الشمس.. دفء قـاتل

الوقاية من أشعة الشمس ضرورة حتمية للحماية من الأمراض الجلدية والسرطانية.  تصوير: دينيس مالاري 

 يختلف النقاش حول فوائد الشمس ومضارّها بالنسبة إلى الإنسان وصحته الجلدية والجسدية، إذ يقال إن أشعتها تمنح الشعور بالنشاط والحيوية، وتقوي العظام وتلعب دوراً في الوقاية من أمراض عدة، كما أنها تجدد فيتامين (دي) الموجود في البشرة والخلايا، فضلاً عن اللون البرونزي المحبب للكثيرين، واللافت للأنظار، بينما يعد البعض أن نورها يتحوّل إلى ظلام دامس، حين تخترق الأشعة  ما فوق البنفسجية المؤذية البشرة، لتتغلغل فيها مسببةً أضراراً جسيمة، تصل إلى حد  الموت، خصوصاً خلال فصل الصيف، حيث يقبل الناس على الشواطئ بكثرة، وبين هذين الرأيين، الإيجابي، والسلبي، يلجأ الناس الى الكثير من الطرق لحماية انفسهم من مضارها، والحد من نتائجها السلبية.

 

الحماية.. ضرورية
لا يفارق واقي الشمس حقيبة جيهان قمري، شابة تهتم ببشرتها وتحافظ على نضارتها بعناية ودقة، فهي تدرك مخاطر التعرض لأشعة الشمس، وقدرتها على إيذاء البشرة، مقتدية بالمثل القائل «درهم وقاية أفضل من قنطار علاج»، لذلك تتبع كل الإرشادات والتعليمات المتعلقة بحماية بشرتها والحفاظ عليها مثل الكريمات المرطبة والأقنعة المصنوعة من الفاكهة الطبيعية والخضار وإشراف طبي دوري ومتواصل، وتقول «اعتدت منذ الصغر  حماية بشرتي بوضع واقي الشمس قبيل النزول إلى البحر فقط»، غير أنها أصيبت في إحدى المرات بحروق ناتجة عن تعرّضها للشمس فترة طويلة، ما تطلب علاجاً مكثفاً لبشرتها، حيث نصحها طبيبها بوضع كريم يقي من أشعة الشمس غير المرئية باستمرار، ما زاد خوفها وقلقها من الشمس.

 

وتوضح قمري أن التعرض للشمس يسبب ضرراً للبشرة على المدى الطويل، وتقول «بشرتي البيضاء معرضة للكلف والحروق الجلدية»، كما أن التعرض لأشعة الشمس بطريقة غير مدروسة يؤدي إلى هرم البشرة وظهور التجاعيد المبكرة، مضيفةً أنها تختار الواقي الطبي والمناسب لبشرتها، فهي لا تقصد الصيدلية وتنتقي مرهماً عشوائياً، لمجرد أنه واقٍ للشمس». في المقابل، تستمتع لمى حاتم، مراهقة ذات بشرة داكنة، بالشمس بحرية تامة، إذ إن بشرتها تمنحها القدرة على تحمّل قدر أكبر من أشعتها الحارقة، غير أنها لا تهمل صحتها الجلدية، وتفسر «لا تحترق بشرتي، لكني أخاف الأمراض السرطانية الناتجة عن التعرض غير المراقب والعشوائي»، وتشير إلى أن التوعية تلعب دوراً مهماً في تثقيف الناس حول أشياء يجهلونها، خاصة أن كبار السن يعتقدون أن منافع الشمس كثيرة.

 

ورغم ذلك، تؤكد المراهقة السمراء أنها تكتسب اللون البرونزي منذ اليوم الأول لارتيادها البحر، ما يجعلها خاصية مميزة فيها، وتشرح « عادة ما أقصد الشاطئ في فترة بعد الظهر، غير أني أستلقي على الرمل» حيث تنعكس أشعة الشمس بشكل أكبر على جسمي، لأحصل على لون جميل، وخلال فترة قصيرة، إذ يكفي أن تقصد البحر أياماً معدودة، لتنال بغيتها، في حين تعاني شقيقتها الكبرى حياة معاناة كبيرة لتحصل على لون ذهبي فاتح، وتشرح أن بشرتها الفاتحة تحتاج إلى الكثير من الوقت لتتلون، فضلاً عن أنها تحصل على لون زهري من حمام الشمس الأول، وتقول «لا أهتم للون البرونزي بقدر ما أولي انتباهاً للحروق المزعجة التي تصيبني»، ورغم ذلك، تستمتع الأختان بأيامهن على البحر، كل على طريقتها الخاصة.   

