مدارس خاصة تفرض عقوداً وهمية على معلّميها

مطلوب دراسة شاملة لنظام الثانوية الجديد للوقوف على إيجابياته وسلبياته.    تصوير: سعيد دحلة


كشفت مديرة منطقة الشارقة التعليمية فوزية درويش بن غريب،  أن بعض المدارس الخاصة في الشارقة، تفرض على المعلمين والمعلمات، عقوداً وهمية، محملة مسؤولية ذلك إلى المعلم أولا.

وقالت ان «نظام المنازل» وتعليم الكبار لم يحقق أهدافه المرجوة منه، بل كلّف الدولة والوزارة مبالغ طائلة لا تقارن بحقيقة نتائج طلبة المنازل الذين تعاملوا مع الامتحانات كفرصة من أجل الحصول على إجازة من العمل.

 

وأشارت إلى ظاهرة الدروس الخصوصية وضرورة محاربتها، محملة مسؤوليتها إلى دوائر ومؤسسات أخرى غير وزارة التربية «لأن بعض معاهد ومراكز التعليم تحصل على ترخيص رسمي من جهات أخرى غير الوزارة».

 

«الخاصة» أفضل

وتفصيلا، قالت بن غريب لـ«الإمارات اليوم»: «ان نتائج طلبة المدارس الخاصة أفضل من نتائج المدارس الحكومية» مشيرة إلى أن «بعض الأهالي شككوا بنزاهة التصحيح في المدارس الخاصة، وبأنها ليست دقيقة ولا تعكس واقع حال تلك المدارس ومستوياتها، وتقدموا بطعون إلى الشؤون القانونية في المنطقة، وتابعنا في المنطقة هذه القضية وحققنا بالأمر من خلال لجان المراجعة ومتابعة الامتحانات، وكانت الحقيقة أن عملية التصحيح سارت بالطريقة السليمة، الأمر الذي فرض علينا عدم إدانة المدارس الخاصة بهذا الشأن».

 

وتابعت قائلة: «لكن على العموم مطلوب دراسة شاملة لنظام الثانوية الجديد والمطبق للسنة الثانية على التوالي، للوقوف على أهم الجوانب الإيجابية والسلبية فيه، لأن الهدف الرئيس هو أن نصل لمستوى طلابي يثق به التعليم العالي، ومثل هذا الأمر يتطلب مستوى من التعاون والتنسيق بين كل أطراف العملية التربوية والتعليمية بمن فيهم الأهالي وأولياء الأمور والمجلس التعليمي والمجتمع المحلي، حتى لا ندخل في سجال وصراع مع التعليم العالي، بحكم تدني مستويات الطلبة الذين يلتحقون بالتعليم العالي. وبعد أن نهيئ جيل الطلبة اعتماداً على أسس الكفاءة والأداء والإنجاز الجيد تكون المشكلة، إن وجدت، من صلاحيات واختصاص التعليم العالي، ولا دخل لنا بالتالي في المشكلات المحتملة المقبلة إذا أنجزنا ما هو مطلوب منا بكفاءة واقتدار».

 

الراتب لا يعادل الجهد

وفيما أكدت بن غريب أن «الجهد المبذول من قبل المعلم مميز وقوي ومرهق سواء كان في القطاع الخاص أم في القطاع الحكومي»، أشارت إلى أن «راتب معلم القطاع الخاص متدنٍ ولا يتناسب مع جهوده المبذولة، واحتياجات ومتطلبات الحياة، ويقع على كاهله ضغط مضاعف خصوصاً إذا نظرنا إلى راتبه المتدني ونصابه العالي من الحصص الأسبوعية التي تتجاوز 30 حصة أسبوعياً». وطالبت بـ«إجراء دراسة ميدانية شاملة من أجل التقويم ووضع الحلول المناسبة، فراتب معلم القطاع الخاص لا يتجاوز 2000 درهم (وهو الحد الأدنى الملزم للمدرسة من قبل الوزارة)، ونصابه يزيد على 30 حصة أسبوعياً، وغالباً ما يكون تخصصه غير مناسب للمادة التي يُدرّسها. وتشترط بعض المدارس على المعلم القبول بأقل من الحد الأدنى المعتمد من قبل الوزارة في ما يتعلق بالرواتب».

