«جداريات السيرة» يروي مأساة الشعب الفلسطيني

لوحات الراحل إسماعيل شموط رافقت أحزان وهموم الإنسان الفلسطيني.          أرشيفية

 
«جداريات السيرة والمسيرة الفلسطينية» فيلم وثائقي يعرض فيه المخرج الفلسطيني الشاب بلال شموط رؤية جديدة لتوصيل رسالة والده الراحل إسماعيل شموط احد رواد الفن التشكيلي الفلسطيني باستخدام لوحاته الفنية في طرح القضية الفلسطينية. وقال شموط بعد عرض الافتتاح لفيلمه في قصر الثقافة في رام الله في الذكرى السنوية الثانية لرحيل والده «بعد ست سنوات من العمل يرى هذا الفيلم النور لأوصل الى اكبر عدد من الجمهور الرسالة التي اراد والدي ايصالها في معرضه الدائم جداريات السيرة والمسيرة الفلسطينية.

يروي الفيلم على مدار 75 دقيقة سيرة ومسيرة الفنانين شموط الذي رحل عن 76 عاماً وزوجته التشكيلية تمام عبر 19 جدارية رسم  منها  اسماعيل 11 والباقي لزوجته، مساحة الواحدة منها متران في متر ونصف المتر تقريباً عبر تعليق على الاحداث التي واكبت النكبة الفلسطينية 1948 وما تلاها من احداث بصوت الزوجين شموط.  وقال المخرج «كل لوحة من الجداريات الضخمة تروي مجموعة من القصص وساعدني كبر اللوحات على ابراز هذه القصص التي ترويها»، وأضاف «تمكنت من تركيب النص المكتوب الذي وضعه والدي حول معرضه بطريقة تجمع بين الرواية المحكية ورسم فني جميل يروي قصة مأساة»، وتعود قصة رسم الجداريات 19 الى تلك الزيارة التي قام بها الزوجان شموط عام 97 بعد ما يقرب من 50 عاماً الى مسقط رأسيهما في اللد ويافا والذي يشير الفيلم الى انهما اجبرا على الرحيل عنهما مثل مئات الآلاف من الفلسطينيين بعد حرب عام .1948 وقال شموط الابن «وضع والدي هذه الجداريات التي استغرق العمل بها اربع سنوات وعرضت في اماكن عدة في عهدة مؤسسة التعاون الى حين افتتاح متحف وطني في القدس توضع فيه».

ويعتبر اسماعيل شموط المولود في اللد عام 1930 من رواد الفن التشكيلي الفلسطيني الذي قدم عبر آلاف اللوحات على مدار نصف قرن تعريفاً بالقضية الفلسطينية.  وعلى وقع سرد بصوت الفنان اسماعيل وزوجته للأحداث التي شهدتها الاراضي الفلسطينية منذ النكبة في 1948 الى الوقت الحاضر يتابع الجمهور عرضاً للوحات فنية جميلة تعكس كل قصة يرويها الفنانان. وتعرض اللوحات حياة الفلسطينيين في اللد ويافا وبيوتها وبحرها وناسها ورسوم لأفراد العصابات الصهيونية وهم يجبرون الناس على الرحيل من يافا، حيث يركب عدد منهم قوارب تتلاطمها الامواج «تمكن عدد منهم من الوصول الى شاطئ بيروت».

ويروي اسماعيل في الفيلم على وقع عرض للوحات تعكس ما يقول: «كنا نبحث عن بعض الماء بين الصخور والبعض يبحث عنه في جذور النباتات لقد تمكنا من ايجاد بعض الماء بين الصخور وتمكنت ان أخبئ بعضها تحت قميصي لأوصله لوالديي اللذين كانا صائمين وإذا بامرأة حامل تحاول ان تمتص الماء من قميصي المبلل»، ويظهر هذا المشهد في لوحة فنية.

ويضيف إسماعيل أن شقيقه توفيق الذي كان عمره سنتين توفي بينما كانت العائلة في طريقها الى رام الله قبل ان تقرر المغادرة الى خانيونس في رحلة استغرقت اسبوعين بعد ان لم تكن تحتاج الى ساعتين في وقت سابق. ويتنقل شموط في لوحاته وسرده الى جانب سرد زوجته من مرحلة الى أخرى وهو يتحدث بالصوت وشهادة الريشة والألوان لما جرى من تشتت الفلسطينيين في مخيمات اللجوء وما تلاها من هزيمة عام 1967 التي عرفت بالنكسة وانطلاق الثورة الفلسطينية وتأسيس منظمة التحرير واندلاع الانتفاضة الاولى. ويشير إسماعيل في الفيلم الى انه تنبأ بحدوث الانتفاضة الشعبية قبل ثلاث سنوات من حدوثها، فقد رسم في عام 84 لوحتين الاولى سمَّـاها اطفال الحجارة لأطفال ينصبون كميناً لدورية للجيش الاسرائيلي وأخرى لطلاب وطالبات مدرسة يرشقون الجيش بالحجارة اطلق عليها «أطفال مخيم الدهيشة»، ويقول «هذه الانتفاضة (الاولى) هذه المواجهة الشعبية اعادت الامل الى الشعب الفلسطيني». 

ويوضح شموط من خلال اللوحات ان الحياة الفلسطينية الاجتماعية استمرت رغم كل الاحداث والمآسي فتظهر صور لحفلات زفاف وأخرى لفرق موسيقية واستقبال قادمين ووداع مسافرين. ويتخلل الفيلم ثلاث اغنيات تقدمها المطربة الفلسطينية امل مرقص من الناصرة تتناسب وما يعرض في الفيلم ومنها قصيدة للشاعر لفلسطيني محمود درويش «وطني ليس حقيبة وأنا لست مسافراً». وقال بلال شموط ان الفيلم المنتج بدعم من اللجنة الاجتماعية الفلسطينية في أبوظبي «البيارة» سيجري عرضه في العديد من المدن الفلسطينية. «
 

الأكثر مشاركة