 

عملة ذات وجهين
وفي سياق آخر، نصح طبيب الأطفال أم جمعة، مواطنة مقيمة في دبي، بتعريض طفلها الثاني لأشعة الشمس الصباحية، بعدما اكتشف أنه مصاب بمرض الصفراء، وتقول «أيقنت أن طفلي الثاني أصيب بالصفراء بعدما تحول لون عينيه وبشرته إلى أصفر»، خاصة أن طفلي البكر أصيب بالمرض ذاته، بعد مرور يوم واحد على ولادته.

 

ورغم  اختلاف العلاج المتبع في الحالتين، توضح أم جمعة أن التقنية المستخدمة متشابهة، لأنها اعتمدت على أشعة ضوئية، وتقول إن طفلها البكر وضع عقب ولادته في حاضنة خاصة، وخضع للعلاج الضوئي، حيث يجب توجيه أشعة ونور عدد من المصابيح نحو الطفل، ليتمكن من مقاومة المرض والقضاء عليه، في حين اكتفت بوضع طفلها الثاني  تحت أشعة الشمس لوقت محدد من الصباح الباكر، حينما تكون أشعة الشمس خفيفة وغير مؤذية. وبعد أن شفتهما أشعة الشمس وما فوق البنفسجية الاصطناعية، تحاول أم جمعة إبقاء ولديها في الظل، ومراقبة مسألة لعبهما تحت أشعة الشمس الحارقة.

 

 سمر علي، لبنانية فاتحة البشرة، مرت بتجربة مؤلمة وسيئة بسبب حبها للشمس واللون البرونزي، وتقول «لطالما حلمت بأن تكون بشرتي برونزية اللون» وبالفعل حققت حلمها، غير أنها أصيبت بمرض جلدي سرطاني، نتيجة تعرضها الطويل والمستمر لأشعة الشمس العمودية والقوية، وتتابع حديثها «اعتقدت أن وضع واق للشمس يقيني ويحميني من أشعتها»، فلم تعد تصاب بالحروق، واعتقدت أن بشرتها اكتسبت مناعة ذاتية، وتضيف « كنت أتباهى بلوني البرونزي، الذي أمسى علامة مميزة، وتحولت لمركز جذب للأنظار حيثما ذهبت» فضلاًعن أنها كانت تعزّز لونها المكتسب بجلسات خاصة للتسمير، ما زاد من خطورة مرضها الصامت. وعقب إحدى جلسات التسمير، لاحظت سمر بقعة فاتحة ومتوسطة الحجم على كتفها، ما أثار استغرابها وشكوكها، وجعلها تقصد طبيباً جلدياً للمرة الأولى في حياتها، وتقول «بعد زرع خزعة من البقعة تبين أنها نوع من الأمراض السرطانية الناجم عن التعرض العشوائي للشمس والأشعة ما فوق البنفسجية»، لكنها تمكنت من مقاومته والتغلب عليه، خاصة أنها اكتشفته في مراحله الأولى.

 

ضررها أكبر
«مضارها أكبر وأكثر من فوائدها»، بهذه العبارة بدأ طبيب الأمراض الجلدية والتناسلية محمد الزبيدي، حديثه عن الشمس، وشدد على أن أشعة الشمس تؤذي الإنسان وتضر ببشرته وتسبب له أمراضاً خطرة ومميتة، ويقول «تنحصر فوائد أشعة الشمس في قدرتها على تنمية فيتامين (دي) الموجود في الجسم»، والذي يعمل على نمو الأسنان والعظام، لكن بعيداً عن ساعات الذروة، التي تمتد من الساعة 10 صباحاً، ولغاية الرابعة بعد الظهر، لذلك يجب الامتناع عن التعرض لأشعتها خلال تلك الفترة، خاصة  بين الـ12 ظهراً والثانية بعد الظهر، ويضيف «لا تؤذي أشعة الشمس في الصباح الباكر أو قبيل غروبها».

