تجار يشـترون الأرز مـن «التعاونيات» لإعادة بيعه

التجار توقعوا أن يباع الأرز في السوق السوداء بأعلى من ثمنه بـ 20%.   تصوير: عماد علاء الدين


كشف مسؤولو مراكز تجارية وجمعيات تعاونية، عن إقدام تجار وأفراد على شراء الأرز، الذي تم الاتفاق مع وزارة الاقتصاد على تثبيت أسعار بيعه حتى نهاية العام، في محاولة منهم لإعادة بيعه بأسعار مرتفعة».

 

وأكدوا أن «ارتفاع أسعار الأرز ووجود حدود سعرية لبيعه، تسببا في اختفاء العديد من أنواع الأرز المعروفة من أرفف البيع في المراكز التجارية والجمعيات، وتم إحلال أنواع أخرى مكانها تواكب البيع بأسعار مثبتة».

 

وأشاروا إلى أن «استمرار الدول المصدرة للأرز في فرض حظر على تصديره، أسهم في تطور أزمة توافره في أسواق الدولة، وبشكل خاص مع قلة المخزون المتوافر منه لدى المراكز التجارية».

وكان تجار ومستهلكون قد أشاروا إلى أن «سوقاً سوداء للأرز قد بدأت في الظهور في الدولة، بعد أن أدت جهود الحكومة لاحتواء التضخم، عن طريق تقييد الأسعار، إلى اختفاء الأرز من المتاجر».

 

وكانت وزارة الاقتصاد قد حاولت احتواء التضخم، الذي بلغ أعلى مستوياته في 20 عاماً عند مستوى 11.1% العام الماضي، عن طريق توقيع اتفاقات مع المتاجر الكبرى لتثبيت أسعار المواد الغذائية عند مستوياتها في عام .2007

 

سوق سوداء

وقال تاجر مواد غذائية في أبوظبي، فضل عدم ذكر اسمه، «الآن لم تعد المسألة مجرد نقص في الأرز، سنشهد سوقاً سوداء للأرز حيث سيبيع تجار أي نوع مطلوب من الأرز».

 

وأضاف «السعر الذي يدفع في السوق السوداء قد يزيد بنحو 20% على السعر العادي».

وكان قرار الهند، ثاني أكبر مصدر للأرز في العالم في عام 2007، في مارس الماضي، وقف صادرات أنواع الأرز غير البسمتي ـ وهي الأكثر شيوعا في الدولة ـ قد أثار موجة شراء تسببت في ارتفاع سعر الأرز القياسي في تايلاند إلى ثلاثة أمثاله.

 

وكانت الدولة قد استوردت في العام الماضي نحو 750 ألف طن من الأرز أغلبها من الهند وباكستان وتايلاند ومصر.

 

وقال تجار «إن الدولة ستظل تواجه نقصاً في إمدادات الأرز على الأقل حتى أغسطس، عندما تمتلئ مخزونات الدول المستهلكة والمنتجة وتتدعم الإمدادات بالمحاصيل الجديدة».

 

وتعتزم الدولة الحصول على المزيد من الأرز من تايلاند هذا العام لتلبية الطلب المحلي، في حين تسعى أبوظبي لاستصلاح ما يزيد على 70 ألف فدان من الأراضي الزراعية في السودان كخطوة أولى في سياسة شاملة لتأمين إمدادات الغذاء مع ارتفاع الأسعار.

 

ويطالب العديد من مستوردي الأرز بدعم بنسبة تبلغ 25% على الأقل، في حين تحث جمعية حماية المستهلك الحكومة على دعم المواد الغذائية الأساسية، في إطار إجراءات مكافحة ارتفاعات أسعار الغذاء، التي يتوقع أن تبلغ 40% هذا العام.

 

وقال أحد تجار الأرز «عدد التجار الذين توقفوا عن استيراد الأرز في الشهرين الماضيين كبير، إنهم يريدون دعماً وتعويضات».

 

وأضاف «لا يمكننا الاستيراد وتحمل الخسائر إذا كانت الدول التي نستورد منها، مثل باكستان، تطلب أسعاراً أعلى وتبيع إنتاجها لجهات أخرى».

 

شراء لإعادة البيع

وقال نائب المدير العام لجمعية الاتحاد التعاونية في دبي، إبراهيم البحر «إن إدارة الجمعية اكتشفت أخيراً بعض الأفراد الذين يشترون كميات كبيرة من الأرز المثبتة أسعاره، وتكررت تلك الظاهرة بشكل ملحوظ وأكبر من احتياجات المستهلكين العادية، ما جعل الجمعية تتجه لمنع هؤلاء من الاستحواذ على كميات أكبر من الاحتياجات اللازمة للأفراد».

