انهيار مفاوضات تحرير التجارة العالمية

دعم المزارعين أدى إلى فشل المفاوضات التجارية.                                        أ.ف.ب

ألقت الصين باللوم على الدول الغربية الثرية «الأنانية» في انهيار أحدث جولة من محادثات تحرير التجارة العالمية، في حين وجهت منافستها الآسيوية اليابان أصبع الاتهام إلى القوى الاقتصادية الصاعدة في المنطقة.


وقالت وكالة أنباء الصين الجديدة «شينخوا» إن المفاوضات في مقر منظمة التجارة العالمية في جنيف انهارت أساسا، لأن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لم يكن لديهما أي استعداد لخفض الدعم الهائل الذي يقدمانه للمزارعين المحليين.


لكن اليابان انتقدت بشدة الصين والهند بصفتهما من القوى الاقتصادية الصاعدة؛ لعدم تحملهما مسؤوليات أكبر في محادثات منظمة التجارة العالمية.


وانهارت المحادثات أول من أمس بسبب الخلاف حول اقتراح لمساعدة المزارعين الفقراء على مواجهة طوفان الواردات.


وأوضحت «شينخوا» أن السبب الأساسي هو أن الدول الغنية مهتمة أكثر من اللازم بمصالحها الخاصة، بينما لا تلقي بالاً لمصالح الدول النامية.


وأضافت أن المسألة ليست فقط أن واشنطن وبروكسل لا ترغبان في مواجهة اللوبي الزراعي لدى كل منهما، وإنما أن الجانبين يفرضان ضغوطا هائلة على الدول الفقيرة لخفض الرسوم الجمركية على الواردات الصناعية، وفتح أسواق الخدمات المالية في تلك الدول على مصراعيها أمام البنوك وشركات التأمين الغربية.


وقالت الوكالة: «هذه الأنانية والسلوك الذي يتسم بقصر النظر أدى بشكل مباشر إلى فشل الاجتماع الوزاري لمنظمة التجارة العالمية، وهو ما سيكون له عدد من العواقب الوخيمة».


واعتبرت أن «الفشل في إحياء المحادثات واقتناص اتفاق تجاري سيثير الشكوك في قدرة المجتمع الدولي على التصدي لقضايا أخرى معقدة مثل التغير المناخي، وارتفاع أسعار الغذاء والطاقة في إطار عمل عالمي».  بيد أن الحكومة اليابانية قالت «إن الصين جانية أكثر منها مجني عليها».


وقال وزير شؤون مجلس الوزراء نوبوتاكا ماتشيمورا، في مؤتمر صحافي أمس: «بصراحة لابد لي أن أتساءل عما إذا كانت كل من الصين والهند يقيمان بدقة كلماتهما وأفعالهما في ضوء مسؤوليتهما ومدى اهتمامهما بالاقتصاد العالمي إجمالا، حيث أنهما يركزان أكثر من اللازم على مصالحهما الخاصة».


وأضاف أن «الهند والصين يتمتعان بنفوذ اقتصادي أكبر مما كانا يتمتعان به عند إطلاق جولة محادثات التجارة العالمية في العاصمة القطرية الدوحة عام 2001».


ولفت إلى أن مسؤولية البلدين تنامت أيضا، وآمل أن تتعامل الصين والهند مع المفاوضات الدولية مثل محادثات منظمة التجارة العالمية على أساس الدور الكبير الذي تضطلعان به الآن في الاقتصاد العالمي.


كما وبخت الصين برفق الهند على الطريقة التي انهارت بها المحادثات فيما وصفه وزير التجارة الصيني تشين ديمنج «بالانهيار المأساوي».


وأعرب تشين عن أسفه لانهيار المحادثات بسبب خلافات بين دولتين، في إشارة إلى الولايات المتحدة والهند حول اقتراح لمساعدة المزارعين الفقراء على مواجهة ارتفاع الواردات، وذلك رغم ما وصفه بمرونة من جانب الصين في عدد من المجالات التجارية.


وأضاف أن «الصين أبدت استعدادا لقبول حل وسط بشأن اقتراح يقيد قدرة الدول النامية على حماية قطاعات صناعية بكاملها من انخفاض الرسوم الجمركية، وأنها أشارت إلى استعدادها لتحرير بعض قطاعات الخدمات».


وقال إن «بلاده مستعدة لتعزيز علاقاتها الثنائية مع دول أخرى أعضاء في المنظمة، خصوصا الدول النامية. إلى ذلك، عبرت المجموعة الإفريقية في اجتماع منظمة التجارة العالمية عن خيبة أملها من فشل المفاوضات ودعت إلى استئنافها بأسرع وقت ممكن.


وقال وزير تجارة ليسوتو بوبان ليبيسا، في مؤتمر صحافي للمجموعة الإفريقية لدى منظمة التجارة العالمية في جنيف، «انه أمر مؤسف ومخيب للآمال أن لا تذهب المفاوضات ابعد من حدود مجموعة السبع، أي القوى التجارية الكبرى (الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، واليابان، والصين، والهند، والبرازيل واستراليا)».


وأكد أن احد عناصر الأزمة الغذائية، أي الدعم، سيستمر في ملاحقتنا، معتبرا أن دورة مفاوضات الدوحة يجب استئنافها في أول فرصة ممكنة. بدوره، أكد وزير الزراعة الفرنسي، ميشال بارنييه، أن بلاده تدعو إلى «اتفاق متوازن» في منظمة التجارة العالمية، متسائلاً عن حدود دور المنظمة على الصعيد الزراعي.


وقال «كان يتعين إبرام اتفاق متوازن» بعد فشل محادثات جنيف، وانتقد رفض الدول الناشئة الكبرى بذل «الجهود» الضرورية بهذا الصدد على حد قوله. وتساءل بارنييه ان كانت منظمة التجارة العالمية تشكل الإطار الأمثل لبحث المسائل الزراعية، وقال: «هل يتوجب أن تقتصر مناقشة الزراعة والأغذية على منظمة التجارة العالمية؟.. أليس هناك اطر أخرى يمكن فيها بحث هذا الرابط بين الزراعة والأغذية من اجل التطور ومكافحة الجوع وإعادة بناء الدول الصناعية الأكثر فقرا؟»، واعتبر انه «تم تدريجيا تناسي الدول الأكثر فقرا».
 

الأكثر مشاركة