إنفاق 11 مليـار درهم سنويـاً على حفلات الزفاف

مطالب بتغيير شكل العرس الجماعي حتى يتناسب مع شكل الحفلات الخاصة.أرشيفية

تصدرت الإمارات البلدان الأكثر إنفاقاً على الأعراس في الشرق الأوسط، إذ يتراوح حجم الإنفاق على حفلات الزفاف فيها ما بين 7.5 و11 مليار درهم سنوياً، وفقاً لدراسة أجرتها جمعية بيت الخير في دبي أخيراً.

 

وبلغ عدد معاملات زواج المواطنين والمواطنات من الجنسية نفسها ومن جنسيات أخرى، خلال العام الماضي، 1698 معاملة.

 

وحذر إخصائيون اجتماعيون من المبالغة في طلب المهور، بسبب ما ينتج عن ذلك من ظواهر اجتماعية سلبية مثل العنوسة، والزواج من أجنبيات، مطالبين برفع قيمة منحة صندوق الزواج، وزيادة عدد الأعراس الجماعية، إلى جانب توظيف وسائل الإعلام المختلفة ودور العبادة لتقديم رؤية واضحة عن الأعراس الجماعية والآثار السلبية المترتبة على مظاهر البذخ في الأعراس.

 
وتفصيلاً، قال مدير إدارة القضايا الشرعية في محاكم دبي محمد عبدالرحمن إن عدد معاملات زواج المواطنين من المواطنات عام 2007 بلغ 1208 معاملات، مقارنة بـ 1168 معاملة عام .2006 فيما بلغ عدد معاملات زواج المواطنين من غير المواطنات، التي سجلت العام الماضي، 363 معاملة، والمعاملات التي سجلت خلال العام الذي سبقه 318 معاملة. أما عدد معاملات زواج غير المواطنين من مواطنات فبلغ 127 معاملة، و99 معاملة لعام 2006.

 

وعزا أستاذ علم الاجتماع في جامعة الإمارات الدكتور محمد أبو العينين لجوء مواطنين الى الزواج من غير المواطنات الى ارتفاع تكاليف الزواج من المواطنة، مشيراً الى ظاهرة غلاء المهور التي يشهدها المجتمع الإماراتي.

 

ووفقاً لمدير جمعية بيت الخير في دبي محمد بكار بن حيدر، فالإمارات هي الدولة الأكثر إنفاقاً على الأعراس في الشرق الأوسط، إذ يقدر حجم إنفاقها على الأعراس بما بين مليارين وثلاثة مليارات دولار، أي (7.5 إلى 11 مليار درهم) سنوياً، فيما يتراوح معدل تكلفة العرس الواحد لدى الأسرة متوسطة الحال في الإمارات بين 100و300 ألف درهم.  


وحذر بن حيدر من المغالاة في تكاليف الزواج، بسبب ما ينتج عن ذلك من مشكلات وظواهر اجتماعية واقتصادية معقدة، مثل الزواج من أجنبيات والقروض. ودعا الى العمل على تغيير اتجاهات الشباب، خصوصاً الفتيات في سن الزواج، حتى يتقبلن فكرة الأعراس الجماعية، مطالباً في الوقت نفسه بتغيير شكل الأعراس الجماعية بحيث تتواءم مع شكل الأعراس الخاصة.

 

واقترح، لتحقيق ذلك، إشراك المقبلين على الفكرة في إعداد ترتيبات العرس المختلفة (شكل القاعة، الكوشة، قائمة الطعام.. وغيرها) مع إعطاء خصوصية للعروس قدر الإمكان.

 

كما طالب بإنشاء قاعات أعراس حكومية في إمارات الدولة كافة يدعمها صندوق الزواج، إضافة إلى إحياء فكرة  «العينية» وهي أموال أو ذبائح يقدمها الناس إلى العريس أو أهل العروس قبل حفل الزواج بوقت كاف لتقديمها كمشاركة في تكاليف الزواج.

 

زواج المواطنين
وعزا رئيس قسم الاجتماع في جامعة الإمارات الدكتور محمد أبوالعنين اتجاه مواطنين إلى الزواج من أجنبيات إلى عوامل طاردة وأخرى جاذبة، وفق تعبيره، موضحاً أن  عوامل الطرد تتمثل في ارتفاع تكاليف الزواج من المواطنة، إضافة إلى ما يستشعره الشباب من إحساس بتنامي قوة المواطنة، خصوصاً أنها قطعت شوطاً كبيراً في التعليم والتوظف».

