الحسابات الشخصية تنهش «جـسـد» الاتحادات الرياضية

الأعضاء المنتخبون لمجالس الاتحـادات مطالبون بتنحية الخلافات.  تصوير: شاندرا بالان 
 
لم يمضِ إلا شهر واحد على انتخابات الاتحادات الرياضية، حتى بدأت الخلافات تعصف ببعض مجالس إدارتها لتعرقل سير الخطط والتطوير وتقلع الثوابت الإدارية التي انتهجها كثير من الأعضاء نظرياً قبل خوض المعركة الانتخابية.

 

وشهدت الساحة الرياضية وعوداً كثيرة من الأعضاء لدى إطلاقــهم الـبرنامج الانتخابي الذي اشتمل أفـكاراً ثرية تعــهدوا بتطبيقها حال نجحوا في حجز مقاعد في مجالس الاتحادات الرياضية، وقيادة الرياضة الإماراتية الى مستقبل أفضل.

 

وفوجئ المراقبون بأن الكثير من الاتحادات وبعض الأعضاء المنتخبين لم يجتمعوا حتى الآن للبدء في تنفيذ هذه البرامج التي أعلنوا عنها، حتى وصل الأمر في عدد من رؤساء مجالس الاتحادات إلى رفض عقد الاجتماع الأول، وتوزيع المناصب واللجان بسبب إصرارهم على قضاء إجازاتهم السنوية خارج البلاد، ولرغبة بعضهم في استبعاد زملاء لهم من رئاسة لجان مهمة وإسنادها لأعضاء مقربين. 

 

وعزا أعضاء تلك المجالس الخلافات والانقسامات إلى «عدم توفّر شروط قوية في المرشحين لانتخابات هذه الاتحادات، حيث تكتفي الهيئة العامة لرعاية الشباب والرياضة بمنح حق الترشح لكل من يمتلك الجنسية الإماراتية من دون النظر الى مؤهلاته وقدراته وخبراته في هذه اللعبة التي سيترشح لها».


 وأكدوا أن بعض الأعــضاء في الاتحادات الرياضية يكون ولاؤهم لأنديتهم التي رشحتهم وليس للاتحادات التي يمثلونها، إضافة الى وجــود صراعات بين بعض رؤساء الاتحادات والأعضــاء المنتخبين ورغبة البعض في الانتقام مــن الذين لم يقفوا معهم في الانتخابــات، وتصفية الحساب خلال الدورة الانتخابية التي تستمر أربع سنوات».

 

إلغاء الانتخابات
وقال عضو اتحاد كرة القدم رئيس لجنة الحكام سعيد عبدالله إن «الحل الوحيد للقضاء على الخلافات وعدم التجانس بين المنتخبين الجدد هو إجراء الانتخابات على منصب الرئيس فقط، وإلغاء الانتخابات على مقاعد العضوية على ان يقوم الرئيس بعد انتخابه باختيار أعضاء المجلس الذين يراهم الأنسب والأفضل لشغل هذه المناصب المهمة».

 

وتابع «انتخاب الرئيس فقط سيسهم في قلة المشكلات وسيفرض التجانس والتفاهم بين أعضاء المجلس، لأن الأعضاء الذين سيختارهم الرئيس سيكون لديهم فكر موحد ورؤية واضحة ولا توجد أي مشكلات بينهم وبين الرئيس الذي اختارهم بنفسه لهذه المناصب، وفي الوقت نفسه فإن الأعضاء المنتخبين ليس لديهم توافق في الفكر والرؤية وكل واحد منهم لديه برنامج انتخابي مختلف عن الآخر الأمر الذي يتسبب في صدام كبير ولا ينتهي قبل انتهاء المدة القانونية للمجلس والتي تستمر أربع سنوات».

 

وأكد أن «الأفكار والبرامج الانتخابية التي يتقدم بها المرشحون تحتاج الى خمس سنوات حتى يتم تنفيذها، كما تحتاج الى مجلس إدارة متجانس وأعضاء متفاهمين يكون هدفهم الأول هو المصلحة العامة وليست الصراعات الشخصية».

 

وانتقد سعيد عبدالله شرط الترشح لانتخابات الاتحادات الرياضية المحدد من قبل الهيئة العامة للشباب والرياضة، وقال إن «الاكتفاء بشرط وجود الجنسية او جواز السفر الإماراتي لا يكفي لاختيار الرجل المناسب في المكان المناسب، ولابد من وجود الخبرات والكفاءات والسيرة الذاتية المتميزة، حتى تفرز مجالس إدارات قوية ومتفهمة طبيعة عملها وتكون لديها المقدرة على تحقيق انجازات».