 

وأوضح أن «أزمة الأرز بدأت في الظهور منذ فترة، وتطورت مع فرض عدة دول حظراً على تصدير الأرز حفاظاً على أسعار البيع المحلية لديها، ما قلص من واردات تلك الدول وتسبب في رفع الأسعار».

 

وأشار إلى أن «إدارة الجمعية اتجهت منذ فترة لاتخاذ خطوات استباقية لتفادي آثار الأزمة، وأجرت عمليات استيراد لكميات كبيرة من الأرز يتم بيعها بأسعار مخفضة ومثبتة وفقاً لاتفاقيات وزارة الاقتصاد، ويكفي مخزونها حتى نهاية شهر رمضان المقبل».

 

ولفت إلى أن هناك بعض الأنواع، مثل «أبو سنارة» و«الوطن»، اختفت من الأسواق بسبب ارتفاع أسعارها، حيث لم تفضل الجمعية توريدها لارتفاع أسعارها بشكل يفوق متطلبات السوق»، موضحاً أن «الجمعية تركز على بيع عدة أنواع مختلفة بجانب «أرز الاتحاد».

 

وأكد مدير العلاقات العامة في مجموعة «إيميك غروب» ومجموعة «مراكز اللولو التجارية» في دبي والدولة الشمالية، عمر كريم، أنه «يُتردد في السوق أن بعض التجار يشترون كميات كبيرة من الأرز المثبتة أسعاره من المراكز التجارية والجمعيات، ويعيدون بيعه مرة أخرى في الأسواق بأسعار أعلى». ولفت إلى أن «قرار وزارة الاقتصاد بوضع سقف محدد لزيادة أسعار بيع الأرز دفع المراكز التجارية والتعاونيات إلى وقف التعامل مع الأنواع المعروفة لارتفاع أسعارها، خصوصاً أن تلك الأنواع تورد بسعر أعلى من أسعار البيع التي حددتها الوزارة، ما جعل منافذ البيع تتجه لأنواع أخرى أقل سعراً».

 

زيادات سعرية

وأشار أحد مسؤولي المبيعات في مراكز «كارفور» في أبوظبي، طلب عدم ذكر اسمه، إلى أن «أسعار الأرز شهدت تطورات كبيرة بعد قرارات بعض الدول بعدم التصدير، كما أن المركز اتجه لتوفير أنواع بديلة بأسعار  تناسب احتياجات المستهلكين وبنسب منخفضة عن السوق». موضحاً «هناك إقبال على الأرز المخفض، لكن لا يوجد إثباتات كافية حول قيام تجار بإعادة الاتجار فيه».

من جانبه، قال أحد موردي منتجات الأرز البسمتي في الدولة، نيشت بتيل «إن أسعار توريد الأرز تتزايد منذ فترة وهو ما جعل الموردين يضطرون لفرض زيادات سعرية أخيراً»، موضحاً أن «شركتنا لن تقوم بتوريد الأرز إلا وفقاً للزيادات الجديدة، لعدم قدرتنا على تحمل الخسائر، وقد قمنا بإلغاء تعاقدات سابقة لنا مع بعض الجمعيات والمراكز التجارية التي لم توافق على التوريد وفق الزيادات السعرية الجديدة».

 

وشكا مستهلكون من صعوبة الحصول على منتجات الأرز بأسعار مخفضة في ظل ارتفاع الأسعار وقلة توافر المنتجات المخفضة والمثبتة أسعارها. وقال محمد إبراهيم، الذي يعمل محاسباً في إحدى الشركات في دبي «إن العديد من التعاونيات والمراكز التجارية غالباً لا تتوافر لديها منتجات الأرز المخفضة لسرعة نفادها». وقالت شاما شوراساي، ربة أسرة، «الأرز الجيد المستورد من الهند وباكستان أصبح من الصعب جداً العثور عليه في أي سوبر ماركت، إلى أن اكتشفنا أخيراً أن له أماكن خاصة يباع فيها ». وأضافت «ثمة تجار سوق سوداء لكن الحكومة ترقبهم عن كثب، وإن كنت أعتقد أن الوضع لا يتحسن».

 

إجراءات جديدة لحماية المستهلكين

 قال وكيل وزارة الاقتصاد محمد عبد العزيز الشحي «إن الوزارة تعتزم الكشف عن إجراءات أخرى لحماية المستهلكين من ارتفاعات الأسعار، لكنها ستواصل انتهاج سياسات غير الدعم». وأضاف «تضخم أسعار الغذاء والسلع في الدولة، سيتراجع هذا العام بعد أن فرضت الحكومة قيوداً على الأسعار، لكن الاتجاهات العالمية ستستمر في دفع الأسعار للارتفاع». 

تويتر