يزيد ولا ينقص!!
ثقافة الاستهلاك أصبحت جزءاً لا يتجزأ من شخصية كثير من الأُسر المواطنة، وبهامش تناقض واسع، نسمع الكثير من شكاوى ارتفاع الأسعار، في الوقت الذي نشاهد الكثيرين، وهم يشترون كل ما يحتاجونه، وكثيراً مما لا يحتاجونه.
المشكلة أن هذه الثقافة الاستهلاكية، الزائدة على الحد، ترافقنا في حلنا وترحالنا، وبصراحة أصبح منظر المواطنين وهم يجرّون خلفهم سلات المشتريات مملوءة عن بكرة أبيها، في مختلف محلات الـ«سوبرماركت» في عواصم ومدن أوروبا واستراليا، يثير الاشمئزاز من جهة، ويثير السخرية والتهكم علينا كشعب، ويتضح ذلك بشدة من النظرات والهمسات والتلميحات، فهل كل ما يحمل في هذه السلات يمثل حاجة فعلية، أم أنها العادة والتعود، التي تجعلنا أكثر شعوب العالم إسرافاً!! لسنا مع البخل والتقتير على النفس والأسرة، ولكن المشهد لا يدل أبداً على معاني الكرم العربي، والنخوة والشهامة، بل هو مرادف واضح للإسراف والتبذير ورمي الأموال من دون داعٍ، فسلة المشتريات في مدينة مثل ميونيخ مثلاً، يبلغ سعرها ستة أضعاف سلة الجمعيات التعاونية في الإمارات، وفي مدينة مثل غولد كوست تساوي ثلاثة أضعاف ونصف الضعف، مقارنة بأسعار الإمارات، ومع ذلك فلا بأس إن كانت كلها تُستهلك، سواء في الاستخدام أو في المعدة، أما أن نشتري فقط من أجل الشراء، ومن ثم الرمي في النفايات، فإن المسألة فعلاً تقترب من المرض النفسي، الذي يبدأ عند دخول «السوبرماركت»، وكأننا نرى المنتجات لأول مرة في حياتنا!! الغريب أن «جماعتنا» العرب،يسخرون و«يموتون» من الضحك عند «الكاشير» من المستهلكين الأوروبيين، الذين يقفون حاملين حبة خيار وحبتي بصل وثلاث حبات جزر، بينما هم نافخون ريشهم بثلاث وأربع سلات ضخمة، ولا أدري ما سبب الضحك؟ فإذا كان صحن السلطة لا يتحمل سوى هذا العدد من الطماطم والبصل، فما الداعي للصناديق التي يفسد نصفها قبل الاستخدام؟! أعتقد أن الثقافة هنا لها دور كبير للغاية، فالمستهلك الأوروبي يأخذ حاجته الفعلية فقط، بينما نحن تعودنا على مبدأ «يزيد ولا ينقص»، فنشتري زيادة على حاجتنا الفعلية بثلاثة أضعاف خوفاً من النقصان، ونطبخ من الطعام لثلاثة أشخاص ما يزيد على حاجة السبعة، وللسبعة ما يزيد على حاجة الـ20، وهكذا.. يزيد ولا ينقص!! في حوار مع مسؤول في فندق شهير بنزلائه العرب في غولد الاسترالية، سألته: ما ملاحظاتكم على الأسر العربية التي تتوافد عليكم؟ أجاب: العرب شعب طيب، ولكنّ هناك مشكلتين رئيستين دائماً ما نواجهها في الفندق، هما شقاوة أولادهم، وكثرة نفاياتهم!! لم أستطع الدفاع أبداً، فالملاحظتان في محلهما، وخصوصاً الثانية، فنفاياتنا هي الأعلى على مستوى العالم، حسب قوانين النسبة والتناسب، وبما أن الطبع يغلب التطبع فإننا لا نستطيع التخلص من هذه الميزة حتى في سفرنا وترحالنا، والسبب الرئيس لزيادة النفايات يرجع إلى ثقافة الاستهلاك التي تبدأ من عند سلة المشتريات في «السوبرماركت»!! reyami@emaratalyoum.com
|
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news