كارلوس لوتوف.. رسام المستضعفين

التزم كارلوس لوتوف القضية الفلسطينية ودافع عنها في المحافل الدولية.   

تعرَّض فنان الكاريكاتير البرازيلي، كارلوس لوتوف أخيراً لحملة تحريض دولية قادتها مؤسسات وشخصيات صهيونية على مستوى العالم، الأمر الذي جعله عرضة للمنع من الكثير من المنابر الإعلامية، التي توقفت عن نشر رسوماته التي عرفت بالتزامها بالقضايا الإنسانية العادلة، خصوصاً القضية الفلسطينية والمقاومة في العراق.

 

ويرى لوتوف أن الحرب ضد العراق ليست إلا «نزاعاً على النفط الذي استفادت منه إسرائيل في صنع أطنان القذائف التي استهدفت اللبنانيين في عدوان تموز 2006»، وعرف عن لوتوف مناهضته لجميع اشكال الهيمنة الاميركية والصهيونية، وقد خاض في ذلك معارك على مدى السنوات الماضية، معتمدا على سلاحه الوحيد «فن الكاريكاتير» الذي قدم من خلاله شهادات حية وموثقة على الجرائم التي ارتكبت ولاتزال بحق الشعب الفلسطيني واللبناني والعراقي، وعندما حوصرت رسوماته في الصحف الكبرى التي كان يراسلها، راح ينشرها مجاناً في صحف عربية وعالمية ومواقع إلكترونية، ويرسل عبارات دائمة تدعو كل من يشاهد رسومه إلى نشرها وتوزيعها، على أمل أن يصحو العالم من غفلته وينقذ الشعوب التي تتعرض للقهر والعدوان كل يوم.

 

لوتوف وحنظلة
ولد لوتوف في ريو دي جانيرو في البرازيل عام 1968، وظهرت موهبته في الرسم منذ نعومة أظفاره، وكانت لرسوماته خصوصية  لفتت انتباه والدته، حيث كانت جميع شخصياته رؤوسها كبيرة، فآثرت والدته ان تزود ابنها الصغير بكل ما يتعلق برسم الكاريكاتير، ومن بينها رسومات الشهيد ناجي العلي، ومنذ ذلك الوقت أصبحت علاقة لوتوف بالقضية الفلسطينية حاضرة في ذهنه. وعن هذا قال في أحد لقاءاته الصحافية «رسومات ناجي العلي حفرت في مخيلتي، وحنظلة اصبح صديقي الذي لا استطيع التخلي عنه، وعلى الرغم من صغر سني، إلا أنني شعرت بقوة كبيرة تجذبني لاعرف أكثر عن حنظلة وعن ناجي العلي، عائلتي لم تكن ملمة سياسياً والأوضاع الخارجية ورسومات ناجي العلي كانت موجودة مع أسماء أخرى بالمصادفة ومن دون قصد من والدتي».

 
 
 
زيارة فلسطين
بعد «غياب جسدي عن فلسطين»، حسب تعبير لوتوف، قرر زيارتها في عام 1999 بدعوة من منظمة المركز الفلسطيني للسلام والديمقراطية، ومواقف لوتوف ودعمه للقضية الفلسطينية خولته أن يصير عضو شرف في المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وخلال زيارته لفلسطين تجول في الكثير من المدن، وشاهد بأم عينيه المعاناة والموت اليومي، وعايش تجربة طفلة شوهت بمولتوف المستوطنين، وكانت هذه الزيارة نقطة تحول في حياة لوتوف الذي صارت القضية الفلسطينية محور اهتمامه ودعمه وأعماله الفنية، حيث قال «اخترت ان أسخر ريشتي لنصرة القضـايا العادلــة، لا سيــما في منطقة الشرق الاوسط، خصوصاً القضــية الفلسطينية»، ورسم لوتوف عــملا كاريكتورياً أثار ضجة عالمية، حيث جــسد الرئيس الاميركي جورج بوش بملامح هــتلر وشبه الإسرائيليين بجيش هتلر النازي. 
 
 


عدد من الرسوم التي تكشف الجرائم الإسرائيلية بحق الفلسطينيين. 

