«قائمة الأكل» قابلة للانفجار.. والمطاعم بحرارة الخنادق
|
|
ساندويش واحد يمكن أن يقتلك.. شعار أحد المطاعم. أ. ف. ب
خلف سواتر ترابية، يقضم علي «مسدس ماغنوم 357»، فيما يلتهم صديقه حسين «طائرة بي 52»: اهلا بكم في مطعم «غانز اند بانز» (سلاح وخبز) العسكري، الذي فتح ابوابه حديثا، في ضاحية بيروت الجنوبية، معقل حزب الله. فقد باتت الازمة السياسية في لبنان وحرب 2006 ضـد اسـرائيل والتوـتر علـى الجبـهة الداخـلية مصدر وحي للمطاعم في بلـد غارق في دوامـة عنف منذ ثلاث سنوات.
وفي وسط الضاحية ذات الغالبية الشيعية، قرب جامع القائم، يخال المرء انه امام ثكنة عسكرية محصنة عند رؤية «الدشـم» ومجموعة من الاسلحة «البلاسـتيكية» وصور لدبابات ميركافا الاسرائيلية والسقف الذي يذكر بلون اللباس العسكري.عند المدخل، يستقبلك شعار حربي بكل معنى الكلمة (باللغة الانجليزية) «سندويشواحد ... يمكن ان يقتلك»! ويشرح صاحب المطعم يوسف ابراهيم البالغ من العمر 27 عاما ان «الوجبة الغذائية كبيرة وشهية لدرجة يمكن ان تودي بحياتك!».
من قائمة الطعام «الهجومية»، يمكن الاختيار بين «تمويه بالدجاج» وروستو «ام 16» او حتى ستيك من طراز «دراغونوف». ويقول يوسف الذي لديه مطعم آخر في بيروت «اردت ان اقدم فكرة جديدة غير مبتذلة، وقد استوحيت نوعا ما من الجو المشحون في البلاد». ويضيف ان «الدول الغربية تتهم منطقتنا بانها مصدّرة للارهاب، فقررنا بالتالي ان نسمي الخبز العربي خبزا ارهابيا، ولدينا حتى وجبة ارهابية لمن يريد!». اما الاشارة الوحيدة الى حزب الله، فترد في السندويش من نوع «آر بي جي»، وهو سندويش شيش طاووق بالخبز ... «المقاوم».
ويقول احد الزبائن، على سبيل المزاح، «هذا السندويش مقاوم للجوع لانه يشعرك بالشبع!» ويقوم «الشيف العسكري» عامر الذي يعتمر خوذة ويلبس زي الجيش، بتقطيع شرائح الدجاج وقليها، وهو يتصبب عرقا. ويبدو ان هذا الشاب يستمتع بالاقتباس من التعابير العسكرية فيقول ان «المرء يشعر بحر كبير بالقرب من الفرن، الوضع هنا اسوأ من الخنادق».
ويقول ممازحا للزبون الذي يتسلم منه «كانون 155»، اي همبرغر من «عيار» 155غراما من اللحمة «انتبه، سوف ينفجر!».ويقول حسين البالغ 15 عاما انه يحب كثيرا هذا الطعام الذي لا يختلف كثيرا عن باقي الوجبات السريعة اللبنانية.
ويضيف وهو يستمتع باكل «عبوة» من البطاطا المقلية «انا ورفاقي نعشق السلاح، انما ليس للاقتتال في ما بيننا طبعاً». قد لا يتحمس بعض الزبائن للذهاب الى الضاحية الجنوبية ليقصدوا المطعم، لا سيما بعد مواجهات مايو الماضي التي اوقعت 65 قتيلا، ويقول يوسف انه ينوي «فتح فرع آخر في بيروت، بل ايضا في بلد خليجي».
اما حاليا، فيمكن للزبائن الاستفادة من خدمة للمنازل «اسرع من الرصاصة»، بحسب ما يرد على قائمة الطعام. وفي مكان آخر من العاصمة اللبنانية، قرب الوسط التجاري، اختار مطعم «لوتاليران» الراقي ان يستخدم في قائمة الطعام كلمات مستمدة مباشرة من الساحة السياسة اللبنانية.
ففي هذا المطعم الذي غالبا ما يرتاده سياسيو البلاد، تحول الفريق الحاكم الى «غالبية سلطة عدس اخضر»، في مواجهة «معارضة فطيرة بالتفاح والبوظة». اما حزب الله الذي لم ولن يتخلى عن «كومندوس دجاج بالصويا والزنجبيل» الخاص به، فقد ابرم مع حليفه المسيحي ميشال عون ورقة «تفاهم بين صلصة الفلفل الاخضر ويخنة شرائح بط بالفطر البري».
ولاتزال سورية متهمة من جانب الغالبية بممارسة «وصاية سلطة السلطعون» على البلاد، او على الاقل «تدخل للسلمون المشوي بالطرخون والبرتقال». وتحوي قائمة الطعام نحو خمسين طبقا تم تقديمها بهذا الاسلوب «لإضحاك الزبائن»، على قول احد اصحاب المطعم بشارة حاجي توما، علما ان الوضع في لبنان لا يدعو كثيرا للابتسام. |