المسلسلات التركية.. رومانســـيــة في «دراما حلزونية»
|
|
متابعة كبيرة من العائلات العربية. رويترز
ليست المرة الأولى التي تنشغل فيها البيوت العربية بمسلسل مدبلج، فجميعنا عايش ظاهرة المسلسلات المكسيكية التي شغلت الناس لسنوات قبل ان يملها الجمهور وتتوقف الفضائيات عن بثها والترويج لها، واليوم تطل علينا حالة هوس جديدة من تركيا هذه المرة، حيث صارت هذه المسلسلات حديث الناس وشغلهم الشاغل، مهند ونور في «نور»، ولميس ويحيى في «سنوات الضياع» وكلاهما يعرضان على قنوات شبكة «ام بي سي»، هذان المسلسلان باتا يستقطبان جمهوراً كبيراً، وتحول ابطاله الى أيقونات، جميع النساء يردن من شركائهن ان يصيروا «مهند»، والرجال يرون في «نور» المرأة المثالية، وقس على ذلك «رجولة» يحيى، و«لطافة» لميس، ولم يتوقف الامر عند حد المتابعة والانشغال بعمل درامي وهو أمر مشروع بل تطورت الامور لتصير هذه الاعمال سبباً مباشراً في مشكلات أسرية عدة تناقلت أخبارها الصحف ووكالات الانباء.
ولكن بالصورة العامة اشتركت آراء كثيرة في التأكيد أن الناس وجدت في هذه الاعمال عالماً رومانسياً في زمن عربي يتسم بالقسوة والضيق والحروب، أو كما يراها البعض، دراما حلزونية لا نهاية لها.
فقاعة صابون
هدوء عربي
واعتبرت الفنانة الاردنية عبير عيسى «ان لجوء المشاهد العربي الى تلك الاعمال التي تقدم جرأة زائدة في المشاهد الرومانسية مقارنة بالعربية، هو هرب من شلالات الدماء التي تسفك في مناطق عدة من وطننا العربي».
أما الفنان مروان عبدالله فكان له رأي مخالف حيث أعرب عن اعجابه بالعمل «استغرب من الفنانين والنقاد الذين هاجموا المسلسل الذي استطاع ان يدخل حياتنا وان يجعلنا جزءاً منه» وأضاف ان المتلقي العربي «ملّ من التكرار في المسلسلات المصرية والسورية، والعويل والصراخ والمآسي في المسلسلات الخليجية»، داعياً المنتجين العرب الى انتاج أعمال طويلة تدوم لفترة زمنية طويلة بحيث تصير جزءاً من حياتنا اليومية وليس لمدة شهر على أكثر تقدير».
وأشار حايك الى ان مجموعة من العوامل التقنية والفنية عززت من نجاح الأعمال التركية منها «أداء الممثلين البسيط والمُلهم والقريب من الواقع، والقيم الجمالية في الصورة ومواقع التصوير، بالاضافة الى أن الدبلجة اعتمدت على اللغة المَحكية الشامية ومطابقتها لحركة الشفاه» وأوقات العرض المناسبة لجميع الشرائح»، وأوضح حايك «أنه قام بأداء الدبلجة ممثلون سوريون محترفون من أصحاب الخبرات».
وقالت علياء العمري «ان المشاهد العربي البسيط المجرد من الحس النقدي يجد نفسه مسمّراً كل يوم ومكرساً ما بقي من وعيه لمتابعة حكايا عاطفية مبتذلة ومناظر ساحرة، ولا يعنيه ابداً إلا ذاك القدر من الاستمتاع، لقد مللنا التكرار في القصص العربية، واصبحنا نريد خيالاً نعيش فيه ولو لساعة من عمرنا في كل يوم».