حضور إعلامي
بدأ لوتوف نشر رسوماته الكاريكاتورية على المواقع الالكترونية فور عودته من الاراضي المحتلة، تخلله بيان ارسله إلى العديد من وسائل الاعلام قال فيه «أناشد جميع من يطلعون على هذه الرسومات في اي مكان نشرها كوسيلة لفضح جرائم اسرائيل بحق الشعب الفلسطيني، استخدموها على القمصان والملصقات او اللافتات، وأعيدوا انتاجها في شكل اوراق واجعلوها ظاهرة في كل مكان، وأشكركم باسم كل فلسطيني يعاني من الاحتلال». اهتمام وولاء هذا الرسام للقضية الفلسطينية وحراكه العالمي لدعمها ونصرتها لفت انظار وسائل الاعلام العالمية والعربية إليه، وظهرت رسوماته في عدد من الصحف العربية، كما تمت استضافته من قبل عدد من رؤساء صحف عربية، من بينهم رئيس تحرير جريدة الاخبار اللبنانية الراحل جوزيف سماحة الذي اهتم بنشر رسوماته على الفور، خصوصاً التي كانت تتعلق بالحرب الاسرائيلية على لبنان الاولى والثانية، ناهيك عن الصحف الاجنبية مثل التايمز والاندبندنت ومواقع الكترونية، ومن اهمها الموقع الرسمي للمفكر نورمان فنكلستين. وعبر لوتوف عن أمله أن تسهم أعماله الفنية في إيصال صوت المقموعين والمهمشين إلى العالم أجمع.

 

سلاسل وكتب

نشر لوتوف العديد من الكتب التي جمع فيها رسموماته عن العراق وفلسطين، ومن ابرز هذه الكتب «كلنا فلسطينيون» التي جمع فيها اكبر كمية من رسوماته التي يجسد فيها اشكال التمييز العنصري التي شهدها التاريخ، بدءا من معاناة السود والتمييز العنصري، مرورا بالتعصب والعنصرية التي يعاني منها شعب التبت، وصولا الى الصورة الشهيرة للطفلة الفلسطينية إيمان ذات الأشهر القليلة والتي استشهدت إثر رصاصة اخترقت دماغها وهي نائمة في منزلها. 

 

اما الكتاب الثاني والذي حمل عنوان «حكايات الحرب الاميركية على العراق» فتناول فيه معاناة الشعب العراقي من جراء  الاحتلال الاميركي، ناهيك عن تمجيده للمقاومة العراقية التي جسدها بجناح ملاك، وغالبا ما يصور لوتوف بوش وبلير وشارون وأولمرت بوجوه نازية، سواء علامة النازية التي تكون على رؤوسهم او استبدال وجوههم بوجه هتلر.

 
رد صهيوني
في عام 2002 رفع القائم على المنظمة اليهودية «اكتيون» ومقرها في سويسرا دعوى على مركز وسائل الاعلام المستقلة المعروفة باسم «اندي ميديا» متهما اياهم بمعاداة السامية، بسبب نشرهم لرسومات لوتوف، وتبنيهم لسلسلته «كلنا فلسطينيون»، ولكن المحكمة العليا علقت القضية، معتبرة ان ما يجري حرية شخصية.

 
وتكررت الدعاوى على لوتوف بعد ان شارك في المسابقة الايرانية العالمية لرسومات الهولوكست التي جاءت ردا على الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول عليه الصلاة والسلام، حيث حصل لوتوف على المرتبة الثانية برسوماته التي قارن فيها بين الجدار العازل الصهيوني في الضفة الغربية وبين الحاجز العنصري في معسكرات الاعتقال النازية.

 

ليلى خالد ولوتوف


   
قالت عضو المكتب السياسي لحزب الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وأول امرأة اختطفت طائرة لايصال معاناة الفلسطينيين للعالم، ليلى خالد في اتصال هاتفي مع «الإمارات اليوم» «التقيت لوتوف في المنتدى الاجتماعي الدولي الذي اقيم في البرازيل عام 2004، والذي يشارك فيه  عشرات الآلاف من الناشطين والمناضلين من مختلف القارات والبلدان الذين تنتمي غالبيتهم إلى شبكة الحركات الاجتماعية، وفوجئت بقدرة هذا الرجل على بث حماسه على الجميع من خلال مصداقيته العالية وحسه المرهف تجاه القضايا الانسانية»، وأضافت «لم اشعر إلا أنه فلسطيني، فهو يتحدث بلسان المقهور والمظلوم ويدافع عن فلسطين والعراق بحس مرهف وصادق»، وأضافت «سلاحه فتاك، لأننا في حرب إعلامية، ورسوماته استطاعت ان تنتشر بسرعة عالية في أهم الصحف العالمية». 

 
 



لوحات تتميز بالمباشرة والعمق. 
   
 
تويتر