 

أما عوامل الجذب، يضيف أبوالعينين، فتتمثل في سهولة الزواج من أجنبيات، سواء من حيث الفرص المتاحة أو من حيث التكاليف، فضلاً عن علو كعب المواطن اجتماعياً واقتصادياً على الزوجة الوافدة، خصوصاً إذا كانت قادمة من ثقافة تتسم بتدني إمكاناتها المالية، لكنه حذر مما يترتب على زواج المواطن من غير المواطنة، بسبب معاناة الأطفال من العزلة الاجتماعية، سواء من أهل الزوج أو من المجتمع ككل.وقال إن هؤلاء الأطفال في الغالب يتلقون الصدمات واحدة تلو أخرى، فهم أولاً غير مقبولين من جانب أهل والدهم المواطن، ويواجهون صعوبة في الاندماج في مجتمع المدرسة، خصوصاً أن نسبة كبيرة منهم تتحدث العربية بلكنة معينة أو لا يتقنون لهجة الإمارات.

 

ابنة العم
ورأى المستشار في العلاقات الأسرية عيسى المسكري أن العادات والتقاليد المجتمعية تفرض في بعض الحالات على الشاب المواطن أن يتزوج من وسط عائلته، خصوصاً من ابنة العم، وقد يفشل هذا الزواج إذا وافق عليه الشاب مضطراً لإرضاء أهله، ومن ثم تترتب عليه نتائج سلبية عدة، من بينها الطلاق، وعدم التفكير في تكرار التجربة مع فتاة مواطنة أخرى، وتفضيل الزواج من وافدة يعتقد الشاب أنها يمكن أن تحقق له السعادة التي فقدها في زواجه الأول.

 

وتابع أن هناك شبابا يتزوجون من وافدات انطلاقاً من رغبتهم في التعدد والتنويع. لكن يحدث في بعض الحالات أن يكون هذا الزواج على حساب حقوق الزوجة الأولى المواطنة . وأفاد المسكري بأن حالات كثيرة من زواجات المواطن من وافدة فشلت نتيجة عدم قيامها على أسس سليمة، وإنما لأهداف محددة، مثل تحقيق مصلحة مادية أو قضاء شهوة أو غيرها. و رأى أن الانفتاح الاجتماعي وانخراط الفتاة المواطنة في الحياة العملية، أسهما في انتشار زواج مواطنات من غير المواطنين «إذ تقع كثيرات منهم تحت تأثير الحب والعاطفة وتتطور العلاقة الاجتماعية وصولا إلى إعلان الرغبة في الزواج».

 

فساد اجتماعي
وربط علماء دين بين كثير من مظاهر الفساد الاجتماعي وغلاء المهور، موضحين أن «معظم الشبان الذين لا يستطيعون توفير المهر، يغرقون أنفسهم في دوامة القروض. وقد يلجأ بعضهم للرشوة أو لغيرها من السبل غير القانونية».

 

كما حذروا من أن «الشاب الذي لا يستطيع تحمل نفقات الزواج، يكون عرضة للانحلال أخلاقياً». وقال كبير المفتين في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي الدكتور أحمد الحداد إن المغالاة في المهور ظاهرة تستحق التوقف أمامها، إذ «يعزف شبان كثيرون عن الزواج نتيجة لذلك، وهو امر يشكل خطراً على المجتمع».

 

وتابع أن «بعض الشباب يضطرون للجوء للاقتراض لسداد المهر، وتكاليف الزواج. وهو أمر له مساوئ عدة، إذ إن نسبة كبيرة من هذه القروض ربوية، وتصيب من يلجأ لها بالهم والغم حتى يتم سدادها، وقد ينتهي الأمر بالزوج الى السجن».

 

وبدوره طالب استاذ الشريعة في جامعة الشارقة الدكتور عبدالحق حميش بـ«سن قوانين تمنع غلاء المهور، كونها تعصف بالأسرة وهي أهم خلية في المجتمع» معتبراً أن «الأصل في الدين الإسلامي تخفيف المهر ما أمكن».