ويقول عزت المحمدي ان «دبلجة العمل باللهجة السورية التي صارت محبوبة جداً، ساعد في رفع نسبة المشاهدة ولا انكر اني اتابعه بكل حرص ولا تفوتني اي لقطة رومانسية بين يحيى ولميس أو مهند ونور»، وبدورها أشارت نانسي صفوت التي تملأ صور مهند غرفتها «لا أستطيع إضاعة حلقة واحدة من المسلسل ارى في هذا العمل ملاذاً للرومانسية المفقودة في غالبية الاعمال العربية التي تكرر نفسها»، وقال خالد المعز «الشبه الكبير بين العرب والأتراك من حيث الشكل والعادات والتقاليد، سبب أساسي لانجذاب الجميع إليها»، واعتبرت تهاني البشير أن «جمال مهند في مسلسل «نور»، ونعومة وجاذبية لميس في مسلسل «سنوات الضياع» وراء النجاح الكبير لهما»، مشيرة الى أن «المواطن العربي شغوف بالجمال والرومانسية في ظل الحروب والفساد الذي نعيشه، ان الاعمال الدرامية العربية لا تقدم إلا فتحاً للجروح، وتتناول حقباً كان فيها المواطن العربي شيئاً مهماً وفعالاً، ما يسبب حالة من الاحباط والهرب الى الاعمال التركية المبنية على الحب والخيال».
وأكدت ميثة البهراني «لم أر في حياتي اجمل من مهند في مسلسل نور، وانا متأكدة أنه السبب وراء شعبية المسلسل رغم سخافته»، وترى هند محمد أن سبب متابعتها للعمل يعود لأنه اجتماعي ورومانسي وفيه قصة حب تتطلع كل فتاة أو سيدة عربية أن تعيشها»، أما هويدة الماروق فقد لفت انتباهها شخصية نور القوية على الرغم من انها آتية من ضيعة صغيرة وقالت «لا استطيع تجنب جمال مهند وطريقة معاملته لزوجته التي تتمنى كل امرأة عربية ان تحظى بها.. وقال ياسر الجابري «شخصية مهند خيالية وجماله فوق الحد على الرغم من أن جمال زوجته عادي ومع ذلك فهو يعاملها وكأنها اجمل امرأة في الكون» معتبراً أن شخصيتي يحيى ولميس في مسلسل «سنوات الضياع» أقرب الى الواقع من شخصيات مسلسل نور.
علم الاجتماع
عزا أستاذ علم الاجتماع د.عبدالله الأنصاري في جامعة الإمارات حالة الاندهاش والاعجاب الشديد من المواطن العربي بمسلسلي نور وسنوات الضياع الى أن «الانسان بشكل عام يعمل دائماً على سد حاجته، فالعطشان لا يشرب الماء الا اذا كان ريقه ناشفاً» وأضاف«المسلسلات العربية وللأسف لم تقدم الرومانسية التي يقدمها حالياً المسلسل التركي وخصوصاً «نور»، ناهيك عن جمال الشخصية الرئيسة فيه «مهند» الذي شكل عامل جذب لعين المشاهد»، وقال الانصاري في ضوء ما سمعته فإن مسلسل «نور» ساهم بايجابية بتحسين العلاقات الزوجية، اما حالات الطلاق التي وقعت فهي معدودة» متسائلاً مرة «هل وصل الحال في المواطن العربي الى انتظار قصص من الخارج ليعدل مسار حياته العائلية؟» مؤكداً «الوطن العربي متعطش للحب والرومانسية، بغض النظر عن الخيانات التي تظهر في المسلسل أو أي شيء قبيح فالمبرر جاهز بالنسبة لهم كي يحافظوا ذهنياً على الحالة الرومانسية للثنائي» لهذا المسلسل الذي جذب الكثير من الناس نجد في الحقيقة أن الزواج قام على أساس هش والعلاقات الزوجية فيها الكثير من المشكلات مثل العناد ومصاعب الحياة الزوجية والضغوط فكل هذه الأشياء تجعل الزواج في حالة عدم استقرار». وتابع «وعندما تشاهد الزوجات هذه الدراما يتأثرن بها كثيراً». |