 

وقالت: «إن الوزارة اشترطت تحويل راتب المعلم إلى البنك، كي تضمن عدم التلاعب بالراتب، والالتزام من قبل المدرسة بالحد الأدنى المقرر للرواتب، لنكتشف لاحقاً أن تلك المدارس تفرض على المعلم عقوداً وهمية براتب الحد الأدنى، ويحوّل إلى البنك، لكن شريطة أن يعيد جزءاً منه إلى المدرسة».

 

وتابعت: «هذه القصة يتحملها المعلم الذي يوافق على هذا الموقف قبل أي جهة أخرى، دون أن نقلل من مسؤولية الأطراف الأخرى وخصوصاً تلك المدارس التي تقوم بمثل هذه الممارسات». مشيرة إلى «أننا في المنطقة لا نعرف مثل هذه الحقائق وهذه الأساليب التي تتبعها بعض المدارس إلا بعد حدوث مشكلة ما مع المعلم أو المعلمة التي تعرضت لمثل هذه الضغوط. فخلال جولاتنا في الظروف الطبيعية والمعتادة على المدارس الخاصة لا نعرف مثل هذه الحقائق، على الرغم من متابعاتنا، لكن عندما نكتشف مثل هذا التحايل نتابع ونحقق ونتخذ الإجراءات اللازمة والرادعة».
 
وتساءلت: «لماذا يوافق المعلم على مثل هذا السيناريو، لماذا لا يرفضه أو يأتي إلينا يشتكي مباشرة لنتابع ونحقق بالموضوع ونمنعه من بداياته». مشيرة إلى أهمية «الحفاظ على كرامة المعلم وهيبته وتوفير الأجواء المناسبة لتعزيز أدائه، فكل هذا وغيره يتطلب علاجاً جذرياً يستند إلى دراسات مطولة لسد الثغرات في التعليم الخاص». وأضافت: «لدينا الآن لائحة جديدة للتعليم الخاص تعالج الثغرات في التعليم، لكن هذه اللائحة لم توزع بعد».

 

وفي ما يتعلق بظاهرة الدروس الخصوصية، أكدت مديرة المنطقة وجودها، «وأننا نعمل على محاربتها والحد منها، وهذا الأمر يتطلب البحث في طبيعة المناهج الدراسية، والتقويم، والبحث في نوعية الامتحانات، ومكانة المعلم وراتبه وظروفه، ومجمل القوانين التي تعنى بالأوضاع التعليمية والتربوية». مضيفة أن «المشكلة الأخرى المتعلقة بالدروس الخصوصية لا ترتبط بالمنطقة والوزارة ودورهما، فالمعاهد والمراكز ليست كلها مرخصة من قبلنا، فهناك جهات أخرى تعمل على ترخيص تلك المعاهد مثل التنمية الاقتصادية وهذا خارج نطاق صلاحياتنا». وتابعت: «لكن إذا لم توجد في المعاهد توجد في البيوت».

 

تعليم المنازل

«في ما يتعلق بنظام المنازل، من الضروري وضع لائحة لتعليم الكبار، والدراسة المنزلية تختلف عما هو موجود، فالنظام الحالي يعاني من ثغرات، والمطلوب التخلص منها، فمدخلات نظام المنازل وتعليم الكبار لا تنسجم مع مخرجاته، حيث يقوم البعض فقط بالاستفادة من فكرة النظام من أجل الإجازات، ونتيجته دوماً سيئة في الامتحانات.. وذلك في حال حضوره».

