«هــوس أوبامـا» يجتـاح أميركــا وأوروبا
لجان سياسية في أوروبا تدافع عن أوباما.. وأنواع من البيتزا تحمل اسمه. أرشيفية
لم يُثر مرشح أميركي للرئاسة هذا القدر من الجدل خلال العشرين عاما الماضية بالقدر الذي أثاره المرشح الديمقراطي، السيناتور باراك أوباما. الأميركيون منقسمون بين معسكر مؤيد للمرشح الديمقراطي، يرى فيه بارقة أمل في غد أفضل وقدرة على تغيير الصورة القبيحة التي خلفتها إدارة الرئيس جورج بوش على مدار ثماني سنوات لصالح أميركا والعالم، ومعسكر مضاد يناهض فكرة التغيير التي ينادي بها أوباما، ويفضل انتخاب رئيس جمهوري يواصل إلى حدما ما بدأه بوش، مع بعض التغييرات في الأساليب وليس في المنهج.
لكن المشهد ليس دائما أبيض أو أسود، خصوصا في اللعبة السياسية. فإلى جانب الفريق الأول هناك مجموعة بلغ الحماس بأعضائها حد الهوس بأفكار أوباما لتخلق منهم ما يسمى بظاهرة «أوبامانيا» التي تتعدى حدود الولايات المتحدة لتغزو العالم، وهناك فريق آخر جمهوري مؤيد لأوباما يرى أن برنامج المرشح الشاب هو الأصلح لأميركا من برنامج منافسه جون ماكين.
اللافت هو أن هؤلاء الجمهوريين المنشقين- إن جاز التعبير- ليسوا أعضاء عاديين في الحزب الجمهوري، بل ينتمون لتيار المحافظين الجدد الذي شكل سياسات الإدارة الأميركية الحالية التي يختلف أوباما معها. فمن هم أولئك الذين انضووا تحت هوس الـ«أوبامانيا» ومن هم «أوباماكونز» المشتق من تعبير نيوكونز الذي يتسمى به المحافظون الجدد؟
أوباميات
بات تعبير «أوبامانيا» شائعا في الصحف الانجليزية، على غرار «استعدوا للموجة الثانية من أوبامانيا» أو «أوبامانيا تضرب بروكلين». لم يلتفت المعجبون بأوباما إلى أن اسمه على وزن أسامة- الاسم الأول للمطلوب رقم «1» في العالم- زعيم تنظيم القاعدة «أسامة بن لادن»، كما ذكر تقرير نشر على موقع هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، لكن خصوم المرشح الديمقراطي تنبهوا فأطلقوا التعبير الساخر أوباما بن لادن.
لكن كيف يعرف الأميركيون هذا المصطلح الجديد الذي أضيف إلى قاموس اللغة؟ هو الهوس الوطني بأوباما، هكذا قال مواطن أميركي على موقع «اربان ديكشنري»، مضيفا «ذق نكهة التغيير ذق أوبامانيا»، بينما قال آخر إن من يطلق عليهم «أوبامانيانون» لديهم إيمان أعمى بالمرشح الشاب، ويرون الولايات المتحدة في أغلب الأحوال مكانا غارقا في المشكلات، بينما بقية دول العالم أفضل منه.
وتابع الأميركيون وبشغف صولات وجولات المرشحين المنخرطين في معركة انتخابية حامية للفوز بأصوات الناخبين، في وقت يتزايد فيه الجدل حول وضع الاقتصاد الأميركي والسياسة الخارجية. ولما كان المواطن الأميركي كغيره في أي بلد آخر يهمه في المقام الأول أن يعيش حياة كريمة فإن الاقتصاد يصبح له الأولوية، خصوصاً بعد الأزمات الاقتصادية المتلاحقة من أزمة ائتمان ورهن عقاري وإفلاس وبطالة ومؤشرات قوية على حدوث ركود اقتصادي هذا العام. وفي هذا الصدد ظهر تعبير «أوبامانوميكس» أي سياسات أوباما الاقتصادية.