 

في المقابل، تكثر وتتشعب الأمراض والآفات التي تسببها الأشعة ما فوق البنفسجية التي تخترق طبقة الأوزون ووصولاً إلى البشرة، ويوضح الزبيدي أن جفاف البشرة والحساسية والكلف عند النساء والتقرحات هي أبسط آثار التعرض غير المحمي للشمس، ويقول «يظن معظم الناس أن الجفاف يختفي بعد وضع المرطبات والكريمات»، غير أنه المرحلة الأولى من الشيخوخة المبكرة للبشرة والجلد، والمنذرة بظهور التجاعيد على الوجه، خصوصاً أنه معرض أكثر من الجسم المغطى بطبقة من الملابس.

 

إضافة إلى ذلك، يشير طبيب الأمراض الجلدية إلى أن الأشعة المؤذية «تضربالشعر» وتسبب ضرراً كبيراً في اللون، ويقول «يصاب الشعر بالجفاف»، ما يفقده بريقه وحيويته، ليتحول إلى كتلة جافة وخشنة، معرضة للسقوط، لذلك يجدر بالناس الاعتناء به، عن طريق وضع قبعة لحمايته جزئياً من الشمس، فضلاً عن استخدام حمام الزيت لترطيبه وإعطائه نوعاً من الحماية والوقاية. 

 

ووصولاً إلى الأمراض الأكثر خطورة، تعد الشمس من المسببات الرئيسة لسرطان الجلد والبشرة والصدر، مثل (ميلانوما) المميتة و(سويموس) والقرحة القارضة والكثير غيرها، وتلك التي تساعد على نشوء السرطان مثل داء الذآبة (الأكول الإحمراري).

 

وبغية توفير الحماية المطلوبة، يقول الزبيدي إن الواقي يوفر رادعاً فعالاً يحول دون اختراق أشعة الشمس إلى الطبقة الداخلية للبشرة، وأنه يجب وضع واقٍ للشمس بانتظام، أي بمعدل مرة كل ثلاث ساعات، خاصة إذا كان المرء تحت أشعة الشمس المباشرة، موضحاً «لا يفترض أن تقل قوة الواقي عن 15»، وعادة ما يفضلها ما بين 30 و50، وفقاً لنوع البشرة ولونها وقدرتها على تحمل الحرارة دون الاحتراق.

 

وشدد الزبيدي على ضرورة حماية الأطفال من الشمس التي يعتبرها من ألد أعداء بشرتهم الطرية والحساسة، لكنه قال «يمكن تعريضهم لأشعتها بشكل تدريجي ومنظم»، شرط الامتناع عن ذلك ما بين الـ10 صباحاً والرابعة ما بعد الظهر، وبعد تخطيهم سن الثالثة أو الرابعة من عمرهم، إضافة إلى واقي الشمس العازل تماماً. 


الحماية الآمنة   
--قبل اختيار واقي الشمس المناسب، يتعين معرفة الفارق ما بين (سان سكرين) و(سان بلوك)، إذ يمنح الأول عامل حماية ضد الشمس (SPF 51) 51 مرة حداً أقصى، قبل احتراق البشرة، في حين يؤمّن الثاني حماية تبدأ من (SPF 30( 30 مرة، ووصولاً إلى 100 مرة مع (SPF 100).


--عند التعرّض لأشعة الشمس خلال فترة الذروة، يجب على أصحاب البشرة الحنطية استعمال SPF,30 وحماية أكبر لأصحاب البشرة البيضاء، كما يجب حماية الأطفال منذ صغرهم، لأن الآثار الفعلية تظهر قبل بلوغهم سن الـ.18

 

--التأكد من كتابة ُْad Spectrum  لمقاومة الأشعة ما فوق البنفسجية (أ) و(ب)، التي تفتك بالبشرة وتسبب أمراضاً وسرطان الجلد مثل «ميلانوما».


--وضع مرهم مكوّن من أوكسيد الزنك أو التيتانيوم، والخالي من المواد الكيمائية، على الأذنين والفم والعينين، لعزلها تماماً وحمايتها من الأشعة.

 

--اختيار الواقي المقاوم للمياه والعرق، والخالي من أي عطر أو رائحة للمصابين بالحساسية. 


--الابتعاد عن المستحضرات التي تسد مسامّ البشرة.


--بين الكريمات والمستحضر السائل والجل والرذاذ، يحبذ اختيار ما يناسب الشخص نفسه، ويلائم طبيعة بشرته، ودرجة تقبّله لها.


--وضع المستحضر على البشرة قبل 30 دقيقة من التعرّض للشمس.

 

الأكثر مشاركة