توم فورد.. جمال يحترم العالم
تصاميمه لفتت اهتمام نجوم هوليوود ونال أرفع الجوائز العالمية. «جيتي»
يُعتبر مصمم الأزياء توم فورد، من أكثر المصممين الأميركيين المعاصرين تأثيرا في عالم الأزياء الحديثة، لجرأته الشديدة في الترويج لأفكاره وتصاميمه وتركيزه الدائم على الجانب الحسي للجمال وبأسلوب صادم، الأمر الذي مكنه من لفت أنظار العالم إليه في فترة بسيطة جداً، ناقلاً جنون أفكاره إلى أوروبا ودور أزيائها، حاملاً معه فكرة تعلمها منذ طفولته، وهي أن الاهتمام بالجمال يعني احترام العالم. ولد توم فورد في مدينة أوستن في ولاية تكساس الأميركية عام 1962، إلا أنه قضى معظم أيام طفولته في مدينة سانتا فيه في ولاية نيوميكسيكو الأميركية، متنقلاً من منزل لآخر مع والدته الجنوبية ذات المظهر الجذاب والتي كانت تتمتع بذوق صاخب وملون في اختيارها لملابسها، هذا الصخب انعكس على حياتها الشخصية حيث تزوجت ست مرات، بينما لا تزال ذاكرة فورد تحمل من طفولته معها تلك الخزانة التي احتفظت فيها بمجموعة كبيرة من أطقم الفساتين الشبيهة بالمعاطف ذات الشكل المربع، والتي عرفت باسم «كوريجيز». وقد تعلم فورد من شخصية والدته الجنوبية الصاخبة وحبها لمظهرها الخارجي أن الاهتمام بالمظهر يعكس احترام المرء لمن حوله، فقضى فورد طفولته قلقاً على مظهره الخارجي، وما إذا كان يبدو بالشكل اللائق.
جنون وارهول بعد تخرجه من المدرسة، التحق فورد بدورة في تاريخ الفن في جامعة نيويورك، وأخذ بعض الحصص في دراسة التمثيل، وهي الفترة التي اكتشف فيها جنون وصخب النادي الليلي النيويوركي الشهير «استوديو 54»، حيث التقى هناك بفنان البوب الشهير آندي وارهول، واقترب من عالمه ومحيطه الساحر، ومنذ تلك اللحظة لم تعني الدراسة شيئاً لفورد، وبدأ يقضي وقته في الحفلات الصاخبة، ولم يتوقف عند هذا الحد، بل قرر التحول إلى عارض للأزياء، فازدهرت أعماله في فترة من الفترات، لدرجة أنه كان يظهر في 12 إعلاناً في آن واحد. ترك فورد الدراسة في جامعة نيويورك بعد سنته الدراسية الأولى، لينتقل إلى الدراسة في جامعة بارسونس للتصميم في نيويورك، في مجال التصميم الداخلي، ثم قرر إكمال دراسته، في فرع جامعة بارسونس في العاصمة الفرنسية باريس، ومع انتهاء الدورة التي التحق بها، اكتشف فورد بأن مجال الأزياء هو المجال الذي يريد العمل فيه، إلا أن ذلك لم يمنعه من إنهاء دراسته في مجال تصميم الديكور، وفور تخرجه عام 1986 عاد فورد إلى نيويورك حيث بدأ تدريبه المهني في تصميم الأزياء. مرض وانتقال وفي العام نفسه الذي تخرج فيه، انضم فورد إلى الفريق الإبداعي لمصممة الأزياء الأميركية الشهيرة كاثي هاردويك، بينما حدث تطور مهني كبير في حياته، حيث انتقل عام 1988 إلى دار أزياء بيري إيليز، وحصل على وظيفة مدير التصميم، تحت إشراف وإدارة مصمم الأزياء الأميركي الشهير حاليا مارك جيكوبس، وهي الفترة التي يمكن اعتبارها، مرحلة التعلم والحصول على الخبرة، وظل بعيدا عن الاضواء والشهرة