزء من حركته العادية لأنها معادلة لا تزال محكومة بغياب الضوابط واختلال الموازين. |