مواطن عالمي
وحتى في بوندى بيتش في سيدني في أستراليا ترسم مجموعات من المواطنين على رمال الشاطئ خريطة الولايات المتحدة الأميركية ثم يتبادر سؤال ملح إلى ذهنهم: هل يفعلها أوباما العنصر المفاجئ ورمز التغيير والالهام ليثبت أنه من الممكن أن تحيي أميركا التي تأسست على أفكار عصر التنوير في أوروبا مبادئها من جديد لتنهض من كبوتها؟ لكن الحماس الأوروبي الأقوى لأوباما لم يأت سوى من فرنسا، خصم الأمس وصديق اليوم، كما جاء في صحيفة «لو موند» الفرنسية «أوبامانيا تكتسح فرنسا»، فما حجم شعبية أوباما في بلد النور التي تنتمي لأوروبا القارة العجوز، كما قال عنها البيت الأبيض في عهد بوش؟ ورصدت الصحيفة الألمانية ظاهرة أوبامانيا في فرنسا، ونقلت عن إحدى أساتذة العلوم السياسية الأميركية الفرنسية قولها «طلابي الفرنسيون معجبون جدا بالظاهرة.
وهم يقولون كم انه عظيم أن يكون لديكم سياسيون من هذه النوعية، إنهم يشعرون بالغيرة». وجد الناشط الفرنسي صاموئيل سولفيت أن انتخابات الرئاسة الأميركية تهم كوكب الأرض كله وتهم فرنسا، وأن الوقت الحالي حرج للغاية ويمثل وقفة تاريخية، لهذا فهو متحمس لأوباما الذي سيجلب الأمل لانفتاحه على العالم. وعلى هذا الأساس أنشأ سولفيت «اللجنة الفرنسية لدعم أوباما» في يناير الماضي.
جمهوريون أوباميون
كثير من الجمهوريين وعلى رغم ضيقهم بسياسات جورج بوش لم يتحولوا للمعسكر الديمقراطي، والدليل كما يقول بارتلت في مقالته أن هؤلاء لم يحدثوا انقلابا على الإدارة الجمهورية عندما سنحت لهم الفرصة وأعادوا انتخاب بوش لولاية ثانية. فما هو السر وراء تأييد أوباما هذه المرة والتخلي عن ماكين؟ السبب يرجع إلى الاعتقاد بأن أوباما هو الأقدر على تمثيل أهداف الحركة المحافظة.
فوكوياما الذي يعد من منظري تيار المحافظين الجدد قال في حوار لصحيفة أسترالية أخيرا أنه سيصوت لأوباما لمحاسبة الحزب الجمهوري على الفشل الكبير لسياسته في العراق، نظرا لأن المرشح الشاب كما يراه فوكوياما يملك أفضل طرق لحماية السلطة الأميركية، فهو يرمز لقدرة الولايات المتحدة على تجديد نفسها بطريقة غير متوقعة. بيجى نونان كتبت أخيرا مقالا بصحيفة«وول ستريت جورنال» اليمينية قالت فيه إن ماكين يعبر عن أميركا القديمة، بينما يعبر أوباما عن أميركا الجديدة. وأضافت أن أميركا تنظر دائما للأمام وليس للوراء، أي أنها دائمة البحث عن الدماء الجديدة لتلقى بالمرهقين.
ولا تقتصر القائمة على هذه الوجوه المحافظة فقط بل تمتد لتشمل جولي نيكسون أيزنهاور ابنة الرئيس الأميركي السابق ريتشارد نيكسون والمتزوجة من حفيد الرئيس أيزنهاور. وقد تبرعت بنحو 2300 دولار لحملة أوباما كما نقلت صحيفة «التايمز» البريطانية اليمينية. ومن المتوقع أن تقوى شوكة هذه المجموعة الوسطى التي تنتمي للمعسكر الجمهوري لكنها تفضل المرشح الديمقراطي ومنها السناتور الجمهوري تشاك هاجل عن ولاية نبراسكا. فهل يمكن أن يوصل الأوباما كونز المرشح الشاب إلى البيت الأبيض ليقود المصالحة مع العالم؟ |
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news