العمل عبادة

 
ماذا ينقصنا في دولة الإمارات العربية المتحدة، وفي دبي بالتحديد، للوصول إلى مصاف الدول العالمية المتطورة على مختلف الأصعدة؟ تبادر هذا السؤال إلى ذهني أثناء وجودي في كوريا الجنوبية نهاية الشهر الماضي، للمشاركة في فعاليات أول معرض آسيوي دولي للاستثمار والعقار.

 

وخلال المؤتمر استعرض ممثلو القطاعات الحكومية والشركات الخاصة العاملة في الدولة مجموعة من أوراق العمل. وتحدثت عن دور إدارة الجنسية والإقامة بدبي في تعزيز جهود جذب الاستثمارات الأجنبية، وتقديم التسهيلات المطلوبة من النواحي التقنية والبشرية، وحتى الجغرافية منها لتأمين حصول المستثمرين ورجال الأعمال والموظفين في دبي على أفضل الخدمات في قطاع الإقامة، بما يضمن سرعة الإجراءات ببراعة ودقة. 


زرت دائرة الهجرة هناك، وكم كانت دهشتي عظيمة عند رؤية مستوى الانضباط والولاء واحترام الوقت وإتقان العمل والتحقق من تقييم نتائج العمل وفق أنظمة واضحة تقوم على نظام مؤسسي، وهذا يشمل جميع الموظفين من مختلف الرتب الإدارية والعسكرية وغيرها. وقد كان واضحًا من الحديث مع المسؤولين والموظفين أن جميع هؤلاء يؤمنون بثقة أن العمل أشبه بالعبادة.

 

المثير للإعجاب أكثر هو الاحترام المطلق الذي يميز الشعب الكوري، فمثلاً يبادر الكوريون إلى خدمة الناس ويرفضون قبول أي شيء كالإكراميات وغيرها، باستثناء كلمات الشكر! ويرجع ذلك إلى التأسيس الصحيح الذي يغرسه الكوريون في أبنائهم منذ الطفولة، مما غرس فيهم مستوى متميزاً من الأسلوب الحضاري والتعامل مع الآخرين باحترام مطلق والالتزام في العمل. 

 

عندها بادرني مفوض الهجرة الكوري بالقول إن كل وزير كوري زار دبي خلال السنتين الماضيتين أبدى إعجابه الشديد بوجود قائد فذ لدينا هو صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس  الوزراء حاكم دبي، وأثنى على مستوى الخدمة التي تلقوها من موظفي «جنسية دبي» في مطار دبي الدولي، ما دفعني للشعور بالفخر الكبير بموظفينا، بل وأيضاً عزز انطباعي حول مدى تميزنا في دبي خاصة، ودولة الإمارات العربية المتحدة عامة في تقديم التسهيلات التي تتناسب مع نمو الطفرة الاقتصادية في الدولة. 


وعادت بي الذاكرة الى كلمات لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم،   حين قال «خدمة الجمهور من أولويات حكومة دبي»، وهو مع القيادة الرشيدة في الدولة قد وضع رؤية إستراتيجية تبعها تأهيل الموارد البشرية وإعداد القيادات بالاستعانة بأفضل الممارسات العالمية في التخطيط.

 

المهم أن المقارنة بتجربة أفضل تحثنا على النظر في الأسباب التي تعيق مسيرتنا نحو المزيد من التطور والنمو بما يجعلنا احد الأمثلة العالمية التي تُحتذى من قِبل الدول والحكومات من كل صوب. 


بالمختصر المفيد، رسالتي أوجهها إلى مواطني الدولة والمقيمين على أرضها: لتكن مصلحة الوطن ورؤية القيادة الرشيدة نصب أعيننا، ولنلتزم جميعاً بأدق واجبات العمل من حيث احترام الوقت والإنتاجية والإخلاص والسعي نحو الكمال ولنجعل من عملنا متعة. 

 

وبالعودة إلى سؤالي في البداية، فتأكدوا أنه لا تنقصنا الكوادر ولا الخطط والاستراتيجيات ولا الأنظمة التي يتم بمقتضاها العمل.. ولكن ينقصنا الالتزام والتطبيق الصحيح، ولذلك أقول: «اجعلوا العمل عبادة».. ودمتم بخير.  

 


 amer_almarry@yahoo.com

الأكثر مشاركة