 

وأكد ان الانتخابات التي أقيمت منذ شهر ممكن ان تكون ناجحة وتفرز مجالس إدارات ناجحة بشرط وجود التفاهم والتجانس ووضع المصلحة العامة فوق كل مصلحة شخصية. واقع مؤلم وقال عضو اتحاد كرة السلة ورئيس اللجنة الفنية ضرار بلهول إن المشكلة الكبرى التي تواجه مجالس الإدارات هي ان بعض المنتخبين يتعاملون مع الأمور بنظرة شخصية، حيث يكون لديهم حسابات خاصة مع بعض الأندية وضد أندية أخرى.

 

وأوضح «للأسف البعض يسير على قاعدة (من ليس معي فهو ضدي)، حيث يقوم البعض بمحاربة كل من لم يقف معه أثناء الانتخابات، وفي الوقت نفسه يسعى الى خدمة كل من وقف معه ويسند إليه بعض المواقع المهمة ويقربه منه، وأعتقد أن هذا الأمر سوف يضر بالرياضة بشكل عام».

 

وأضاف بأن «أي مرشح للانتخابات عليه أن ينسى الخلافات التي كانت موجودة قبل إجرائها، ويضع المصلحة العامة نصب عينيه، ولا يتردد عن كشف الأخطاء في حالة وجودها لأن كشفها أمام الرأي العام والبحث عن حلول لها سوف يسهم في عدم تكرارها».

 

وأشـار الى أن بعض المنتخبين في الانتخابات الأخــيرة ولاؤهــم الأول للأندية التي رشحتهم، والتــي وقفت معهم وليس الولاء للاتحاد او للعبة التي سيقودونها في الأربع سنــوات المقبلة، وقال «هذا الشيء خاطئ وله أثــار خطيرة على الرياضة الإماراتية، لأن المرشح الذي يكون ولاؤه الأول للأندية التي وقفت بجواره لن يكون مشغولاً بالمصلحة العامة، وسيكرس كل وقته لتحقيق مصــالح الأندية، وفي الوقت نفسه محاربة الأندية الأخرى التي لم تقف بجواره، وهو ما سيكون له آثار سلبية على مصلحة الرياضة الإماراتية».

 

 وأكد ضرار بلهول أن «الانتخابات لا تفرز في الغالب العضو الأفضل والقادر على تحقيق أهدافه وبرنامجه الانتخابي، لأنها تخضع لمنطق خاص تتحكم فيه المصالح الشخصية والتربيطات التي تعقد في الخفاء وبعيداً عن الأضواء». وطالب كل من حالفه الحظ في الانتخابات ونجح فيها بتجاهل الخلافات القديمة ووضع المصلحة العامة نصب عينية، لأن الرياضة الإماراتية في حاجة الى تضافر الجهود كافة خلال السنوات المقبلة. 

 

مناخ غير صحي
واتفق عضو مجلس إدارة اتحاد كرة اليد أحمد خليفة حماد مع وجهة نظر سابقيه، وقال إنه «في ظل الوضع الحالي للاتحادات الرياضية لا يتوقع مستقبلا جيدا لعمل هذه الاتحادات وللرياضة بشكل عام».  وأوضح «اتضح أن بعض الذين رشحوا أنفسهم لانتخابات الاتحادات الرياضية كان هدفهم الأول هو تحقيق مصالح شخصية، وتصفية حسابات قديمة مع بعض الأشخاص الذين لم يقفوا معهم او الذين كانوا على خلاف معهم، وهذا المناخ غير الصحي لا يخدم مصلحة الرياضة الإماراتية، وسيكون له أضرار كبيرة».

 

واعتبر غياب التجانس والتفاهم بين أعضاء المجلس الواحد ظاهرة غير صحية، وقال إن «الشروط التي وضعتها الأمانة العامة للشباب والرياضة غير كافية في انتخاب العضو المناسب، والذي يحمل أفكارا غير تقليدية قادرة على تصحيح مسيرة الرياضة».


وطالب بتعديل الكثير من اللوائح الخاصة بتنظيم هذه الانتخابات، وقال «لابد ان يكون المنصب الوحيد المحدد للتنافس عليه هو منصب الرئيس، بينما بقية المناصب غير محددة في اللوائح الأمر الذي يؤدي الى وجود الكثير من المشكلات، حيث تكون هناك صراعات بين بعض المرشحين لشغل المناصب المهمة، ومن بينها منصب نائب رئيس الاتحاد ورئاسة اللجان المختلفة خصوصاً المهمة منها».

تويتر