واعتبرت أن «نظام المنازل يستنزف موازنة معينة في الوزارة بلا جدوى حقيقية، الأمر الذي يستدعي المقارنة من حيث المردود، فهل حقق المردود القيمة والتكلفة التي صرفت؟ الحقيقة أن الصرف أكثر من المردود بما لا يقاس، إلى جانب عدم اهتمام طلبة المنازل، فهم غالباً لا يحضرون الامتحان. إذن ما هي العقوبة التي سنفرضها على الطالب المتغيب؟ فهو من حقه إن لم يتقدم للامتحان هذا العام، أن يتقدم له مرة أخرى في العام المقبل. لذلك لابد من إعادة النظر بهذا النظام، خصوصاً أن هذا الدارس لا يدفع رسوماً.

 

 ولابد من وضع لائحة لتعليم الكبار نحدد فيها أولاً المراحل الدراسية، ومن هم الذين يحق لهم التقدم للدراسة المنزلية وتعليم الكبار، إلى جانب تحديد مواصفات هذا الدارس وما هي العقوبات المفروضة، فكل الطلبة في المدارس وفي المنازل يدرسون الكتب والمناهج نفسها، ما يشير إلى بعض الثغرات في تعليم الكبار والدراسة المنزلية. نحن نحتاج لإعادة النظر في لائحة تعليم الكبار والمنازل حتى لا نقوم بعملية الهدر للمال العام التي توجد الآن في تعليم الكبار والدراسة المنزلية».

 

وتابعت: «نحن نحتاج وننتظر نتائج جيدة نظير الدور الذي نقوم به، فلا يعقل أن تقوم الدولة بكل ما تقوم به دون انتظار النتائج المرجوة، ويجب ألاّ يأخذ الدارس موضوع رعاية واهتمام ومتابعة الدولة باستهتار ويقتصر الأمر على الاستفادة من أيام الامتحانات وتحويلها إلى إجازات وفسحة للدارس للهروب من العمل، لا بد أن يكون هناك حس وطني عام تجاه هذه المبادرات».

 

وحول تجربة المدارس النموذجية بعد 11 سنة في الشارقة، أشارت إلى أن «العملية تمت بالتدريج، تبعها تقويم عام بعد أربع سنوات، وتم العمل بعدها على زيادة عدد تلك المدارس. وأخيراً قمنا بالعمل على دراسة ميدانية شاملة بالتعاون بين المنطقة وجامعة الشارقة لتقويم المدارس النموذجية على الصعيد العملي والفني والعملي والتعليمي. وبالنتيجة تم العمل على زيادة عدد المدارس النموذجية في الشارقة، وسوف يتم إضافة مدرستين نموذجيتين في الشارقة العام المقبل، واحدة للذكور وأخرى للإناث».

 

وعن مدارس الغد، قالت بن غريب: «إنها تجربة جديدة أنهت عامها الأول، لكنها ليست بديلاً عن المدارس النموذجية، ولا تؤشر إلى فشل المدارس النموذجية، فقط هي تجربة جديدة جاءت بالتعاون بين وزارة التربية وكليات التقنيات. وأضافت: «على العموم سمعنا أنه لن يكون هناك توسع في مدارس الغد العام المقبل على مستوى الدولة، لكننا في الشارقة سنقوم بإضافة مدرستين نموذجيتين إلى ما هو موجود».  

 

عزوف المواطنين عن مهنة التدريس
عزت مديرة منطقة الشارقة التعليمية فوزية درويش بن غريب ظاهرة عزوف المواطنين الذكور تحديداً عن مهنة التعليم إلى أسباب عدة، في مقدمتها الموضوع المالي وتدني رواتب المعلم قياساً إلى الوظائف والمهن الأخرى في الدولة، إضافة إلى حجم الأعباء المترتبة على المعلم. مشيرة إلى أن «ذلك يتطلب دراسة لا تخلو من تنسيق مع الجهات المعنية وسوق العمل واحتياجاتها». 
 
وعلى الرغم من تراجع مكانة ومهنة التعليم، أكدت بن غريب: «نحن نعتبر الميدان التربوي مصنع الأجيال المقبلة، والكفاءات والكوادر جاءت من ميدان التربية والتعليم، لذلك يجب أن تتضافر جميع الجهود لتأكيد  أهمية التعليم والتربية، ويجب أن نؤسس للتعليم من جديد». 
تويتر