طفاية حريق

سالم حميد

 
طفاية الحريق اليدوية عبارة عن أسطوانة معدنية مملوءة بالماء أو بمادة كيميائية ثقيلة عازلة، لا يزيد وزنها على 16 كغم، تعزل الأكسجين عن المادة المحترقة، وهي وسيلة جيدة للتعامل مع الحرائق البسيطة التي يمكن السيطرة عليها بسهولة. 

 

لم أدرك أهمية هذا الجهاز البسيط الاستخدام والحجم، إلا عصر يوم الأحد الماضي، فبينما أغط في نوم عميق كالعادة بعد يوم منهك في العمل، نهضتُ فجأة فزعاً على صوت صراخ وعويل أفراد أسرتي! فنزلتُ جرياً إلى الصالة السفلية لأجد أحد المكيفات «السبيليت» يحترق إثر تماس كهربائي، فكانت أول خطوة أفكر فيها هي إخراج الجميع من المنزل إلى الحديقة، ثم فصلتُ التيار الكهربائي من المفتاح الرئيس. أما الخطوة الثانية فقد كانت غبية! ففي مواقف مفاجئة ومخيفة كهذه، يصعب على العقل أن يفكر تفكيراً سليماً، فمن المفترض تجنّب استخدام الماء في إخماد الحرائق الناجمة عن التماس الكهربائي، لأن الماء موصل جيد للكهرباء وسوء الاستخدام هنا سيؤدي إلى صعقات كهربائية مميتة، لكنني لم أفكر في هذا الأمر وملأت الدلو ماءً وسكبته بشدة نحو المكيف في الأعلى، فكانت النتيجة عكسية وازدادت النيران والأدخنة وانزلقت قدمي بقوة بسبب الماء على الأرض والتوى كاحلي، لكن مسلسل الشجاعة أو الغباء ظل مستمراً ومشدوداً من هول الحدث لإنقاذ منزلي الذي دفعتُ فيه مجهود عمري، فخرجتُ إلى الحديقة لجر أحد خراطيم المياه ودخلتُ الصالة مجدداً لمحاربة الحريق بخرطوم مياه ضعيف الدفع نظراً لإغلاقي للكهرباء مسبقاً، وكانت النيران قد وصلت إلى وضع يصعب السيطرة عليها بذلك الخرطوم وكدتُ أصاب بالاختناق، وأمام صراخ وبكاء وإلحاح والدتي التي كانت ترجوني الخروج من المنزل، استسلمتُ وخرجت انتظر رجال الإطفاء الذين وصلوا خلال دقائق معدودات، حوّلت معها عمليات الإطفاء صالة المنزل إلى بركة من المياه، أما الدخان الأسود فقد أصاب جميع أجزاء المنزل والغرف والأثاث، وقُدرّت خسائر الصالة وحدها  نحو 50 ألف درهم.

 

في هذا اليوم المشؤوم، كانت المرة الأولى التي أتعرف فيها إلى بعض جيراننا الذين تعاطفوا معنا وهرعوا نحو منزلنا للاطمئنان علينا، وعرضوا علينا استضافتنا في منازلهم لحين انتهاء أعمال ترميم الخراب الذي حلّ بمنزلنا الجديد بكل أسف. حينها أدركتُ أن التلاحم بين الأسر الإماراتية لايزال موجوداً! ثم قال لي ضابط الإطفاء: «هذه هي مشكلتنا نحن الإماراتيين! نبني منازل بملايين الدراهم، ونتجاهل شراء طفاية حريق ببضع مئات من الدراهم! أو لا ندرك مدى أهمية هذا الجهاز البسيط في شكله، العظيم في أدائه!». 

   

تويتر