 

إلى ذلك قال المستشار الأسري لمركز الأسرة السعيدة خليفة المحرزي إن «ظاهرة عضل الولي تمثل مشكلة إنسانية واجتماعية يعاني منها كثير من الفتيات» مضيفاً أن «رحى الرواسب الاجتماعية لاتزال تدور على كثير من الفتيات الراغبات بالزواج» موضحاً أن «بعض السلوكات التي تصدر من بعض آبائهن من دون مراعاة لأي جوانب يمكن أن تؤثر سلباً في نفسياتهن، باعتبارها مخالفة صريحة وجلية لفطرة المرأة وأنوثتها في الارتباط بزوج يكون شريكاً لها».

 

ولفت المحرزي الى أن «أشد صور العضل هو الحجر على الفتاة وعدم تزويجها إلا بطلب مهر عالٍ جداً، أو عدم تزويجها إلا لابن عمها، وكأنها سلعة».  

 
المواطنون تزوّجوا من 34 جنسية
كشفت دراسة أعدها قسم التوجيه الأسري في محاكم دبي، حول زواج المواطنين والمواطنات من غير المواطنين في الدولة، خلال السنوات الخمس الماضية؛ عن أن «نسبة زواج الإماراتيين من أجنبيات من إجمالي نسب الزواج بلغت 22%، فيما لم يتعد معدل زواج الإماراتيات من أجانب 8%.  ووصل إجمالي الجنسيات التي اقترن بها الذكور 34 جنسية من مختلف الثقافات واللغات، و12 جنسية للإناث من ثقافات ولغات متقاربة مع المجتمع الإماراتي». وأوضحت أن معدل الطلاق في زواجات المواطنين من أجنبيات بلغ 30% من إجمالي حالات الزواج على مدار السنوات الخمس الماضية، فيما لم تتعد النسبة 11% للمواطنات المتزوجات من أجانب».

 

وأفاد رئيس قسم التوجيه الأسري والمشرف على الدراسة عبدالسلام درويش أن «مشكلة زواج أبناء الدولة من غير مواطنيها بدأت في الظهور بداية الثمانينات مع الانفتاح الكبير للدولة على المجتمع الخارجي، إلا أن النسبة العظمى منها كانت للذين يتزوجون من أجنبيات هرباً من تكاليف الزواج الباهظة التي يتطلبها الاقتران بمواطنة، حتى تم إنشاء صندوق الزواج في منتصف التسعينات للحد من هذه الظاهرة، إلا أنها عادت مرة أخرى في صورة الزوجة الثانية إذ يحصل المواطن على منحة صندوق الزواج مع اقترانه بمواطنة كزوجة أولى، ثم يعود ويتزوج أجنبية.

 

وفي المقابل، لم تسجل سوى حالات معدودة لزواج المواطنات من أجانب، عربا من جنسيات أخرى. وفي الغالب تتم أثناء دراستهن خارج الدولة أو زواج الأقارب من البلدان القريبة مثل إيران والهند واليمن أو دول الخليج، أو ممن لا يحملون أوراقاً ثبوتية.

 
وقال درويش أن القانون انتبه إلى جزئية زواج المواطنات وحدد من خلال قرار رئيس الدولة بضبط زواج المواطنة من أجنبي بضرورة أخذ الموافقة من الجهات الحكومية المسؤولة والتعهد بعدم مطالبة الزواج بجواز الدولة وإمكان سحب جواز سفر المواطنة، لأن نسبة كبيرة من هذه الزيجات مبنية على مصالح مالية. لكن لم يواجه القانون زواج المواطن من أجنبية، الذي يمثل النسب العظمى من هذا الزواج، وترك له المجال لاختيار الزوجة التي يريدها بغض النظر عن سلوكها وثقافتها وعمرها ودينها، ما يتسبب في مشكلات عدة، خصوصاً في حالة الطلاق لأن القانون يعطي حق حضانة الأبناء للزوجة، وفي حال كون الزوجة من مواطني الدولة يمكن الاطمئنان إلى أن الأبناء ستتم تربيتهم على عادات وتقاليد المجتمع.

 

أما بالنسبة للمواطن المتزوج من الأجنبية ويحمل أبناؤه جنسيته فيتم تسليمهم لها، ويربون بعيداً عن عاداتنا وتقاليدنا، ما يوجِد فجوة كبيرة بينهم وبين المجتمع الإماراتي».  
دبي ــ أحمد الأنصاري
 

الأكثر مشاركة