دارفور.. أسواق عامرة على مقربة من المرض والمجاعة

سودانيو دارفور ينتظرون مواد إغاثية.  أرشيفية.أ.ف.ب

هل هذه دارفور؟.. «أسواق عامرة بالخضراوات والفاكهة الطازجة، ومحطات وقود جديدة براقة، ومنازل حديثة، وطرق ممهدة ناعمة، ومطعم للبيتزا».  انها صور أبعد من ان تخطر على الذهن عند التفكير في  المنطقة التي تشد اهتمام العالم  بغرب السودان، حيث تشير تقديرات الى ان النزاع الدائر فيها منذ خمسة اعوام اسفر عن مقتل مئات الآلاف. ولكن هكذا الحال في الفاشر عاصمة الولاية السودانية المعروفة.  في الفاشر حيث مقر المهمة المشتركة بين الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي في دارفور ثمة وفرة في المواد الغذائية غير ان ضعف المحصول ادى لارتفاع في الأسعار.

 

وتقول الأمم المتحدة ان العنف والازدحام الشديد في مخيمات اللاجئين فضلا عن ضعف المحصول توفر «المناخ الأمثل» لحدوث ازمة غذاء في اقليم دارفور الذي يشهد اضخم عمليات اغاثة انسانية في العالم. وعلى بعد 10 كيلومترات فقط من اكشاك سوق الفاشر العامرة يصارع الاف من نازحي دارفور المقيمين في مخيم زمزم للبقاء على قيد الحياة ويحاربون المرض والجوع والعصابات.

 

كان النازحون يحصلون على مساعدات غذائية تمدهم بما يزيد عن 2000 سعر حراري يوميا، والآن يعيشون على 1400 سعر بعد ان خفضت وكالات المعونة الحصص الغذائية بسبب الهجمات على قوافل الطعام. ويبدو بعض الأطفال ببطون منتفخة، وهو دليل محتمل على سوء التغذية. ويحذر اريك ريفز، وهو نشط في دارفور واستاذ الأدب بجامعة سميث في ماساتشوستش، من ان خفض الحصص الغذائية قد يؤدي «لمجاعة خطيرة في الأشهر المقبلة».

 

تبدو دارفور أرض التناقضات؛ ففي بعض الأماكن تبدو الأرض قاحلة تتناثر فيها الأشجار، ثم فجأة تظهر اشجار خضراء ومساحات شاسعة من التربة الخصبة. هذه ارض يقول مسؤولون اميركيون انها تشهد «ابادة جماعية بطيئة» وهو اتهام ينفيه السودان. وهي ايضا ارض يشكو فيها افراد من قوات حفظ السلام الأجنبية من الملل. حين زار وفد من الأمم المتحدة مخيم زمزم في يونيو الماضي شاهدمظاهر البؤس وجها لوجه، طفل يمد يده طلبا للطعام وارملة في الـ35 من عمرها تتحدث عن معاناتها لتوفير الغذاء لأطفالها الثمانية، وامراة تتلعثم وهي تتحدث عن اغتصاب جماعي. ولكن سفير السودان لدى الأمم المتحدة عبدالمحمود عبدالحليم يقول ان زمزم مخيم «خمسة نجوم».

 

  وتقول الناطقة باسم برنامج الأغذية العالمي في الخرطوم اميليا كاسيلا ان 62 الفاً يعيشون في المخيم في اكواخ بدائية من الطين والقش وقطع من البلاستيك. فر هؤلاء من ديارهم هربا من القوات المسلحةالسودانية وميليشيات الجنجويد الموالية للحكومة ومعظم افرادها من العرب. ويقدر ضابط شرطة كبير في قوات الأمم المتحدة من نيجيريا مسؤول عن تسيير دوريات في المخيم لحماية السكان من العصابات ومن يسعون لتجنيد المتمردين عدد سكان المخيم بنحو 52 الفا. والأمر الذي لا شك فيه ان حياتهم يتهددها خطر اكبر.

 

وكثيرا ما اخلفت الحكومة السودانية تعهدها بتوفير حراسة لشاحنات المعونة، ويخشى دبلوماسيون في نيويورك طلبوا عدم نشر اسمائهم من ان الخرطوم لا تبالي للأمر. وزاد ذلك من صعوبة حياة فاطمة «35 عاما» التي تقيم منذ اربعة اعوام في مخيم زمزم مع اطفالها الثمانية. وتقول للصحافيين انها لم تكن تحصل على غذاء كاف لأطفالها حتى قبل خفضالحصص.

 

وحين وصل وفد الأمم المتحدة رفعت المزارعة السابقة لافتة رسمت عليها طائرة هليكوبتر تقصف المدنيين وكتبت «لا للحرب ..نعم للسلام».  وتقول كاسيلا ان حصص الغذاء ستخفض مرة اخرى في يوليو  لعجز الوكالة عن تحسين عملية التوزيع.  وأضافت ان ما بين 800 و1000 شاحنة تقطع طرق دارفور في كل وقت محمّلة بمواد اغاثة غذائية».

الأكثر مشاركة