الدول الفقيرة عاجزة عن تأمين احتياجات سكانها من الغذاء والدواء. أ.ف.ب
حذّر تقرير حديث لصندوق النقد الدولي من أن ارتفاع أسعار الغذاء والوقود سيؤدي إلى اختلال شديد في موازين المدفوعات في أكثر من 62 دولة من بينها 37 دولة منخفضة الدخل و25 دولة متوسطة الدخل.
وأوضح التقرير الذي حمل اسم أسعار الوقود والغذاء وأثرها في أوضاع الاقتصاد الكلي في الدول النامية «أن ارتفاع أسعار الوقود التي زادت بنسبة 70% منذ بداية العام أدت خلال الفترة بين يناير 2007 وابريل 2008 إلى محو نسبة 2.5% من إجمالي الناتج المحلي للدول محدودة ومتوسطة الدخل، بينما أدى ارتفاع أسعار الغذاء إلى محو نسبة 0.5% من إجمالي الناتج المحلي لهذه الدول خلال الفترة نفسها.
وذكر أن آثار ارتفاع أسعار الغذاء والوقود أصبحت محسوسة في مختلف جوانب الاقتصاد العالمي، بدءاً من تراجع معدلات النمو، ومروراً بزيادة معدلات التضخم وانتهاءً بتقلب موازين مدفوعات التجارة الخارجية لعدد كبير من الدول.
وقال التقرير إن الدول المستوردة للوقود والغذاء هي الدول الأكثر تضرراً من الصدمات المتلاحقة في أسعار السلع في البورصات، ما سيؤدي إلى انكشافات خطيرة في الأوضاع المالية لعدد كبير من حكومات دول العالم التي ستجد نفسها عاجزة عن تدبير الاحتياطات اللازمة من العملات الأجنبية التي تكفي لتمويل استيراد احتياجات شعوبها من الغذاء والوقود لفترة ثلاثة أشهر على الأقل، وقد تجد بعض الحكومات نفسها عاجزة عن تأمين احتياجات الغذاء والدواء لفترة 15 يوماً.
الوقود مقابل الغذاء
وألمح التقرير إلى أن الارتفاع في أسعار الوقود سيكون له أثر أعمق وأشمل في الخلل في موازين المدفوعات في الدول محدودة ومتوسطة الدخل، مشيراً إلى أن أثر ارتفاع أسعار الغذاء على موازين المدفوعات تزيد مرتين ونصف المرة عن اثر ارتفاع أسعار الغذاء في حالة الدول منخفضة الدخل، بينما ينخفض هذا المعدل إلى مرتين فقط في حالة الدول متوسطة الدخل.
وأكد أن ارتفاع أسعار الغذاء أدى إلى زيادة نسبة التضخم في 128 دولة غير عضو في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بنسبة 5% خلال عام 2006 وبنسبة 8% خلال الربع الأول من عام 2008، بينما تضاعفت نسبة التضخم في أسعار الغذاء من 6% إلى 12% في بعض الحالات.
وأوضح التقرير أن ارتفاع أسعار الغذاء له تأثير في معدلات التضخم اكبر من تأثير الارتفاع في أسعار الوقود بنسبة 5 إلى 10%، نتيجة زيادة الأهمية النسبية لأسعار الغذاء بين مكونات سلة السلع التي تحسب على أساسها نسبة التضخم بالمقارنة مع الأهمية النسبية لأسعار الوقود.د
وتابع أنه على الرغم من أن ارتفاع أسعار الوقود يمكن أن يكون له اثر أعمق واشمل على المستوى العام من خلال ما يعرف باسم «تأثيرات الموجة الثـانية للتضـخم»، إلا أن التأثير الفوري الأكبر في معدلات التضخم يكون نابعاً من الزيادة في أسعار الغذاء.
خط الفقر
وحذر التقرير من أن المناطق الحضرية الفقيرة هي أكثر شرائح السكان تضرراً من الارتفاع في أسعار الغذاء، حيث قال أن متوسط الإنفاق على الغذاء في ميزانية الأسر الفقيرة يفوق كثيراً متوسط الإنفاق على السلع والخدمات المرتبطة بأسعار الوقود.
ولفت إلى أن الأثر التراكمي لارتفاع أسعار الوقود والغذاء سيؤدي إلى رفع نسبة الشرائح السكانية التي تعاني من سوء التغذية إلى ما يزيد على نسبة 40% من إجمالي السكان، وخصوصاً في الدول التي تعتمد بشدة على استيراد الغذاء، ما سيؤدي إلى تسارع وتيرة الاضطرابات السياسية والاجتماعية بسبب ارتفاع أسعار الغذاء.
الأوضاع المالية
ورصد التقرير لجوء العديد من الدول إلى سلسلة من السياسات المالية سواء في ما يتعلق بالمصروفات أو الإيرادات للحد من تأثير ارتفاع أسعار الوقود والغذاء.
وأشار إلى أن التحدي الأساسي الذي يواجه هذه الدول خلال الأشهر القليلة المقبلة يتمثل في إعادة تعريف سياستها المالية لتصبح أكثر كفاءة وفاعلية في مواجهة تقلبات الأسعار.
وأبدى التقرير استعداد صندوق النقد الدولي لمساعدة الدول المتضررة على تقويم التكلفة المترتبة على تعديل سياساتها المالية لمواجهة ارتفاع أسعار الغذاء والوقود دون الإضرار باستقرار الأوضاع المالية.
|