إلى أن قرر الانتقال إلى أوروبا عام 1990، حيث حصل هناك على منصب مهني في دار أزياء «غوتشي» في إيطاليا، وعلى الرغم من أن انتقال فورد إلى إيطاليا لم يكن لأسباب مهنية، بل ليكون قريبا من صديقه المقرب ريتشارد باكلي رئيس تحرير مجلة فوغ الرجالية الذي اصيب بمرض السرطان، وقررا معا الابتعاد عن صخب نيويورك، والانتقال إلى إيطاليا بعد أن حصل صديقه على العلاج اللازم، وبعد أن عين فورد في دار أزياء غوتشي على يد المدير الإبداعي في تلك الآونة دون ميلو، محتلاً منصب المصمم المسؤول عن خط أزياء الملابس النسائية الجاهزة في الدار، وبعد سنوات قليلة استطاع فورد أن يتسلم إدارة التصميم، واستطاع، بشهادة نقاد الموضة، أن يعيد إلى الدار التوهج والنجاح مرة أخرى، إلا أن قدرته على ذلك لم تستمر سوى عام واحد فقط، حيث واجهت الدار وفورد مشكلات كبيرة في العمل، وكان سيطرد من عمله إلا أن القرار تم إيقافه من قبل مدير الدار في أميركا دومينيكو دي سول. رهان ناجح وعلى الرغم من الفترة السيئة التي مرت فيها الدار وفورد، إلا أن رهان دي سول عليه كان في محله، حيث انتقل عام 1994 إلى منصب المدير الإبداعي، وهي الوظيفة التي كانت تتطلب أن يكون مسؤولاً عن التصاميم والأفكار لجميع خطوط الدار، من ملابس وعطور، وكل ما يزين الواجهات ويحمل اسم الدار، كما كان مسؤولاً أيضاً عن ابتكار وتنفيذ صورة الشركة، الترويج لها، وحملاتها الإعلانية، والتصاميم الداخلية للدار، وهي المهمة التي تمكن فورد من تحقيقها بالشكل المطلوب. تحول فورد خلال فترة بسيطة، إلى أحد أكثر المصممين تأثيراً في مشهد الموضة، خلال العقد الأخير، حيث تمكن في العام الأول من تولي منصبه، أن يحظى بتقدير المهتمين بصناعة الأزياء، حيث استطاع إعادة الدار إلى مكانتها المهمة، مبتكراً ما عُرف بموضة الـ «هالستون»، بسراويلها الضيقة المطاطية المخملية، مع بلوزات ضيقة من الساتان، وأحذية عالية العنق بلون معدني لماع، لتتحول علامة غوتشي مع لمسة فورد، إلى رمز للإغواء والإثارة، مقدماً شكلاً حسياً مبالغاً فيه للموضة، مسلطاً الضوء على عالم «غوتشي» الجديد والجريء حد الغرابة، ولم يكن غريباً أن تتقاطع مع أفكاره نجمة البوب مادونا المعروفة بجرأتها وجنون أفكارها فاختارت أحد تصاميمه للظهور في حفل الـ «إم تي في» منتصف التسعينات، لتتحول الدار التي كانت على وشك الإفلاس عند انضمام فورد إليها، خلال 10 سنوات إلى شركة تصل قيمتها إلى 4.3 مليارات دولار. إيف سان لوران في عام 2000 حصل فورد على منصب المدير الإبداعي في دار «إيف سان لوران»، إضافة إلى مهامه الواسعة في دار غوتشي، حيث عمل مع الفريق الإبداعي لتحديد الشكل العام للدار، والتوجه الذي يفترض الوصول إليه، والذي يتضمن جميع خطوطها والأنشطة الإعلامية، والعمل على الترويج لها، أملاً بأن يحقق النجاح الذي حققه في «غوتشي»، وعُين فورد نائباً لرئيس مجلس الإدارة في مجموعة غوتشي، عام 2002، إلا أن منصبه الراقي لم يستمر كثيرا، حيث استقال فورد بعد عامين فقط من ذلك التاريخ، وذلك بعد أن تم شراء منصبه بمبلغ كبير من المال. توم فورد
