الدماغ البشري ينفّذ المهمـات بطريقـة متسلسلة

العقل البشري يحتاج إلى وقت أطول في ردة الفعل.       «فوتوز دوت كوم» 
 
على عكس ما كان يُعتقد حتى الآن، أظهرت دراسة حديثة قام بها باحثون ألمان أن القيام بأكثر من عمل في الوقت ذاته يؤدي إلى تباطؤ العقل البشري في تنفيذها، وزيادة احتمال ورود الأخطاء.

 

 وفي دراسة لمعهد راين فيستفاليا للدراسات التقنية في مدينة آخن الألمانية، تبين أن العقل البشري يحتاج إلى وقت أطول في ردة الفعل، فيما إذا حاول الإنسان أن يقوم بعملين مختلفين في آن واحد؛ والنتيجة ستكون زيادة الأخطاء الناجمة عن «تشتت» الذهن في أكثر من عمل، حيث ان القيام بعملين في آن واحد كالقيادة، والاتصال بالهاتف الجوال، يؤثر سلبياً في سرعة استجابة الدماغ، فإذا أراد شخص ما إجراء مكالمة هاتفية، على سبيل المثال، وتصفح كتاباً، فإن الزمن المخصص لإنجاز المهمتين مع بعضهما بعضاً سيكون أطول، وستكثر الأخطاء عن قيام الشخص بإنجاز كل مهمة على حدة. 

 

وحسبما وضح العالم إيرينغ كوخ، المشرف على هذه الدراسة، فإننا عندما نقوم بعملين متوازيين، فإن قدرتنا ستضعف في تنفيذ الأمرين «الأشخاص الذين أجريت عليهم التجربة احتاجوا لتنفيذ مهمتين متزامنتين ما يصل إلى 40% من الوقت، مقارنة بما لو كانوا قد قاموا بتنفيذ المهمتين بالتسلسل».

 

ويضيف كوخ «ان أثر مثل هذا التأخير لا نلاحظه في حياتنا اليومية لأن ليس هناك من يمسك بساعة توقيت زمني ويحسب زمن تنفيذنا للمهام»، مشيرًا إلى أن الخطورة تكمن مثلا حينما يكون سائق سيارة على الخط الطويل وفي الوقت ذاته يجري اتصالا  هاتفيا فإنه لا يستجيب بالسرعة المطلوبة لأي طارئ.

 

إدراك المهمة
وتبين من خلال الدراسة أن الدماغ البشري يمتلك إمكانات محدودة في تلقي مؤثرات خارجية عدة في الوقت ذاته، والتعامل معها بالسرعة نفسها.  ويستغرب كوخ كيف أن قدرة أي شخص، من الناحية النظرية، على تنفيذ أكثر من مهمة في وقت واحد ينظر لها كميزة له، وليس العكس، مشيرا إلى أنه على العكس من ذلك «يفترض محاولة تقليل الضغوط على هؤلاء الأشخاص لكي يعلموا بفاعلية أكبر. وهذا لن تكون له نتائج ايجابية من الناحية الاقتصادية فحسب، بل وصحية أيضا من خلال تخفيف الضغط النفسي على العاملين».

 

ويؤكد الباحث أن الآثار الصحية المترتبة على القيام بأكثر من مهمة في آن واحد تتمثل في الإرهاق والصداع، وقد تصل في أسوأ الأحوال إلى مرحلة الاحتراق النفسي.

 

عوامل ثقافية
وقام فريق من الباحثين البريطانيين والإيطاليين بدراسة طلاب جامعيين من كل إيطاليا وبريطانيا وهم يقرأون مجموعة من الكلمات، كل بلغته، ومجموعة من الكلمات الدولية، ومجموعتين من الكلمات التي لا معنى لها، وتبين أن الطلاب الإيطاليين هم الأسرع في القراءة حتى عندما تكون الكلمات غير إيطالية. 

 

وعزا الباحثون ذلك إلى أن الحروف المركبة باللغة الإيطالية تلفظ دائماً بالطريقة نفسها بعكس اللغة الإنجليزية. وأظهرت صور المسح الدماغي اختلافاً في طريقة عمل الدماغ عند كل من فريق الطلاب. ففي أدمغة الطلاب الإيطاليين ازداد النشاط في جزء يدعى «المنطقة الصدغية اليسرى العليا» في حين أن النشاط الدماغي عند الطلبة البريطانيين ازداد في «المنطقة الصدغية الخلفية الدنيا».  وفي تقرير عن الدراسة ذكر الباحثون أن النتائج الأخيرة تشير إلى أن العوامل الثقافية تؤثر في الأجهزة العصبية النفسية في الجسم، ومن ثم تؤثر في عمل الدماع.

 

سرعة التنفيذ  
ان انتقال الأوامر من وإلى الدماغ لا تستغرق سوى أجزاء من الثانية، إلا أن هذا الانتقال يتطلب من الدماغ بعض الوقت لإدراك المهمة الواجب تنفيذها، مما يؤثر سلباً في سرعة التنفيذ. فالعقل يحاول ترتيب  الأوامر الواردة إليه، وتنفيذها متسلسلة، واحداً تلو الآخر.

تويتر