محمد يوسف
عندما تكون هناك ضرورة نقف باحترام أمام التعليمات والأوامر ، وكما قيل «الضرورات تبيح المحظورات»، خصوصاً إذا ارتبط الأمر بالأمن والسلامة، لا مكان للحرية الشخصية والأعراف والعادات والتقاليد وحتى لمعتقدات البعض. وقبل عامين تقريباً صدرت الأوامر للعاملات في بعض الجهات الحساسة بعدم ارتداء النقاب إظهاراً للهوية ، وكان الالتزام الجماعي بتلك الأوامر ، حيث إن الجميع يعرفون أن دخول تللك الأماكن محكوم باعتبارات وقواعد لا يجوز الاستهانة بها أو مخالفتها ، وكذلك لأنهم يعلمون كيف يمكن أن يكون التلاعب من تحت النقاب ، ومع ذلك رفضت قلة قليلة «خلع النقاب» واختارت العمل في أماكن أخرى بهدوء ، وأذكر يومها أنني دخلت في نقاش طويل مع بعض العاملات في إحدى تلك الجهات ، وكان موقفي واضحاً ولا لبس فيه، وهو أن النقاب في الأصل لا يمت إلى الدين بصلة، وليس من الموروث الشعبي ، فلا هو عرف من الأعراف ، ولا كان في يوم من الأيام عادة وتقليداً وطنياً ، وقد وفد مع بعض سكان الأقاليم والبلدان الأخرى ، وتبنّته بعض الجماعات التي تصرّ على تمييز نفسها ، ومع ذلك لم يمنعه أحد ، ولم تمنع المرأة التي اختارته من ارتدائه احتراماً لاختيارها وما اقتنعت به في تحركاتها ، سواء في السيارة أو في السوق أو في الأماكن المباح الدخول إليها للعامة. وذكّرت إحداهن عن أيام الدراسة في الجامعة ، فضحكت ، تدرون لماذا ؟ لأنها كانت قد حدثتني من قبل عن طالبة ارتدت النقاب طوال فصل دراسي كامل لأنها تدرس مادة صعبة رسبت فيها بالفصل السابق ، فاتفقت مع طالبة أخرى على أن تحلّ مكانها في الامتحان، لأنها «شاطرة» في المادة ، وهذا ما حدث ، وقلت لأخرى دعينا نقيس الضرر من كشف وجهك لموظفات الاستقبال وبين زميلاتك في المكتب ، وبين ما يمكن أن يجلبه على البلد والمجتمع تسرب شخص منقب لا تعرف جنسه أو هويته أو مراده إذا دخل مؤسسة بأهمية المؤسسة التي تعملين فيها ، ولم تجبني ، لأنها ما زالت تعمل هناك ، ونقابها يوضع داخل السيارة ، فمن هناك تبدأ حريتها الشخصية، فهل ينطبق على اللحية وغيرها ما انطبق على النقاب؟
|
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news