قرر فورد بعد رحيله عن دار أزياء إيف سان لوران، أن يفتتح دار أزيائه الخاصة، وعلى الرغم من النجاح الكبير الذي حققه مع كل من الدارين، إلا أنه كان شديد الحذر عند البدء في عمل يحمل اسمه، ما جعله يبدأ بخط للإكسسوارات فقط، ممهداً الطريق لإمبراطوريته التي بدأت بالانتشار والتوسع، بينما كان من أهم نجاحاته الأولى، هي النظارات الشمسية، والتي افتتن بها نجوم هوليوود، من مادونا، إلى جينيفير أنيستون، وسالي فيلد، وبراد بيت، وليندسي لوهان، لتبدأ رحلته في عالم تصميم الأزياء، التي استطاع بذكاء أن يجعل المهتمين بالموضة ينتظرونها بلهفة. وقد أبدى الممثل الأميركي جورج كلوني، في أحد اللقاءات إعجابه الشديد بتصاميم فورد الرجالية، بالإضافة إلى غزوه لعالم الملابس النسائية التي كان قد أثبت قدرته الواثقة على النجاح بها سابقا، بينما تغطي علامة «توم فورد» التجارية، كل من الملابس الرجالية، والنسائية، والنظارات، والإكسسوارات، بالإضافة إلى العطور، ومستحضرات التجميل. جوائز نجاح فورد في عالم الأزياء كان مصحوباً بعشرات الجوائز العالمية التي حيّت فيه جرأته في كسر قوالب كلاسيكية دور الأزياء العريقة، حيث نال جائزة مجلس مصممي أزياء أميركا الراقية على مدى خمس سنوات متتالية، بالإضافة إلى جائزة «في إتش 1- فوغ» لخمس سنوات أخرى، إضافة إلى جائزتين من نادي نقاد الأزياء في اليابان، عام 2000، وجائزة «أيس» من مجلس الإكسسوارات الأميركية، وجائزة «ستايل آيكون»، كما نال فورد عام 2003، جائزة الإنجاز في تصميم الأزياء في سنته الأولى، إضافة إلى تكريمه على مساهماته في عالم الأزياء في مجال الأفلام، وفي عام 2005، تلقى جائزة آندري ليون تالي لإنجاز العمر، من جامعة سافانا لتصميم الأزياء.
أرق
اعترف فورد في أحد لقاءاته الصحافية أنه لا ينام سوى ساعتين إلى ثلاث ساعات في اليوم، محتفظا بمفكرة صفراء إلى جانبه، في حال استيقظ ليلا على فكرة جيدة، ليقول، «إنني محظوظ، لأن لي ذائقة تجذب الجماهير، وتستشف ما يجذبهم»، بينما تعتبر والدته جمهوره الأهم والمعجبة الأولى بأعماله، حيث سمع أنها طالبت ببطاقة التخفيضات الخاصة بدار أزياء «إيف سان لوران» فور حضورها لعرض أزيائه الأول للدار. أطفال وأفلام على الرغم من أن انشغالاته ووجود صديقه المقرب باكلي إلى جانبه يعتبران من أهم أسباب تأجيله لحلمه وهدفه الأسمى، وهو إنجاب الأطفال، وصناعة فيلم، إلا أن فورد، لا يزال يصف هذين الحلمين كـ «مشروع التصميم النهائي»، قائلاً حول حلم صناعة فيلم، «من خلال الأفلام، أنت لا تقرر ما يلبسه الممثلون فقط، بل تقوم بتصميم عالم بأسره، بشخصياته، التي يمكنك إحياؤها وقتلها، وذلك عبر صناعتك لفيلم، فهناك بقاء واستمرار في الأفلام، يفتقر إليه عالم الأزياء».
أزياء أثرت في مشهد الموضة خلال العقد الأخير |
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news